قرة قوش معناه( النسر الأسود) وهو لفظ تركي مكون من كلمتين "قره"بمعني الأسود و"قوش" بمعنى طائر وارتبط اسم قراقوش في مصر والشرق بالظلم والبله والتحكم والغفلة ورويت عنه نوادر كثيرة تدل علي الخبل والجنون حتى شاعت بين الناس عبارة "حكم قراقوش" ويقصدون بها التحكيم الأعمى ولكن هل هذه حقيقة قراقوش وهل كان ظالما متجبرا مستبدا؟ وهل كان يتسم بالبله والغفلة والجنون؟
فقرقوش هو أبو سعيد بن عبد الله الاسدي الملقب ببهاء الدين قراقوش وكان وزيرا لصلاح الدين الأيوبي ,ولان عصر صلاح الدين كان عصرا يحفل بالاضطرابات والمنازعات الداخلية والخارجية فقد فوّض وزيره قرقوش بأقوى السلطات و أعظمها مما جعل قراقوش نموذجا لهذا المستبد الذي يقاس الناس باستبداده فينتقمون منه بالضحك عليه والسخرية منه .
كان الأمير بهاء الدين قراقوش عالماً فقيهاً ، إلا أنه كرس نفسه للخدمة الإدارية والعسكرية وكانت حياته حافله بالإنجازات العظيمة والبطولات والإخلاص للإسلام والمسلمين خلال ملازمته القائد صلاح الدين الأيوبي وكذلك بعد وفاته مما جعله محط كيد الحاسدين وأعداء الإسلام والمسلمين .
رحم الله قراقوش والحقيقة التى لابد أن ندركها كم قراقوش قد ظلمه الناس ؟؟؟ .
كانت وفاة الأمير بهاء الدين قراقوش ، في مستهل رجب سنة سبع وتسعين وخمسمائة بالقاهرة ، ودفن في تربته المعروفة به بسفح المقطم ، بقرب البئر والحوض اللذيْن أنشأهما على شفير الخندق، رحمه الله تعالى.
وهذا القرة قوش كغيره ممن ظلمهم التاريخ والمؤرخون وحوّلوا إنجازاتهم الى قصص طريفة ومسخرة وحكمتهم وحكمهم على الامور والقضايا المهمّة بالبله والجنون وهذا ما يُسمّى إغتيال الشخصيّة في مفاهيم العصر الحالي والتي اختلطت فيها حقوق الانسان في التعبير عن الرأي مع مصالح طبقة الفاسدين والحكومات التي اخذت من قرة قوش الاستبداد الذي يتحدّث عنه بعض المؤرخين اللذين يغتالون افكار وسلوكيات وتاريخ بعض الشخصيّات الإسلاميّة لأهداف قد لا تكون بريئه وهذه الحكومات استغلّت غياب الديموقراطيّة والرقابة الجماهيريّة المباشرة او المجالس التشريعيّة المنتخبة بنزاهة والثغرات الموجودة بالقوانين والدستور لصالحها وعمدت لإقرار تشريعات جديدة او تعديل الساري منها ليخدم مصالح الحكومة والمستفيدين واصحاب النفوذ والذي يُشكّل بعضهم جزء من منظومة الفساد في البلد والذين استغلوا الربيع ليُسقطوا اوراق الخريف مبكّرا وبالتالي يُسقطوا ورقة التوت التي تستر عوراتنا وتبقى اشواك الصبر تفضح عوراتهم .
فهل هو قرة قوش المستبد أم انّ الحكومة التي تعلن جهارا نهارا انها ستكبح جماح الفساد وتجفّف منابعه ام هي نفس الحكومة التي تعلن جهارا نهارا وعبر مؤسساتها أومجلسها التشريعي براءة المشتبه بفسادهم بالرغم من وجود دلائل وقرائن تقول ان هناك فسادا حتّى وإن لم تتحقّق مكاسب وغنائم على ارض الواقع حيث تمّ السفر لمحكوم بالسجن وتم عودة السجين عندما بان الخيط الأسود من الأبيض وهناك كتب ومراسلات متبادلة فكيف يتمّ إقناع الشعب المغلوب على امره بإخراج تلك المسرحيّات وإذا كانت الحكومة لا تصدع لأوامر الملك والمجلس النيابي لا يفهم صدق نوايا جلالته في محاربة آفة الفساد فهل يستطيع الشعب المسكين ان يُحارب الحكومة والمجلس بما يملكون من قوّة بمخرز !!!!!
ولشديد الاسف ان تلجأ بل تنجح الحكومة بتخدير هذا الشعب في معظم القضايا التي تُثار أو هكذا يُهيّأ لها وكما يُقال يخرج الفاعلون كالشعرة من العجين اي دون اي مساس بما يملكون من مال وجاه وقوّة !!!!
ولكن لتعلم الحكومة والحكومات القادمة بأنّ هناك حقوقا تبدأ من رعاية الأم والجنين منذ الحمل وثمّ مرحلة الطفولة وبعدها مرحلة الشباب حتّى يشُبّ الفتى على قدمين ثابتتين من العلم والحريّة ويستطيع ان يمشي في الشارع يهتف ضدّ الحكومة إن أخطأت أو يكتب بقلمه منتقدا إيّاها على صفحات الصحف وفي ثنايا الإنترنت عندها تكون قد تحقّقت الديموقراطيّة التي ننشدها وتاتي على مقاسنا .
وعندها نقول ان حكومتنا قرة قوشيّة بالمعنى الإيجابي لها اي الإستبداد في تطبيق القوانين بعدالة حماية للحريّات من خلال القوانين الناظمة وحكومة مُراقبة من مجلس تشريعي منتخب بنزاهة ومعبّر عن آمال الشعب وأمانيه .
وعندها نتخلّص من إغتيال الشخصيّة أو ظلْم الحكومة كما ظُلم الأمير بهاء الدين قرّة قوش .