جلست لمدة تزيد عن الساعة وأنا أحاول الوصول لحالة من الفهم للأرقام التي ذكرت حول موضوع الخصخصة والتي بدأت منذ عام 1998 ولغاية 2005 ، وهذ أرقام تتعلق بعدد وقيمة الاسهم ونسب حصة الحكومة قبل الخصخصة وبعد الخصخصة والطريقة التي تمت بها عملية البيع على مرحلة واحد أو عدة مراحل ، والفترة الزمنية التي إستغرقتها هذه العملية .
ولكنني وبعد محاولات للفهم وخصوصا فيما يتعقل بسعر السهم وكيفية البيع والشراء وتخصيص حصة منها للمواطنين وغيرهم من موظفي بعض تلك المؤسسات ، من ما سبق وجدت أن البلاد وطوال ستة سنوات الخصخصة وإلى الأن كانت وعلى رأي أخواننا المصريين ( شوربه ) وعلى رأي أخواننا السورين ( حارة كل من ايده إله ) وعلى رأيننا في الاردن ( عرس وغايب فيه العريس ) وعلى رأي ابو العبد الدكنجي الذي عندنا في الحارة ( حكومتنا زي أم العروس فاضيه ملايانه .. وعلى الفاضي ) ، وهناك الكثير من الأمثلة التي يمكن إستخدامها للتعبير عن وضع البلد خلال تلك الفترة وللذين يريدون معرفتها عليهم البحث في موقع جوجل تحت كلمة ( إستهبال الشعب الأردني ) وسيجد الكثير من الأمثلة .
وكل هذه العمليات من البيع للمال العام على شكل أسهم قد تمت ومن خلال عمولات كانت تصرف لناس وناس وتوزع بكل أمانه بين هؤلاء الحرامية ، ولكن الغريب أنهم هؤلاء الحرامية لم يتقاتلوا عند تقسيم مبالغ السرقة ، وهنا يبدو أن المثل القائل ( لم يشاهدوهم وهم يسرقون وسمعوهم وهم يتقاتلون على القسمة ) لم يحدث ، بل بقية الأمور بغاية السرية والكتمان وطوية الملفات وحرقت الأوراق ومسحت الدسكات ولم يبقى للتاريخ من عملية سرقة الوطن الكبرى سوى وجوه مبتسمة وعيون جميله تخرج علينا كل يوم وتقول كلمتها ( الذي عنده إثبات يقدمه ) والقضاء بيننا .
ولكن المصيبة الكبرى هنا أن تلك الفترة الزمنية الطويلة من البيع ونهب الوطن لم نشاهد أي سلطة سواء تشريعية أو رقابية أو تنفيذية قد أعلنت رفضها لما يتم ، وفي نفس الوقت نجد أن هناك العديد من اعضاء مجلسنا النيابي الحالي ومن أعضاء مجلس الأمة ومن الوزراء قد تقلبوا على مقاعدهم لأكثر من مرة خلال تلك السنوات العجاف من تاريخ الوطن ، وإن أية محاولة منهم والأن كي يبرروا مواقفهم السابقة هي محاولة للضحك على ذقن الشعب وكسب الوقت والإعداد لمعركة انتخابية قادمة وقريبة جدا .
وخلاصة قرأتي لتلك الارقام هي أن الوطن قد بيع بأرخص الاثمان وأن اسماك السردين التي ولدت منذ عشرة سنوات أصبحت الأن حيتان وأنا كمواطن لازلت سمكة سردين منذ ولدت وإلى الأن .