بعد خروجنا من صلاة الجمعة في مسجد حارتنا ، وبعد أن أتحفنا خطيب المسجد بالحكايات السورية منذ تولي الاب الاسد الحكم إلى الأن ومرور بمذبحة حماة وسجن دير الزور ، وحكايات غريبه وعجيبه جعلتني طول فترة الصلاة وأنا أفكر بهدف هذا الخطيب السوري الأصل والهارب من حماة ؟ ، وانتهت صلاة الجمعة وغادرنا المسجد أفواجا .
وكانت المفاجئة أن هناك بائع يقف في صندوق سيارته الديانا ويبيع السمك الملون للمصلين ، الأربعة سمكات بدينار مع كيس من النايلون ابيض به سمكات أربعه ملونه تضرب الشمس كيس النايلون وتخرج منه جميع ألوان الطيف ، وعند البرميل الذي يحتوي السمك وقف حسين هبيلة حارتنا منذ أكثر من عشرين عاما وهو ينادي الاربعة سمكات بدينار ... مشان الله عموا أعطيني واحده أنا ما بدي اربعه .. والبائع لايسمع لحسين ولايلقي له بالا .
وانتهى موسم بيع السمك من أمام المسجد وانتهى الخطيب من السلام على الجميع الذين أيدوه فيما قال واثنوا عليه لأنه عرفهم بمن هم العلويين وما هو أصلهم ،وكيف أنه لم يخطيء ابدا في خطبه بخلاف خطب بقية أيام الجمعع الماضية ، وبقي حسين يطلب من البائع أن يعطيه كيس به اربعة سمكات ، وبدون فائدة إلى أن تكرم عليه أحد المصلين وأشترى له اربعة سمكات من بائع السمك .
وبعد عشرة دقائق وأنا في الطريق للبيت سمعت حسين هبيلة حارتنا وهو يصيح في الشارع .. يا الله يا أولاد السمكه بتنكه ... السمكه بتنكه .. ، أوقفته وقلت ماذا تبيع ياحسين قال السمكه بتنكه .. كيف يا حسين .. عمي السمكه بتنكه وانا معي اربعة سمكات والتنكة المسعتمله ثمنها ربع دينار ...اليوم راح يكون معي دينار أخر النهار .. السمكه بتكنه .. السمكة بتنكه ..
غادرت حسين وأنا اقول لنفسي السمكه بتنكه ..السمكه بتنكه ..إلى أن دخلت البيت وقلت لزوجتي السمكه بتنكه.. السمكه بتنكه ...قالت لي أين كنت يا رجل في المسجد أم في السوق ؟ وقلت لها وجدها هبيلة حارتنا ونحن إلى الأن لم نجدها ..سيبيع السمكة بتنكه وسوف تحتار الأم والأب اين يضعوا السمكة كي يلعبوا بها الأولاد ويكون حسين قد تمكن من جمع أربعة تنكات وبيعهن بدينار كي يشتري به علبة سجائر .. وقبل نهاية اليوم ستكون السمكات قد فارقن الحياة وإنتهت قصة السمكه بتنكه والكسبان حسين هبيلة حارتنا وبائع السمك عند باب المسجد الذي سيتحدث خطيبه الجمعة القادمة بلهجة سوريه صافية ونحن سنترجم معاني كلماته كي نفهم ماذا يقول ؟