زاد الاردن الاخباري -
لا يساهم قرار مجلس النواب الأردني منح رواتب تقاعدية لأعضائه مدى الحياة في إستقرار الحالة السياسية وإحتواء الجدل بمقدار ما يغذي عمليا التجاذب الإجتماعي ويوفر ذخيرة لتنشيط الحراك خصوصا بعدما تزامن هذا القرار مع إغلاق ملفات التحقيق بالفساد وتبرئة نخبة من كبار المسؤولين السابقين.
ورغم وجاهة بعض الأسباب التي يتذرع بها نخبة من أعضاء البرلمان أعلنت تنسيقيات المعارضة والحراك أنها ستنزل معا للشارع ظهر اليوم الجمعة في مسيرات شعارها الرئيسي الدعوة لحل البرلمان وعدم تمرير الإمتيازات الجديدة التي حصل عليها أعضاء برلمان أفرزتهم إنتخابات مزورة وفقا لما إستقر في وجدان الأوساط السياسية طوال العامين الماضيين.
ويقول أنصار القرار بأنه يكلف الخزينة ما يقارب 15 الف دولار فقط لإن نحو 70 بالمئة من النواب أصلا لديهم رواتب تقاعدية لكن صفحات الحراك والتواصل الشبابي على فيسبوك لا تقبل بهذا التبرير خصوصا وان البلاد في ظرف أزمة إقتصادية.
وعليه نشرت صور النواب وهم يصوتون بحماس منقطع النظير لصالح رواتبهم التقاعدية بالتعاون مع أعضاء مجلس الأعيان الذين رفضت غالبيتهم بدورها القبول بمبادىء العدالة ودافعت مع النواب عن قصة الرواتب المجانية التقاعدية التي ستطال الأعيان الجدد والنواب أيضا وفقا لإتجاهات التصويت في الجلسة المشتركة للمجلسين.
الأعيان الجدد كانت الدولة قد إختارتهم لأغراض إمتصاص الإحتقانات الشعبية لكن هؤلاء تحالفوا مع نواب جدد طامحون رواتب تقاعدية أبدية فنتج عن الموقف قرار إشكالي قد يساهم في تذخير الحراك الشعبي مجددا خصوصا وان مستويات الإدارة العامة لم تتعامل بحنكة وذكاء مع هذا الموضوع.
وفي الصور التي نشرت على نطاق واسع يظهر نواب وهم يصوتون بحماس بكلتا اليدين لدعم رواتبهم التقاعدية التي لا يستحقونها كما تظهر ملامح الفرح والسرور والحماس على بعضهم خلال التصويت فيما نشرت بالتوازي صور أجنحة المجلس وهي خالية من الحماس والنواب أيضا خلال التصويت في قضايا تخص الفساد.
ومع صدور قانون إنتخاب غريب في تفاصيله قبل ذلك تم التأثير سلبا بسبب الإدارة السيئة لملفي الإنتخاب والرواتب على مبادرات إحتواء كان يمكن أن تكون فعالة لإحتواء الحراك خصوصا بعدما تبين للفرقاء بأن فرصة إجراء الإنتخابات العام الحالي 2012 مما يعني ترحيلها لعام 2013 رغم أن إرادة القصر الملكي صدرت أمس بتمديد ولاية الدورة العادية الحالية للبرلمان إلى نهاية شهر حزيران (يونيو) المقبل في خطوة من الواضح أن هدفها السعي لإجراء الإنتخابات لهذا العام وكلمة السعي تعني إحتمالات متعددة عمليا حتى في قاموس رئيس الوزراء عون الخصاونة.
لكن بدا عموما أن الإبتسامات التي تبادلها النواب والأعيان ودعوة بعضهم للإحتفال بالرواتب التقاعدية الأبدية على حساب أزمة إقتصادية خانقة تؤدي إلى شكل من أشكال 'النكاية' بالحراك الشعبي ودعاة الإصلاح السياسي، الأمر الذي إستفز كثيرين في الواقع حتى بعدما تبين بأن 'القوة النسائية' في البرلمان هي التي تقف وراء العمل بنشاط من أجل تحصيل رواتب تقاعدية لا يمكن قبولها في الظرف الحالي وإن كانت قد قبلت في وقت سابق.
ولم يعرف بعد ما إذا كان توحد جبهات المعارضة والحراك اليوم الجمعة سيعيد الزخم لمظاهر الإعتراض بالشارع لكن الشيخ حمزة منصور الأمين العام القوي لجبهة الدعم الإسلامي شدد أمس الأول على قانون الإنتخاب الجديد 'يسرق' إرادة الشعب الأردني في الوقت الذي سارعت فيه جبهة الإنقاذ التي تمثل تيارات حزبية وسطية لإتهام الحكومة والبرلمان معا بالتنسيق لضرب الإتجاه نحو الإنتخابات وفقا للضمانات الملكية.
ويؤكد رئيس سابق للوزراء لـ'القدس العربي' بأن الوقت الباقي حتى نهاية العام الحالي لإجراء الإنتخاب لا يمكن إستثماره بحيث تجري الإنتخابات فعلا فقانون الإنتخاب يحتاج على الأقل لثمانية أسابيع من النقاش وعندها سيدخل شهر رمضان المبارك وفترات الأعياد وموسم الحج والظروف لن تكون مواتية لإجراء الإنتخابات قبل الإنتقال للعام اللاحق 2013 خصوصا وان التيار الإسلامي يفضل أيضا تأجيل الإنتخابات.
مقابل هذه القرار يقترح سياسيون كبار سيناريو مختلف يتضمن 'إقالة الجميع' وترحيل الحكومة الحالية ما دامت الإنتخابات ستتأجل إلى العام المقبل على أساس أن عدة جهات في أوساط القرار تعمل أصلا على التخلص من حكومة يطالب رئيسها بإستعادة الولاية العامة فعلا حيث ينتهي تأجيل الإنتخابات بالمنطق السياسي بعدة سيناريوهات مرتكزة على التخلص من الوزارة الحالية التي تميز رئيسها دوما بعناد فيما يتعلق الولاية العامة وبإنخفاض مستويات التفاعل مع 'شركاءْ' عملية القرار.
بكل الأحوال يبدو واضحا بأن مبادرات أوساط القرار لا تكفي حتى اللحظة لإعادة إنتاج المشهد الداخلي المتأزم فالحراك لا زال يتنفس خلافا لبعض الإجتهادات وزمام المبادرة في الشارع لا زال بيد الأخوان المسلمين والإدارة في بعض المؤسسات متعثرة ومؤسسة التشريع رهينة لإعتبارات غير مفهومة وغير متسلسلة والتلاطش بإتهامات الفساد متواصل ومفاصل مؤسسات القرار لا تعمل على طريقة الأوركسترا والطامحون بدور سياسي وركوب الموجات يتكاثرون.
بسام البدارين - القدس العربي