زاد الاردن الاخباري -
أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن معالجة ظاهرة العنف المجتمعي تحتاج إلى نظرة شمولية وجهد كبير من جميع الأطراف، داعيا جلالته الى تعزيز منظومة القيم المجتمعية بدءاً من الأسرة والمدرسة والجامعات، بما يقوي النسيج الاجتماعي ويحمي الوطن ومنجزاته ومكتسباته.
ووصف جلالته خلال اجتماع اليوم الاحد، ضم عددا من الشخصيات الوطنية لبحث ظاهرة العنف المجتمعي والتي زادت في الفترة الاخيرة لاسيما في الجامعات، بأن هذه الظاهرة مقلقة لكل مواطن أردني، وتهدد قيمه النبيلة.
واعتبر جلالته أن" ما نشهده اليوم من تجاذبات اصبح يشجّع على وجود بيئة غير صحية، تعمل على تراجع مستويات الثقة بين أفراد أسرتنا الواحدة، وتعزز مشاعر الكراهية بين الناس".
ولفت جلالته إلى أن الخلل الذي يسببه العنف الأسري وعنف الجامعات وشغب الملاعب، وكذلك الاعتداءات على الموظفين، هو نتيجة تراجع منظومة القيم التي "تجمعنا كأردنيين، والتي كانت منذ نشأة الدولة الأردنية أساس هويتنا الوطنية ورمز وحدتنا".
ودعا جلالته المؤسسات التعليمية، خصوصا في الجامعات، إلى تفعيل دورها في تعزيز منظومة القيم وتوضيح مخاطر العنف المجتمعي على مسيرة الوطن.
وقال رئيس الوزراء عون الخصاونة إن الحكومة ستقوم بدراسة الأبحاث التي أجراها خبراء اجتماعيون وأكاديميون لمعالجة ظاهرة العنف المجتمعي لتبني حلول عملية للتصدي لهذه الظاهرة.
وأكد ردا على ملاحظات المشاركين في الاجتماع ضرورة شعور الطلبة بالعدالة فيما يتعلق بأسس القبول، وقال "إن شعور الطلاب في العدل مهم جدا في بداية حياتهم الجامعية لان غياب العدالة ينعكس عليهم مدى الحياة".
كما أكد الخصاونة أن الحاجة واضحة لإعادة النظر في قانون أصول المحاكمات الجزائية لتسريع المعالجة القضائية للشكاوى وعدم قدرة أعوان القضاء على التوصل لحلول سريعة للمشكلات الأمر الذي يدفع إلى اللجوء للعنف والعشيرة لحل المشكلات.
واوضح رئيس الوزراء أن الفراغ في الجامعات يهيئ البيئة المناسبة للعنف، مؤكدا أهمية العودة إلى التوازن في مدخلات العملية التعليمية بين القيم الروحية والمادية.
وعرض المشاركون في الاجتماع الأسباب التي تقف وراء ظاهرة العنف المجتمعي والجامعي وابرز الحلول للتغلب على هذه الظاهرة التي اجمعوا أنها تتنافى مع الموروث الاجتماعي الأردني ولا تعكس واقع المجتمع.
واعتبروا في مداخلاتهم أمام جلالة الملك ظاهرة العنف في المجتمع "مقلقة وتحتاج إلى احتواء بمعالجة الأسباب وليس معالجة الأعراض الناتجة عنها".
وأكد عدد من المتحدثين أن العنف الذي تشهده الجامعات يعكس عنف المجتمع وهو "ظاهرة شبابية" سببها الإحباط من غياب العدالة وعدم توفير فرص العمل.
وأشاروا إلى تراجع الدور التوعوي والتنويري للجامعات وعدم تحقيق سياسة إصلاح التعليم في كل المستويات أهدافها والتي من أبرزها غياب دور المدارس المسؤولة مع الأسرة عن التنشئة الاجتماعية للطلاب.
وشددوا على أن عدم المساواة في شروط القبول في الجامعات تخلق حالة من الشعور بعدم العدالة وتولد بالتالي اليأس والإحباط وتحفز على العنف المجتمعي.
وقالوا إن ما عمق مشكلة العنف الاجتماعي بشكل عام هو معالجة الأعراض التي تنتج عن الظاهرة وليس معالجة الأسباب التي تؤدي الى نشوئها.
وأكدوا أن غياب الردع القانوني الصارم بحق متسببي العنف المجتمعي وخصوصا الجامعي وعدم التشدد في العقاب والاستجابة إلى الضغوطات الاجتماعية من الأسباب التي أدت الى التمادي في معالجة المشكلات باللجوء إلى العنف.
وأشار المتحدثون من الأكاديميين والخبراء الاجتماعيين إلى غياب النهج الديمقراطي على مستوى بيئة الأسرة والمدرسة والجامعة وبالتالي المجتمع ما يفتح المجال إلى أن يحل العنف مكان الحوار في التعامل مع اي مشكلة تواجه المواطنين والطلاب على السواء.
