لقد بات لا يخفى على احد مدى خطورة المرحلة التي تعيشها الساحة السياسية في الأردن. ونستطيع أن نطلق عليها بحق بأنها مرحلة حرجة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وقد بات الاعتقاد بان المعارضة في الأردن مع كثرة قياداتها قد دخلت في عنق الزجاجة وطريق قد يوصلها إلى متاهات معقدة، فقد طالبت المعارضة بإسقاط حكومة الدكتور فايز الطراونة حتى قبل أن تتشكل فماذا تريد المعارضة في الأردن؟ هل إذا سقطت الحكومة أو حتى نظام الحكم في الأردن سوف ترتاح المعارضة؟ ماذا يعني ذلك لا قدر الله؟ الإجابة هي فوضى عارمة، وقد تصل الأمور إلى حرب أهلية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وتدخل أجنبي واستعمار جديد، وزحام يعيق الحركة، ودمار لهذا البلد والذي يراهن عليه الكثير من أعداء الوطن وأصحاب الأجندة الخاصة.
يوجد في الأردن خلل واضح ولا ندري بالضبط أين يكمن. ونحن بحاجة واضحة إلى عملية استقصاء دقيقة لوضع اليد على موضع الخلل وبالتالي معالجته، على أن يتم ذلك بكل حكمة وموضوعية وشفافية واضحة. حتى يكون الفصل للحق لا للعشوائية في ارتفاع الأصوات واغتيال الشخصية من غير وجه حق. ومن ألصعب اعتبار ما يحدث في الأردن عبارة عن سحابة مرت علينا من الربيع العربي، والذي سيصبح خريفا أو صيف لكثرة المسميات والدلائل .
أنا لا اتهم المعارضة ولا أدافع عن الحكومة بل أقصد أن يكون هنالك معارضة حقيقية منظمة وذات مطالب شرعية واضحة حتى تتمكن الحكومة من التفاهم معها والحوار حول مطالبها من اجل تبنى قوة دافعة تمكنها من الخروج من هذا المأزق، والحفاظ على وحدة هذا البلد لمواجهة الأخطار والتحديات الخارجية والداخلية، وتبني إستراتيجية واضحة في ظل قانون يكفل لجميع الفئات حقوقهم وواجباتهم. فلا سيادة لغير القانون الذي يطبق على جميع الناس بدون استثناء سواء أكان رئيس أم مرؤوس، وقادر على التفاعل مع مستجدات ومستلزمات وضرورات الحياة الإنسانية. ويشكل هذا المبدأ منطلقاً جيداً مهماً في التطوير، لأن القدرة على التكيف هي أحد مستلزمات الحياة من اجل النهوض بالإنسان الأردني اقتصاديا واجتماعيا وفكريا.
فالمطلوب من المعارضة أن لا تعارض كل شئ وكل قرار وان تجد الإجابة على هذا السؤال هل جميع الشعب الأردني معارض؟ يوجد في الأردن 6 مليون نسمة أو يزيد ما نسبة المعارض من هذا الرقم؟ إن الأردن للجميع معارض وموالي لا شك في ذلك وان اختلفوا في المنابت والأصول فهم في المحصلة النهائية يحملون الهوية الأردنية، والتي تجمعهم على حب الوطن وتراب الوطن، وموضوع الانتماء للوطن وتراب الوطن مطلوب من الجميع على اختلاف اتجاهاتهم السياسية والعشائرية، ولا نشكك في وطنية احد. فالمعارض أردني، والمتظاهر والمعتصم أردني، ورجل الأمن أردني، ويجب أن نعترف بهذه الحقائق قبل كل شئ فالمهم هنا أن كلمة أردني هي قاسم مشترك للجميع.
أحزاب متعددة من حيث الكم والفكر. وقاعدة عريضة من العشائر الأردنية تختلف وجوهرها مع واقع التعددية السياسية في الأردن. وقوى شد تنجذب باتجاه آخر وتسير نحو مصالحها لتحافظ على مكتسباتها، من مال وجاه وسلطة. إلى أين يتجه هذا البلد العزيز. ولماذا نساهم نحن أبناء الأردن في خلق المزيد من الأزمات السياسية والتي أصبحت هذه الأيام مادة متداولة بين مختلف التيارات السياسية على المنابر والخطب، والضحية هو المواطن المسكين المغلوب على أمره، فأين النص الواضح للخطاب الأردني لإراحة من حمل هم الوطن من آباء وأجداد. وأين وسائل الإعلام الجماهيري وأين قنواتها الفاعلة في تحديد الاتجاهات السائدة نحو شؤون السياسة والولاء والانتماء؟ وفي المحصلة النهائية نستطيع كمجتمع أردني من أن نرتب الأشياء السياسية المبعثرة والمطروحة للنقاش على أسس منطقية متناغمة وفق قواعد موضوعية محددة، قوامها الولاء للعرش الهاشمي والهوية الأردنية. . حمى الله الأردن وأبقاه عزيزا كما كان وحفظ الله جلالة الملك المفدى.