من منظور امني .كشف فشل قوات الدرك في القبض على احمد عويدي ألعبادي لإطالته اللسان على مؤسسة العرش عن حجم الدمار الذي لحق بالمؤسسة الأمنية الأردنية جراء الانشطار المأساوي الذي حدث عقب انفصال الدرك عن الأمن العام .قليلا من التأمل يبين فقدان العمل ألاستخباري الذي يجب ان يمثل الجزء المركزي في التحضير المسبق لعملية المداهمة ومرافقتها .كان على قيادة القوة المجحفلة أن تتأكد ببساطة من وجود الرجل قبل مداهمة منزله .لكن يبدو ان العلاقة ليست تكاملية بين مكونان المنظومة الأمنية الأردنية ،وهي المسألة التي ما كان ينبغي المقامرة بها من قبل .تفكك مؤسسة الأمن ابرز إلي حيز الوجود معضلة رئيسية مرتبطة بخلل التعاون وسوء التنسيق أثناء العمليات التشاركية ،وقد فشلت فيما يبدو جهود القيادات الأمنية المتعاقبة في إيجاد حل ناجع لها منذ سنوات ما يعزز الآراء المنادية بضرورة إعادة دمج الدرك بالأمن العام بغض النظر عن الميول الشخصية وتوحيد قيادة الجهازين.
إذا كان في انفصال الدرك عن الأمن منفعة ففيه أيضا مفسدة .ودرء المفاسد أولى من جلب المنافع حسب القاعدة الفقهية الشهيرة .وكان يمكن إحضار الكهل بالتفاوض او القبض علية بصمت لأنه عاجز عن القفز من الشبابيك وغير قادر المقاومة او تسلق الأسوار .والمهمة سهلة يستطيع انجازها رجال البحث الجنائي والأمن الوقائي دون إحداث ضجة وبكل سهولة ويسر .وتجنب رعب مشهد المداهمة الذي أوقف شعر رؤوسنا وأثار مقاربة شديدة الوضوح بما يحدث بحماه أو بريف دمشق.
على هامش الموضوع فان السجن لن يردع ألعبادي أو يحدث تعديلات على سلوكه، وقد اعتاد ارتياد السجون، وقال ما قال بعظمة لسانه عن سبق الإصرار بعد أن حزم أمتعة السجن .ولم يكن حديثه هفوة أو زلة لسان ،ولو وضعوه في قالب الولاء طيلة عمره لخرج اعوج كما كان.
لكن رب ضارة نافعة فتصريحاته المكررة لم تزد الناس منه إلا نفورا وأفكاره الطائشة فقدت الارتباط بالواقع ويعرفها القاصي قبل الداني ولا يقنع بها إلا نفسه ،ولن تؤثر على سلامة الموسم الإصلاحي أو على ولاء الأردنيين المعتق للعائلة الهاشمية. وقد رأينا كيف انفض الناس من حوله وطرده المتقاعدون العسكريون عندما حاول استغلال تجمعهم للمطالبة بتحسين أحوالهم المعيشية .وكان يظن ان باستطاعته تحريك مشاعرهم بمجرد التفكير في تحريكها