ودعوا في مداخلاتهم إلى إعادة النظر في أسس القبول الموحد في الجامعات بحيث يكون المعدل هو الأساس في القبول مع ضرورة إلغاء التعامل بالكوتا بين الطلاب ضمانا للعدالة والإنصاف بينهم.
وطالبوا باتباع سياسات متخصصة على المستوى الوطني تضمن زيادة التفاعل بين الطلبة والهيئات التدريسية والاهتمام أكثر بالقيم الروحية للطلاب وتعزيز مفهوم التكافل الاجتماعي بشكل عام.
وأكدوا أهمية الانتقال إلى مجتمع عصري تسوده قيم العدالة وتكافؤ الفرص وقوة القانون والتشدد في العقوبات، خصوصا بحق الطلبة الذين يتسببون في إثارة العنف والمشكلات في المجتمع الجامعي.
وقالوا إن المطلوب إدارة حوار بين إدارات الجامعات والطلبة وتغليب الهوية الوطنية الجماعية على الهوية الفرعية وتنبي مشروع وطني لصهر مكونات المجتمع كافة لضمان خلق مجتمع مدني حيوي يقوم على أساس الكفاءة والعدل.
ودعوا إلى إعادة المنظومة الاجتماعية على أساس الأمن والسلام والمبنية على أربعة مرتكزات هي: الأمانة والعلم والحرية والعدل.
كما دعوا إلى إعادة النظر في الأغاني الوطنية التي تعزز الوحدة والوطنية وتحث على التكافل والتعاضد الاجتماعي وتنبذ التفرقة الوطنية التي تروج لها أغان تتردد كثيرا في المجتمع.
وشددوا على أهمية إعادة تنظيم القطاع الزراعي وزيادة إنتاجيته في الاقتصاد الوطني لأنه " ركيزة في الاقتصاد الاجتماعي الذي تدعو له الدولة".
وقدم المشاركون في الاجتماع دراسات علمية لظاهرة العنف خصوصا في الجامعات ومقترحات لمعالجتها.
وشارك في اللقاء الدكتور صبري ربيحات والدكتور عاطف البطوش والدكتور وجيه عويس والقاضي تغريد حكمت والدكتور محمود السرطاوي والدكتور موسى شتيوي والدكتور علي حياصات والكاتب ابراهيم الغرايبة والطالب الجامعي علي النسور.
وقال رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور موسى شتيوي إن ظاهرة العنف التي نشهدها نتجت عن سلوك عدواني من الطرف الأخر وهي فردية لكنها سرعان ما تتحول إلى سلوك جماعي يلجأ البعض اليه لحل مشكلاتهم بأيديهم دون اللجوء إلى القانون.
وعزا في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا) ازدياد ظاهرة العنف إلى أسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية متعددة من بينها غياب العدالة.
وقال الدكتور شتيوي إن العنف في الجامعات أصبح حالة مقلقة بسبب ضعف الدور التنويري للجامعات والتمييز في قبول الطلبة ما يولد شعورا بعدم العدالة بين الطلاب.
واستدرك أن ظاهرة العنف المجتمعي طالما بدأت تحظى بالاهتمام الرسمي فإنه سيتم التوصل إلى حل جذري لها.
وأكد رئيس منتدى السلط الثقافي الأستاذ في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور علي حياصات أهمية إعادة النظر في أسس القبول الموحد بحيث تعتمد على المعدل في الثانوية العامة وبدون كوتات لتحقيق العدالة بين الطلاب.
وقال لوكالة الانباء الاردنية (بترا) إن منتدى السلط الثقافي، وعلى اثر الأحداث التي شهدتها جامعة البلقاء التطبيقية خلال العام الماضي، أقر وثيقة للحد من العنف في الجامعات تركت أثرا ايجابيا على طلبة الجامعة.
ودعا الى تعميم الوثيقة على جامعات المملكة كافة كونها تناسب ظروف الجامعات والمجتمع الأردني على السواء.
بدوره، قال طالب الهندسة الميكانيكية في الجامعة الأردنية على النسور إن اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية اقترح مجموعة من الحلول لظاهرة العنف في الجامعات بعد دراسة مستفيضة لها.
واتفق مع المشاركين على ضرورة إعادة النظر في أسس القبول الموحد وتفعيل دور أجهزة الأمن الجامعية وتدريبها للتعامل مع مجتمع الطلاب واعادة النظر كذلك في أساليب التدريس، خصوصا في الكليات الإنسانية لتنأى عن اسلوب التلقين إلى البحث العلمي.
ودعا إلى تعزيز الحريات في الجامعات ودعم الطلاب لتأسيس اتحاد عام لطلبة الأردن تكون أهدافه زيادة الروابط بين طلاب الجامعات وتعزيز الانتماء الوطني لديهم.
وحضر اللقاء رئيس الديوان الملكي الهاشمي رياض أبو كركي ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري ومستشار جلالة الملك لشؤون العشائر فواز زبن عبدالله ومستشار جلالة الملك لشؤون الاعلام والاتصال أمجد العضايلة والمستشار في الديوان الملكي الهاشمي عامر الحديدي.
بترا