زاد الاردن الاخباري -
البرلماني البريطاني ينفي أن تكون مصر أبلغت القافلة قرار منع دخول نويبع قبل انطلاقها
* لا أحد غيري وغير حماس طالب بتحرير البرغوثي من أسره
* الشعب العربي الفلسطيني لن يرحم أي جهة داخلية أو خارجية تساهم في وضعه المأساوي
* يجب العمل بشكل أكبر لإبقاء الأعين مسلطة على مجرمي الحرب الصهاينة
حاوره: محمد الكيالي
وجه البرلماني البريطاني جورج غالوي باسمه وباسم قافلة "شريان الحياة 3" شكره إلى الأردن ملكا وحكومة وشعبا على حسن استقبال القافلة وعلى التسهيلات المقدمة لها.
وقال غالوي في مقابلة خاصة مع "الغد" إن الدولة الفلسطينية "بعيدة المنال والقضية محاطة بأشخاص لا يملكون القرار".
مؤكدا أن مشكلته خلال سعيه للدفاع عن القضية الفلسطينية ليست مع اللوبي الصهيوني بل مع العرب أنفسهم.
وعُرف غالوي بمواقفه المؤيدة للقضايا العربية، وبخاصة القضية الفلسطينية التي بدأت علاقته معها منذ العام 1974 عندما التقى أحد النشطاء الفلسطينيين، وفي العام 1980 كان له يد في إقامة التوأمة بين مدينة داندي الاسكتلندية التي ولد فيها ومدينة نابلس في الضفة الغربية، وعلى إثر ذلك سرى قرار المجلس البلدي برفع العلم الفلسطيني على دار البلدية، حيث كانت تلك أول مرة في أوروبا والعالم الغربي يرتفع فيها العلم الفلسطيني على مبنى مؤسسة عامة.
وأسس منظمة عالمية تحمل اسم "تحيا فلسطين"، يدعو من خلالها إلى تحرير الأرض الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وقد دفعه حبه لفلسطين وشعبها، إلى الوقوف مع قضايا المظلومين والمحتلة أراضيهم، ومن يمارس ضدهم عدوان بشع منذ أكثر من 61 عاما، كما دفعه إلى تنظيم أكثر من حملة للتضامن مع الشعب الفلسطيني للاحتجاج على العدوان الإسرائيلي الدائم ضده، والذي ألحق به عشرات آلاف من الشهداء والجرحى والمشردين في كافة ارجاء الكرة الأرضية.
وفي إطار تضامنه مع قطاع غزة الذي عانى من عدوان إسرائيلي منذ سنة أدى الى استشهاد أكثر من 1500 شهيد وجرح نحو 5 آلاف فلسطيني آخر، نظم غالوي قافلة دعم ومساعدة أسماها "شريان الحياة" في نسخها الثلاث مع مئات الناشطين الغربيين والعرب، وهو الآن بصدد الوصول إلى قطاع غزة مع "شريان الحياة 3" ضمن محاولاته لفك الحصار عن قطاع غزة وشعبه.
ويرى غالوي أنه رغم المشاكل الكثيرة التي اعترضت القافلة، إلا أنها تصر على الوصول إلى القطاع وتقديم الأمانة التي يحملونها من ملايين الأوروبيين، مشيرا في نفس الوقت إلى أن مجرمي الحرب الصهاينة سيقعون في يوم من الأيام خلف قضبان المحاكم.
السياسي البريطاني أعرب عن تعلقه بالقضية الفلسطينية منذ زمن بعيد، لإيمانه بصدق القضية وأحقية الشعب الفلسطيني بأرضه التاريخية، وهو متزوج من الأكاديمية الفلسطينية أمينة أبو زيّاد منذ العام 2000 وله طفل منها يبلغ من العمر عامين ونصف العام.
ويعتقد غالوي أن إصرار مصر على عدم استقبال القافلة من ميناء نويبع، يعتبر تحديا له، وهو سيمضي قُدما نحو ميناء العريش ولن يرهقه مع مرافقيه أي شيء ولن توقفه الحدود العربية و"العراقيل السياسية".
وفيما يلي نص الحوار:
* من أين أتت فكرة قافلة "شريان الحياة"؟ وكيف تم العمل على إطلاقها؟
كنت دائما على يقين بأنني أريد القيام بشيء من أجل فلسطين، لكنني كنت أتساءل في قرارة نفسي وأقول "ما هو القادم؟".
