رغم جميع الاحداث التي حدثت في الشارع الاردني خلال الاربعة وعشرون ساعة الماضية لم يثر إهتمامي سوى خبر وضع على هامش الاحداث المصيرية التي يمر بها الوطن ، وهو خبر قيام أحد المسؤولين المتنفذين بإغلاق شارع من الاتجاهيين لكون بيته يوجد في هذا الشارع وأنه استطاع هذا المسؤول المتنفذ أن يضع رقيب سير في بداية الشارع ونهايته كي يقوم بتعليم المواطنين درسا بعدم مخالفة قواعد السير التي فرضها هو على الجغرافيا ، ويقوم هذا الشرطي بفرض مخالفة خمسون دينار على كل من يسير بهذا الشارع .
وهنا تنتهي حكاية هذا المسؤول المتنفذ وصاحب الصلاحيات العليا على أمانة عمان وإدارة السير وبالتالي على بقية المواطنين ، إذا اين السر فيما سبق ؟ ، وهو سر صغير وبسيط يقوم على حكاية موروثة منذ عهود قديمة منذ قدم ظهور مصطلح وزير متنفذ وأمين عام وزارة متنفذ ومدير عام متنفذ ورئيس قسم متنفذ ، وكذلك ظهور مستثمر متنفذ وتاجر متنفذ ورئيس بلدية متنفذ ونائب متنفذ وبالنهاية ينفذ هؤلاء القانون كما يريدون هم وليس كما يريد قانون هذا البلد وتشريعاته .
ويبدو أن هذه المسؤول المتنفذ صعب عليه أن تقف حدود تنفذه داخل الوزارة أو المؤسسة التي يديرها ورغب في أن يمتد هذا النفوذ للشارع الذي يسكن به وبالتالي يمارس سلطته المتنفذه على المواطنين من جيرانه وساكني شارعه الذي ورثه مع سكانه عن أبيه أو عمه أو غيرهم من المتنفذين ذوي صلة القرابة أو الصحبة معه .
ولعل المفارقة هنا أن هذا المسؤول المتنفذ ربما لايقراء ما تنشره الصحف والمواقع الاخبارية على أن البلد قد تغيرت بها الكثير من المفاهيم وخصوصا ما يتعلق بعلاقة المسؤول مع المواطن سواء كمراجع للجهة الحكومية أو كمواطن يسكن في بيته الذي يوجد أمامه شارع ، وأكتفى هذا المسؤول المتنفذ بأن أمر الجهة ذات العلاقة بوضع إشارة لوحة مرورية تشير إلى أن المرور ممنوع من الإتجاهين وعلى من يخالف ذلك أن يدفع غرامة خمسون دينار .
والذي نخشاه أن يتخذ مسؤولين أخرين من هذا المسؤول قدوة لهم ويمارسوا نفوذهم على جميع المستويات التظيمية في البلد ، ويأتي يوم ونشاهد لوحات قد وضعت على مداخل الأحياء تشير الى أنه هنا تبدأ حدود جمهورية المسؤول المتنفذ الفلاني ولافتة أخر تشير إلى حدود انتهاء هذه الجمهورية ، وتتحول بلدنا الى كنتونات جغرافية تقسم على مسؤولين متنفذين كما سبق وقسمت أموال البلد من خصخصة وغيره من برامج تحول إقتصادية واجتماعية على عدد من المسؤولين الذين كانوا متنفذين ، ويبقى هناك سؤال بحاجة لإجابة هل التنفذ هو السمة الطاغية على علاقة المواطن الأردني مع كل مكونات الدولة الأردنية ؟