مين هو الغلطان في الأردن؟؟
لست أديباً ولست فيلسوفاً، ولست سياسياً مرموقا، أو إقتصادياً صعب المراس.. ولكنني مواطن أردني بسيط ، متعلم وربما أكون مثقفاً (لا أدري إن كنت أستحق اللقب)...وأظن أنني بهذه الصفة أستطيع الخوض في شؤون أردنية ....
الأردن بلد ليس كمثلها بلد على الخارطة، نشأتها، تاريخها، ثقافتها، مكونات سكانها، مواردها.. وربما كل شيء (وبدون مبالغة) يختلف عن أي بلد آخر... وإذا لم نبدأ من هذه النقطة ولم نتوافق عليها، فلن نصل إلى أي نتيجة.
الأردن بلد أسسه الملك المؤسس عبد الله بناء على تفاهمات دولية درسناها جميعاً في كتب التاريخ والجغرافيا في الصفوف الابتدائية، ومع ذلك نظن أنها من الأسرار التي لا يجوز البحث فيها، ومراسلات مكماهون مع الشريف الحسين بن علي تملأ كتب التاريخ جميعها بلا استثناء، ومع ذلك نخشى من الخوض فيها على أنها قد تمس أشخاصاً، مع أنها تاريخ قامت على أساساته جميع دول المنطقة التي نعيش فيها، فلماذا نخشى الخوض فيها ؟؟!!!
اتفاقيات سايكس وبيكو ووعد بلفور هي أساسات التاريخ الحديث في المنطقة العربية والأردن بشكل خاص. ولكن ترانا بعد مائة عام من حدوثها نخشى الخوض والحديث فيها. وهذا بالطبع ليس غريباً على العرب وربما المسلمين بشكل عام، فنحن وبعد 1400 عام لا نزال نخشى الخوض في "الفتنة الكبرى" ويظهر أننا نخاف ونخشى الخوض والبحث في أي موضوع فيه وجهات نظر مختلفة ...
الأردن بلد بلا موارد، وهذا لم يكن سرا عند إنشائه، واعتمد وبشكل غير رسمي منذ إنشائه حتى الآن على مساعدات الدول الأخرى العربية والغربية. ولماذا تساعده الدول الأخرى؟ هل تساعده لسواد عيونه؟ لماذا لا يساعدون الصومال وجيبوتي وبنغلادش وغيرها من مئات الدول الفقيرة؟ ...لماذا نخشى السؤال ؟؟؟ لماذا أصبح سراً شائعاً أن الأردن يعيش على مصائب الآخرين... هل ننسى أن عمان تطورت دائما في فترات مصائب الآخرين بدءاً من نكبة ال 48 وبعدها نكسة 67 ، ثم الحرب الأهلية اللبنانية، ثم حرب احتلال الكويت وعودة اهل الخليج إلى عمان والزرقاء، ثم نكبة العراق، ثم ها نحن ننتظر نكبة سوريا (لمزيد من الازدهار) !!!!!!!!..
الوضع الأقتصادي السيء في الأردن والذي يزداد سوءاً، هو ناتج ليس فقط عن سوء في الحكومات نفسها ولكنه كذلك سوء في تفكير الشعب نفسه. فالشعب يبدأ في شتم الحكومة حتى قبل تشكيلها، فرؤساء الوزارات الين أحبهم الشعب الأردني بإجماع ربما لا يتعدون اثنين هما هزاع المجالي ووصفي التل. وعندما جاءهم شخص ليس عليه وزر أو اتهام أو فساد وهو عون الخصاونة طالبوا بتنحيته لأسباب واهية، وعندما تمت تنحيته أصبح هو ألأفضل وندموا على ذلك، وهذا يدل أن الشعب لا يدري ماذا يريد، فخراب الاقتصاد يأتي من أمور كثيرة منها وليس كلها الفساد، ولكن هناك ايضا السقف العالي لمطالبات الشعب الذي يريد كل شيء وهو يعلم أن الأردن بلا موارد، فقلة الموارد من جهة والفساد من جهة ثانية وارتفاع سقف المطالب من الشعب من جهة ثالثة كلها عوامل أوصلتنا لما نحن فيه الآن والحل هو في النظر إلى هذه الأمور مجتمعة أما الأكتفاء بعامل واحد فقط فلن يكون كافيا مطلقا .
والشعب الأردني يريد دولة قرارها حر ولكنه يتناسى أنها دولة فقيرة جداً وتعتمد بشكل شبه كلي على الضرائب والمساعدات الخارجية. وهذا ما يجعلها تضع في نصب عينيها تأثير قراراتها على دول أخرى مهمة لها . فهل يستطيع أي فقير أن يكون قراره حر إلا إذا قبل وقنع بفقره ؟؟؟!!
إن كل هذا ضرب من الأوهام. لنفهم أولا وضعنا الجغرافي والتاريخي ثم نقرر ماذا نريد مع اتفاقنا جميعا على أن الفساد مستشري فعلاً وأن الوزارات التي تأتي وتذهب هي مهازل.. ولكنها ستبقى مهازل ما دمنا كشعب نطالب بالتوزيع الجغرافي لرؤساء الوزارات والوزارات والمناصب العليا وكذلك للنواب والأعيان ، وما دمنا نطالب بعدم محاسبة ابناء عشائرنا إذا أفسدوا ومحاسبة من ليس لهم عشائر فقط ،وما دمنا نطالب باستثناءات في كل شيئ ما عدا زيادة الإنتاج فهو الوحيد الغير مطروح على الإستثناء . ففي هكذا حالة فلنقبل بالوضع المزري الذي نحن ذاهبون إليه، ولنقبل بخريف عاصف تسقط فيه اوراق الشجر عن سوءاتنا جميعاً..وكفانا اتهاما للمسؤولين الفاسدين فهؤلاء المسؤولين جميعهم تربوا في أسر من هذا الوطن علمهم آبائهم على طلب كل شيئ وعدم تقديم أي شيئ .... والله الموفق.
د. معن سعيد