ولكوني اعتبر نفسي طالبا في مدرسة الحرب الأهلية الإسبانية التي قامت في الفترة بين (1936 – 1939)، حيث كان العديد من الناس يأتون من مختلف دول العالم للمشاركة في الحرب والدفاع عن إسبانيا وحريتها واستقرارها، وكان الفرنسيون يقولون وقتها "ساعدوا إسبانيا"، من هنا جاءت فكرة تأسيس منظمة عالمية تم اشتقاق اسمها من هذا المعنى وكانت منظمة "تحيا فلسطين".
وجاء مفهوم اسم القافلة من هنا، وحينها بدأت أفكر بقيادة قافلة "شريان الحياة" إلى غزة، والتي تهدف إلى بث الدماء من جديد في شرايين غزة وبث الروح فيها.
وخلال أربعة أسابيع، تمكنت من جمع مئات البريطانيين المشاركين في القافلة، والعشرات من السيارات والعربات وآلاف الأطنان من المساعدات والأدوية التي يحتاجها الشعب في غزة.
وأدركت بعدها أن العديد من المشاركين في الكثير من الدول العربية يرغبون في المشاركة، وتمكنت القافلة من جذب الانتباه العالمي لأهدافها النبيلة، لأنها ليست مجرد كلام وإنما هي أفعال من خلال قطع آلاف الأميال وتحمل مشقة السفر للوصول إلى الهدف الأخير.
أشبه هذا الأمر، بوضع علم كبير في وسط الصحراء، والمشاركون يتسابقون للوصول إليه، وكان لدينا بعد القافلة الأولى التي انطلقت من اسبانيا، قافلة "شريان الحياة 2" انطلقت من نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية في تموز (يوليو) الماضي وهذه القافلة هي الثالثة.
وأذكر أن المشاركين من جنوب إفريقيا والتابعين لمنظمة "تحيا فلسطين" قدموا من مختلف مدن البلاد، وأعربوا عن استعدادهم التام للتوجه إلى القاهرة والاعتصام هناك حتى تسمح الحكومة المصرية للقافلة بالدخول الى قطاع غزة المحاصر والذي يعاني آلاما وعذابات لا مثيل لها أمام انظار الدول والحكومات في العالم، ولا يجد دعما ومساندة الا من شعوب العالم.
*بالإضافة إلى رفض مصر دخول القافلة عن طريق نويبع وإصرارها على استقبالها عن طريق ميناء العريش، ما هي المشاكل الأخرى التي اعترضت القافلة حتى الآن؟
- كل قافلة في العالم لديها مشاكلها الخاصة، لأنها تتحرك ضمن عدد كبير من المشاركين والعربات والشاحنات لمسافات طويلة.
يمكن أيضا أن تكون هناك مشاكل مع المشاركين في نفس الوقت، لأنها تتكون من عدد كبير من الجنسيات وثقافات مختلفة ولغات أيضا كثيرة.
المصاعب أيضا يمكن أن تكمن في كيفية تأمين طعام يناسب الجميع، لكنها ليست معضلة لأن الجميع معنا تعودوا وتأقلموا على جميع الظروف.
هناك أيضا مشاكل مالية، لكن القافلة عليها المسير والتقدم لأن هناك حصارا شديدا على شعب تعرض لعدوان وما يزال يعاني، ولو لم يكن هناك حصار، فحينها لا داعي للقافلة.
*كيف تتجلى ضغوطات اللوبي الصهيوني في العالم على مسيرة القافلة وأهدافها؟
- دعني أكون صريحا معك، هذه القصة تعتبر أصغر المشاكل بالنسبة لي، مشكلتي ليست مع اللوبي الصهيوني مشكلتي مع العرب أنفسهم، حيث إن هناك 300 مليون عربي حول العالم، و2 مليار مسلم، 6 ملايين إسرائيلي، وملايين اليهود، وملايين الفلسطينيين في فلسطين والشتات، وفلسطين قضية عالمية، ولها حدود مع أكثر من دولة.
في العالم العربي هناك مشاكل كثيرة تضايقني، واللوبي اليهودي لا يشكل أي تأثير علي ولا يهزني من الداخل، العرب وخصوصا حكوماتهم يتكلمون كثيرا ولا توجد من طرفهم أفعال للأسف، وبغياب الأفعال يبقون بعيدين عن الواقع.
