زاد الاردن الاخباري -
كتب - د.بلال السكارنه العبادي - ان المتابع لكثير من القرارات التي صدرت عن وزارة التعليم العالي بالفترة الاخيرة يرى عجب العجاب ، وكأن الذين يديرون هذه الوزارة الهامة يظنون بانفسهم يعملون بسوق الخضار المركزي ، او احدى ورش الحدادة او غيرها ، ولا ادري متى يدرك العاملين في هذه الوزارة انهم يتحكموا بمصير مئات الالاف من ابناء الوطن ، وان المؤسسات التي تتاثر بقراراتهم ارصدتها بالمليارات من الدنانير ، وان سمعة اقتصادنا الوطني الذي يرتبط بالموراد البشرية يعتبر من ضمن مسؤوليتهم .
ان الكثير من القرارات التي صدرت بالفترة الاخيرة ومنها المرتبطة بعدم الاعتراف ببعض الجامعات المصرية والاوكرانية وغيرها يشوبه اخطاء كثيرة ويلحظ به العشوائية والتخبط والمزاجية والفردية ، وعدم ووضوح المعايير التي تم الاستناد اليها في اصدار القرار ، واذا كانت اعتمدت على معايير التصنيف الدولي للجامعات حسب تصريحات امين عام وزارة التعليم العالي ، فاين جامعاتنا الاردنية من هذا التصنيف ونحن نرى احدى جامعاتنا تمنح درجة الدكتوراه وهي لا يتوفر فيها ادنى معايير ان تمنح درجة الدبلوم من بيئة اكاديمية واعضاء هيئة تدريس وغيرها، وندعي باننا نريد ان نطور مخرجات التعليم العالي ويكون بجودة عالية ، نحن مع تطوير التعليم العالي وان يكون بمستوى يحاكي افضل الجامعات بالعالم ولكن ليس مع القرارات الارتجالية والآنية .
مزاجية التعليم العالي.. مزاجية غير مسبوقة, ففي فترة معينة يصدر مجلس التعليم العالي قراراً يعترف فيه بشهادات خريجي الجامعات العربية الاعضاء في اتحاد جامعات الدول العربية.. وبعد فترة معينة, يلغي مجلس التعليم العالي قراره السابق ويطلب مصادقة الشهادة الصادرة من الجامعات العربية.. ثم يعود ويقرر ان كل الشهادات الممنوحة من هذه الجامعات هي شهادات بالانتساب ويمنع تصديقها... أي مزاجية هذه ومن يتلاعب بمصير طلبتنا الاردنيين الذين يطمحون لتحسين مستواهم العلمي, وبالتالي مستواهم الوظيفي ، ولاحظنا هذا التخبط بالقرارات المتعلقة بموضوع القبول ببرنامج الدكتوراة والالتزام بالدراسة وغيرها.
ان هذه الاجراءات لا تنم عن مصلحة الطلبة, ولا عن مصلحة وطن... وهي قرارات يشوبها العبثية والتخبط والانانية وحقد موظف او مسؤول لفشله او فشل ابناءه في تحقيق اهدافهم ، وهي الظلم بعينه والتعسف والمقصود به اذلال الطلبة الاردنيين بعد معاناتهم العلمية والمادية والنفسية للحصول على مؤهل علمي ينفع الوطن, خاصة اننا نردد دائما ان بترول الاردن هو انسانه .
هذا التناقض والتضارب والتخبط في توجهات وسياسات وقرارات الوزراء المتعاقبين أدى إلى عدم قدرة الجامعات الرسمية على وضع خطط مالية لها لأكثر من سنة واحدة وعجزها عن وضع استراتيجية مالية متوسطة وبعيدة المدى، كما كان الحال مشابهاً بالنسبة للجامعات الخاصة التي عانت الأمرين من التخبط في قرارات مجلس التعليم العالي حول معدلات القبول، أما مجلس التعليم العالي فقد كان أداة مطواعة في يد الوزراء المتعاقبين الذين قاموا ب"فك وتركيب" المجلس لمرات عديدة ما أدى إلى جعل أعضاء هذا المجلس أداة في يد الوزير المعين، مما شل قدرته على أن يكون لدى أعضائه قدرة على اتخاذ قرارات مستقلة في ظل هيمنة الوزير على هذا المجلس.
والسؤال الذي يطرح الآن متى تصبح وزارة التعليم العالي هيئة مستقلة وليس وزارة يحكمها شخص واحد يديرها حسب مزاجيته ، خاصة ان غالبية الوزراء لهذه الوزاره يتم تعينهم من العاملين في الجامعات ويكون لديه اجندة معينة مرتبطة بعلاقات شخصية ، ولذا فان جعل الوزارة بشكل مستقل تكون قرارتها جماعية من خلال الهيئة لتي تديرها وليس بالشكل التي تدار به في هذه الفترة رحمة بنا وباولادنا وبالاقتصاد الوطني .
bsakarneh@yahoo.com