لم يمضي على صدور الإرادة الملكية بتعين الدكتور كمال بني هاني لرئاسة الجامعة الهاشمية؛ شهر واحد ، لتدخل الجامعة انتخابات مجلس الطلبة مع بداية شهر آذار 2012، وفي هذا بداية حسنة نثق بان يقودها بني هاني بكل حيادية، كما يريد جلالة الملك بان يصبح الجامعي نموذجا للتعاطي الديمقراطي في نوعية طرح المؤهلين لهذه المهمة وطريقة الانسجام بأحكام النتائج سيما أن الجماعة كانت تعاني من المصادرة للحرية الطلاب وكان لنا نقدا واسعا على ما يحدث بها بالحريات الطلابية بالرغم من اعترافنا بمستواها العلمي العالي ولكننا نبحث عن ازدواجية صناعة الطالب علميا وتأهيله مجتمعيا وسياسيا .
ما نأمله من الدكتور بني هاني يفوق ما كنا نطالب به للصروح العلمية الجامعية في لمحافظات والتي لا يجب أن ينتهي دورها في التدريس فقط بل ، في دراسة الأجواء المحيطة بقدرات الجامعة العلمية، فهو قادم من مرجعية علمية نفخر بها بالوطن، وهو من قلة قليلة ضحى بنصف دخله المادي لقيادة الجامعة الهاشمية ، فقد نقص راتبه إلى النصف و سمعت أن خسارته الشهرية تقارب الخمسة آلاف دينار بعد أن جاء من جامعة العلوم والتكنولجيا إلى الهاشمية وكان يعمل في مستشفى الملك عبدالله ويدرس في جامعة التكنولجيا وأمام هذه التضحية لدينا ثقة كبيرة لإنهاء جدليات علمية وطلابية باتت مستفحلة و أجد شخصيا أن الجامعة الهاشمية نموذج يجب أن تكون نموذجا لطموحنا التعليمي.
الدكتور كمال بني هاني يحمل شهادة الدكتوراه في من جامعة ليدز في بريطانيا، بعد أن تخرج من جامعة بغداد في عام 1984 وبعد ثلاثين عاما كطبيب وأكاديمي لديه اليوم خبرة واسعة في الاستراتجيات التعليمية والبشرية، فهو قريب من عنصرين مهمين في المجتمع أولهما الأزمة الصحية و الطبقة الإنسانية الأهم والتي تشغل الباحثين في التطور وهم فئة الشباب –الطلاب- .
أثق كثيرا بالدكتور كمال بأنه سيحمل التغيير وينهي ما علق في العمل الأكاديمي والطلابي طول سنوات، فقد قض ثلاثة أشهر كرئيس لنفس لجامعة بالوكالة وهذا اثبت انه لم يقفز على الرئاسة من خارج الجدران، و عبر امتحان تقيمي وثقة عالية منحت إليه، عبر ثلاثة أشهر وإذا توفرت لديه الخبرة العلمية والعملية للتغير وهنا أنا لا أمارس لغة إنشائية لرئيس حديث لجامعة بل ما أطالب بإنقاذ الصروح العلمية التي لا تنتهي مهمتها فقط لوهب شهادات للعمل.
وأمام رئيس ضحى بنصف دخله المادي حتى يقود صرحا علميا مميز أردنيا وعربيا ويمتلك الحس الإنساني كطبيب والعلمي كأكاديمي وكلاهما مهم لقائد تعليمي، فان أول الحاجات التي تشكل عائقا لدى هذه الجامعة وهي المواصلات المشكلة التي تتراكم منذ سنوات على طلاب الجامعة، وتشكل لهم معاناة يومية.
ويأتي بعدها أهمية الجامعة الهاشمية في محافظة سكانية مجهولة الهوية السياسية ، وبالرغم من وجود جامعتين في المحافظة، إلا أن الدراسات للبيئة المحيطة حسب معلوماتي ضئيلة، والطلابية لم تفد هذه المحافظة جيدا، ولم نخرج بدراسات فعالة تؤثر بتطوير وتنمية محافظة توسعت سكانية بشكل خرج عن المد الطبيعي ، وكذلك تعتبر منكوبة بيئيا وهنا هل سيكون للدكتور الطبيب دور في اطلاع الوطن على ما يحدث في هذه المحافظة وهذا ليس عمل مجتمعي بل هو في صلب اختصاص جهة أكاديمية يمكن أن ننقل علومها الإنسانية إلى تجريب مباشر فالزرقاء عبارة عن مختبر واسع بأجوائها البيئية وهذا سهل لجامعة مثل الهاشمية إن وجدت النية.
وأمام الربيع العربي بات سؤال هوية الشباب وقراءة حوائجهم المتغيرة والمتسارعة والمتضاربة والناتجة عن صناعات الكترونية ووسائل تواصل تؤثر في نمطهم الحياتي من الممكن أن نقرأهم أولا ونستوعب ونظم مايريده الشباب العربي، وندربهم على التجمع المعقول والتحاور البشري عما يحدث داخل الانترنت حتى نتمكن من التعاون معهم في نبذ السلوكات غير المقبولة، والاستفادة من ثورتهم الفكرية الحديثة، وتخليصهم من بعض الآفات وخاصة العنف ، و الانحياز للدوائر القبلية، ،ولا ابلغ إن قلت إن التغيرات الحديثة تحتاج أيضا إلى صناعة نقلة في دراسات العلوم الإنسانية والبشرية والنفسية والمجتمعية.
على أن يكون هؤلاء النخب الطلابية قياديون علميون وسياسيون يصنعون مستقلا ديمقراطيا يؤمن بفرص العمل والبناء المعقول، ونبذ التفرد بالرأي ورفض الآخر وإمام استحقاقات انتخابية وقدرات علمية وطلابية منوعة ومنسجمة أظن ان الدكتور كمال بني هاني قادر في هذه الظروف الصعب أن يضعنا أمام تجربة تخرج فقط عن التميز الاكادبمي. فالنجاح اليوم ليس علميا فقط بقدر مدى صناعة جيل مؤثر ومؤهل للمجتمع.