لدي ارتباط بالقضية الفلسطينية منذ 35 عاما، وأنا في البرلمان منذ 22 عاما، ولمدة 18 عاما لم يكن في دائرتي حتى شخص واحد من المسلمين، وفي السنوات الخمس الأخيرة أعيش في منطقة تقطنها أغلبية مسلمة.
* كيف حاول اللوبي الصهيوني تشويه صورتك عالميا والإساءة إليك؟ لاسيما في ظل شائعات قديمة بأنك تقاضيت هدايا وأموالا من الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وقصة كوبونات النفط التي أشيع وروج أنك حصلت عليها من النظام العراقي السابق؟
- في الحقيقة، الأشخاص الذين قاموا بنشر هذه الإشاعات هم أصلا أشخاص عراقيون وهم لعبة في يد الولايات الأميركية، فأحمد الجلبي وهو مليونير، أتى بثروته بطرق غير مشروعة، وأمثاله من ينشرون هذه الإشاعات، أنا أحب العرب لكن البعض منهم يكرهونني، فماذا أفعل؟!.
*القضية الفلسطينية تمر في مرحلة صعبة، فهناك الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، وهناك حصار دائم على قطاع غزة، ومسيرة التسوية لا تتحرك، برأيك ما هي آفاق الحل؟ وكيف تقيم الوضع الفلسطيني؟
- القضية الفلسطينية من وجهة نظري تمر الآن بمرحلة عصيبة وصعبة، وهي محاطة بعدد من الأشخاص والسياسيين الذين لا يملكون القرار الفلسطيني، بل هو أصبح الآن بيد أميركا وإسرائيل ودول أخرى.
إن المجزرة الأخيرة التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، حين كانت القنابل وأسلحة الدمار الإسرائيلية المتعددة تدك جميع أنحاء القطاع، وأدت إلى مقتل أكثر من 1500 فلسطيني وفلسطينية وجرحت آلافا آخرين، وشردت مئات آلاف من المواطنين والأسر الفلسطينية، جعلت الناس ييأسون من حل القضية ومن أن التسوية السياسية ستؤدي الى نتيجة.
لقد وصل الاعتقاد لدى عدد كبير من الفلسطينيين واصدقائهم ومناصريهم في الوطن العربي والعالم جراء ذلك الى أن القضية دخلت في متاهة وتاهت عن خط سيرها المرسوم مسبقا.
لا نستطيع العودة إلى الخلف، لكن حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين ترى انها قادرة على السير في الإتجاه المعاكس وتحقيق المبتغى، ومن هنا، فإنني أعتقد أن المفاوضات الفلسطينية - الفلسطينية يجب أن تحقق نتائج إيجابية في المستقبل القريب.
وعلى سبيل المثال، أعتقد ان المناضل الاسير مروان البرغوثي هو شخصية يجب ان يتم تحريرها من السجون الإسرائيلية. أذكر أن لا أحد غيري وغير حماس طالب بتحرير البرغوثي من سجنه، وأنا على يقين في أنه رجل يتمتع بكاريزما خاصة به ولديه إمكانات تساهم في التخفيف من حدة الاختلاف الداخلي. البرغوثي رجل يستطيع أن يخفف حدة الانشقاق بين حماس وفتح، وهو يمتلك مؤهلات الرئيس المقبل والزعيم، ويمكن أن يكون الجسر بين الأطراف المختلفة في فلسطين وبالذات بين القطبين فتح وحماس.
نحن بعيدون جدا عن دولة فلسطينية مستقلة، انا كنت من مناصري الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات وأيدته في كثير من مواقفه، لكنني لا أرى ان هناك في المستقبل القريب دولة فلسطينية ولا رئيسا واحدا متفقا عليه، ولا وزراء ولا شيئا محددا.
يجب أن نتوقف مبدئيا عن الحديث عن دولة فلسطينية، ويجب أن نوجه انظارنا إلى الداخل ونعمل على رتق حدة الانشقاق بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة، وعلينا ان نعمل على إحلال السلام في فلسطين، وتقريب المسافات بين الضفة الغربية وقطاع غزة من جميع النواحي، لأن استمرار الانشقاق والخلاف قد يؤدي إلى غياب فكرة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفي نفس الوقت سيؤدي ذلك إلى اتساع الهوة بين الفصيلين حماس وفتح.
