أول الكذب سر صغير .. يا حكومة !

خبر أسعدني هذا الصباح عن زوجان من دولة غير الأردن حول السرفي إستمرار حياتهم الزوجية لأكثر من ستين عاما وهم سعداء ، وكانت الإجابة أنهم لايخفون عن بعضهم اية اسرار وأنهم يجلسون لساعات وهم يتحدثون في مواضيع عدة منها الاقتصاد والسياسة وعلاقات الجيران واجمل الافلام وبالتالي الممثلين والممثلات ، ويقضونها كذلك يسترجعون ايام زمان بكل أيامها الحلوة والمرة .
ونحن في الأردن نتحدث في كل ما يتحدث به هذان العجوزان نحن نتحدث بالسياسة أكثر من حديثنا عن لون ستائر غرف مجالسنا ونتحدث بالاقتصاد أكثر من تحدثنا عن جمالية السماء بعد يوم ماطر ، ونتحدث عن الجيران أكثر من تحدثنا عن أنفسنا ، ونتحدث الافلام والمسلسلات وخصوصا التركية أكثر من تحدثنا على مشكلة إبننا الكبير وقد بدأت تظهر عليه علامات المراهقة .
ولكن الزبدة في قصة هذان العجوزان والسر الرئيسي في سعادتهم نحن لانتحدث عنه ولانستطيع أن نمارسه على أدنى مستويات الاتصال وهي الاتصال الذاتي ، فنحن نخفي عن انفسنا أسرار انفسنا فما بالنا بأسرارنا التي نخفيها عن الأخرين وبالذات أهل بيتنا ، وكم هي عدد حالات الكذب ذات الالوان المتعددة بدرجات الوان الطيف التي نمارسها مع الأخرين فنحن نبرر لأنفسنا ونقنعها أننا تفاجئنا من موقف ما لأنه يفترض بمن إتومن عليه أن يمارس مبدأ السرية في التعامل معه ، وتقوم الدنيا ولاتقعد وبالذات في العلاقات الشخصية التي تفتح بها ابواب الاسرار على طاولة القهوة أو في زواريب حياتنا المجتمعية وبالذات عندما نقول لمن يسمعنا أن هذا الحديث هو سر بيننا .
ونفس الحالة السابقة تمارسها الحكومة مع الشعب فهي تتحدث معه في كل شيء بدأ من السياسة وتفرعاتها من انتخابات نزيهة ومراحل إنتقال للحكومات بالانتخاب وديموقراطية وحرية سقفها السماء ، وفي الاقتصاد تتحدث الحكومة مع شعبها وبلا حرج عن كل حالات الفساد والتغول على المال العام ، وكيف أنها كحكومة ستعمل لنا من البحر مقاثي ونحصدها نحن أوهام ، وتتحدث كذلك مع شعبها عن علاقاتها مع الجيران وترسم لنا من هذه العلاقات لوحات مليئة باللون الاخضر الجميل والسماء الرزقاء .
ولكن الجانب الخاص بعدم وجود أسرار بينها وبين الشعب فهذه منطقة حرام لايجوز لنا أن نشاركها بها وتكتفي بأن تعطي سرها لنفسها ، وتحيط كل إجراءتها بسرية تامة لتكتشف بالنهاية أن حياتها السياسية قد إنتهت وبسرعة وبدون سابق إنذاروينفجر بعدها السر كقنبلة لاتبقي ولاتذر، والسبب يعود إلى انها كحكومة مارست معنا لعبة الاسرار ولم تؤمن بأن سر الحياة الزوجية السعيدة يتشابه بسرالحياة السياسية السعيدة يقوم على محور واحد وهو عدم وجود أية أسرار بين الزوج والزوجة وبين الشعب والحكومة وأن أول الكذب سر صغير!!.