لا يوجد حاليا مستقبل واضح للدولة، ولا أعني بذلك أنه لن تقام، بل أنه في ظل هذه الظروف ليس هناك بوادر إيجابية (...) نحن نريد فلسطين من النهر إلى البحر، لكن إسرائيل لا تريد ذلك ولن تقبله وستعمل على محاربة أي فكرة تكون لصالح القضية الفلسطينية.
على الجميع العمل، وخصوصا فتح وحماس على إعادة اللحمة، والاتفاق على موقف واحد، من أجل تحقيق الهدف المنشود. إن استمرار الوضع على حاله غير مقبول، والشعب العربي الفلسطيني لن يرحم أي جهة داخلية أو خارجية تساهم في وضعه المأساوي. أن تبادل الاتهامات بين الفصيلين حول المسؤولية عن الوضع الراهن لن يفيد. يجب ان يبادر الجانبان لانهاء الخلاف ومواجهة الظروف الصعبة والعمل من أجل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
*كانت الحكومة المصرية قد أبلغتكم، قبل أن تنطلق القافلة من بريطانيا أنها لن تمر من نويبع، وأنها لن تسمح بذلك، بل من العريش؟ لماذا قررتم المرور من العقبة عن طريق نويبع. وما هي آخر نتائج المفاوضات مع الحكومة المصرية بخصوص مرور القافلة الى قطاع غزة؟
- في الحقيقة، فإن المفاوضات ما تزال مستمرة لغاية الآن، وليس صحيحا أن مصر أبلغتنا بأنها ستمنعنا من دخول نويبع منذ البداية، أنا لدي الرسالة، التي تقول إننا سننطلق من لندن في السادس من الشهر الحالي، وسننطلق من مدينة العقبة في الخامس والعشرين من نفس الشهر باتجاه نويبع لنكون في غزة في السابع والعشرين من الشهر نفسه.
والآن تقول لنا مصر أنه يجب علينا التوجه إلى ميناء العريش، ونحن لا نستطيع العودة إلى هناك بسهولة، لقد قطعنا آلاف الأميال، والآن تريدنا مصر أن نعود أدراجنا إلى سورية والتوجه إلى العريش.
لا يوجد هناك سبب مقنع من وجهة نظرنا لموقف الحكومة المصرية، التي تمنعنا من دخول نويبع، والأمر الآخر أن الرسالة هي معي، ولا أستطيع أن أطلع أحدا عما فيها، وفي الرسالة شروط الرحلة والدخول إلى قطاع غزة والأتراك يعلمون بذلك أيضا. ومع أننا حاولنا من خلال الاتصالات العديدة التي قمنا بها وقام بها نواب ومسؤولون أتراك ونواب بريطانيون الا أن الحكومة المصرية مصرة على موقفها حتى الآن.
* الحديث يطول عن الجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر على حدودها مع قطاع غزة، ما رأيك في هذه الخطوة المصرية. وإلى أين يمكن أن تجر مصر نفسها بهذا العمل؟
-لا أريد التعليق قبل أن أدخل إلى قطاع غزة. وأنت تتفهم حساسية هذا الأمر، وخصوصا أن قافلة شريان الحياة 3 تسعى جاهدة للوصول الى القطاع، وتقديم المساعدات لأهله المحاصرين، وتسليط الضوء على الحصار وقبله العدوان الإسرائيلي ونتائجه المدمرة على الشعب الفلسطيني الذي برغم كل ما يواجهه، يتحمل الألم ويصبر من أجل قضيته العادلة. وسيفك هذا الحصار مهما اشتدت ومهما بلغت قسوته، فالفلسطينيون شعب جبار وقوي وباستمرار يواجه الاحتلال وعدوانيته وظلمه، وسينتصر عليه.
*العديد من دول العالم ومن بينها الدول العربية قدمت تسهيلات للقافلة؟ كيف ترى دور الأردن في هذا الخصوص؟ كيف كان الاستقبال الشعبي والرسمي؟ وهل أنت راض عن هذا الاستقبال؟
- منذ وصولنا الأردن عبر المركز الحدودي جابر، قادمين من سورية، رأيت ما لم أكن أنتظره، فقد كان الرجال الأردنيون ونساؤهم وأطفالهم، وشيوخ الكرك ومعان والعقبة يقدمون لنا المساعدات محتفلين بنا في كل مكان ومرحبين بالقافلة والمشاركين فيها. والآن ونحن في العقبة وجدنا ترحيبا من المواطنين والمسؤولين ومن الشركات والفنادق.
الأردنيون يتسابقون لتقديم كافة المساعدات لنا، فمنهم من يقدم لنا الطعام، ومنهم من فتح بيته لاستضافة أعضاء القافلة، ومنهم من يقدم الشاي والقهوة. يوميا لنا لقاءات مع المواطنين، وهناك من يسعى للانضمام الينا والذهاب الى القطاع، وهناك من قدم المساعدات لنحملها، ونوصلها الى الفلسطينيين في القطاع. القافلة وجدت ترحابا كبيرا في كافة مراحلها التي قطعتها في الأردن. وهذا ليس غريبا عن الشعب العربي الأردني.
أنا أشكر جميع الأردنيين، وأوجه شكري عن القافلة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي قدم لنا كل التسهيلات، وأشكر رئيس الوزراء سمير الرفاعي ووزير الداخلية نايف القاضي، وكافة الأجهزة الأمنية والشرطية الأردنية التي سهلت لنا طريقنا منذ دخولنا الحدود السورية الأردنية إلى هنا في العقبة.
سكان العقبة لهم الشكر أيضا لأنهم تعاملوا معنا كأننا أفراد منهم، وقدموا لنا الطعام والدعم، حتى إن الكثير منهم فضل عدم الاحتفال بعيد الميلاد المجيد وقضوا وقتهم معنا في ساحة مجمع النقابات المهنية في العقبة، ونحن في القافلة لن ننسى ذلك أبدا.
* قبل أسابيع مضت، صدرت في لندن مذكرة اعتقال بحق زعيمة حزب "كاديما" الإسرائيلي، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، لكنها تمكنت من الفرار إلى إسرائيل، كيف تقيم هذه الخطوة من طرف الحكومة البريطانية؟
- أود أن أقول إن مذكرة الاعتقال لم تستهدف تسيبي ليفني فحسب بل هناك إشارة في المذكرة إلى أسماء تسعة وزراء إسرائيليين سابقين وحاليين لا أريد أن أذكر أسماءهم، لكننا رأينا طريقة مخزية في الاعتذار من قبل الحکومة البريطانية وبالذات من قبل رئيس الوزراء غولدن براون، وأنا لا أتخيل أن الحكومة البريطانية تعتذر لمجرم حرب لأن المذکرة كان أصدرها قاضٍ مستقل يعمل في محكمة مستقلة.
بالرغم من كل ذلك، أنا أعتبر أن هذه المذكرة وإصدارها، نجاح كبير للحقيقة ولفلسطين ولشهدائها، وهي لحظة تاريخية ونقطة تحول في العلاقات الإسرائيلية البريطانية.
*الحكومة البريطانية والبرلمان البريطاني تحركا لإدخال تعديلات قانونية تحد من القدرة على محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين في لندن، ما الذي يحصل هناك برأيك؟ وهل يمكن أن ينجح الالتفاف على هذه القضية من قبل مناصري إسرائيل؟
- في بلادنا، لا يمكن لرئيس الوزراء أن يغير القانون أو ان يدخل تعديلات عليه، فقط يحق ذلك للبرلمان وحده، وأنا لا أؤمن بأن الأغلبية فيه يمكنها ان تغير هذا القانون كما أنه لا يوجد متسع من الوقت لإعادة التعديل.
ومن هذا المنطلق، فإنه لا يوجد شيء يمكن الالتفاف عليه من قبل مناصري اسرائيل في بريطانيا، لأن الأمور تسير كما هي عليه، دون أي إجراءات جديدة.
القوانين العالمية بحق مجرمي الحرب في مختلف دول العالم تطبق، ومن هنا يجب العمل بشكل أكبر لإبقاء الأعين مسلطة على المجرمين الصهاينة لينالوا عقابهم.
* مجرمو الحرب الإسرائيليون، وبعد مرور عام على مجزرة قطاع غزة، هل يمكن أن يهربوا من العقاب والمحاكمة عالميا، رغم ان تقرير القاضي ريتشار غولدستون أدانهم؟ ولقد تبنى تقريره مجلس حقوق الانسان التابع لمنظمة الامم المتحدة. لماذا يتمكن الإسرائيليون دائما من تجاوز العقاب الدولي، على عكس العديد من الاشخاص الذين يتم القاء القبض عليهم ومحاكمتهم؟
- إن تقرير القاضي غولدستون يعتبر تقريرا نال الاحترام في بريطانيا، وهو يدين مجرمي الحرب، وبريطانيا تعلم ذلك.
وإذا أفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ارييل شارون من غيبوبته، فعلى الفلسطينيين أن يتأكدوا أنه سيوضع في المكان المناسب وسيحاكم على ما اقترفه من جرائم حرب ضد الفلسطينيين على مر السنوات وضد الإنسانية.
أود ان أقول إن الحكومة البريطانية تعلم جيدا ما يقترفه القادة السياسيون في اسرائيل من انتهاكات في حرب قوات الاحتلال الاسرائيلي على الفلسطينيين، لكن يجب ان نعلم ايضا ان هناك أذرعا أخرى فيما يحصل في فلسطين من دول وقوى عالمية أخرى.
* أنتم في الحملة العالمية لمناصرة قطاع غزة والشعب الفلسطيني، أين تتجه جهودكم لمحاكمة مجرمي الحرب الاسرائيليين؟
- لن أجيب على هذا السؤال حاليا، لكن الأمور ستتوضح أكثر في الأيام المقبلة بالنسبة للجميع. هناك جهد كبير نبذله، وسنوضحه في الوقت المناسب.
* هل هناك مشاركة عربية واسعة من قبل الدول العربية. نلاحظ غياب المشاركة الخليجية ودول المغرب العربي في قافلة "شريان الحياة 3". هل هناك أسباب لهذا الغياب؟
-حين انطلقت قافلة "شريان الحياة 1" من إسبانيا، حطت رحالها بطبيعة الحال في المغرب، وقد قام المتبرعون من دول المغرب العربي وهي المغرب والجزائر وتونس بتقديم المساعدات والتسهيلات للقافلة للوصول إلى قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى نجاح القافلة والتي كانت مفتاحا للقوافل التي تلتها.
وبالنسبة لدول الخليج، فإنهم أبدوا استعدادهم لمساعدتنا، وكانوا بانتظار أي طلب من طرفنا لكننا نقوم برحلة طويلة والوصول إلى الدول الخليجية والمرور بها يتطلب منا مسافات أطول وإهدارا للوقت أكثر.
أنا استمعت إلى الكثيرين من أبناء دول الخليج واستمعت لرغباتهم الكبيرة للمشاركة في القافلة، وهذا الأمر يدل على أن الشعوب العربية كلها تشعر بالقضية الفلسطينية على عكس بعض قادتها.
أتينا في هذه الحملة من 18 دولة أوروبية وعربية، نسير في قافلة من 500 مشارك و160 سيارة بين كبيرة وصغيرة، لذا علينا أن نوصل هذه الأمانة التي معنا إلى مستحقيها في قطاع غزة مهما كلف الأمر، ولو بقينا أمام غزة أشهرا طويلة.
*كيف يتحمل المشاركون في القافلة الظروف الصعبة التي تواجههم وطول المسافة والعقبات التي تعترض طريق القافلة؟
- منذ انطلاق القافلة والمشاركون فيها يتطلعون الى تحقيق هدفها، والمتمثل بالوصول الى القطاع المحاصر وتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني هناك. وقد شاهدتم عندما وصلوا الى مجمع النقابات المهنية في عمان بعد رحلة طويلة. كيف كانت معنوياتهم عالية. وما تزال معنوياتهم عالية هنا في العقبة، فهم يوميا يجتمعون ويتحدثون عن القضية الفلسطينية وعلى ضرورة التغلب على كافة العقبات لتحقيق الهدف. ولم يتعب أحد بالرغم من وجود كبار في السن معنا. المعنويات ترتفع مهما كانت العقبات فالهدف نبيل، والجميع مؤمن بضرورة تحقيقه. لذلك فإننا نتغلب على المشاكل بالصبر وبالتعاون، ويساعدنا بذلك هذا الشعور الأخوي الذي لقيناه في كل مكان حطت به القافلة، وبخاصة في الاردن، ولقد كان للنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني الأردنية والمواطن الاردني في كل مكان تنقلت فيه القافلة دور في شد أزرها ورفع معنوياتها.
الجميع في القافلة يؤكدون انهم مستعدون لتحمل الصعوبات مهما كان حجمها ومهما طال الوقت، ولكنهم يرغبون بالوصول الى غزة في أقرب وقت، ليكون وصولهم في هذه الأيام إشارة واضحة لرفضهم للعدوان الاسرائيلي في الذكرى السنوية الأولى للهجوم على القطاع.
الغد