أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الجمعة .. طقس مستقر وانقلاب على الأجواء بعد الظهر هل خالف الصفدي الدستور ؟ ضوابط جديدة لتسفير العمالة الوافدة المخالفة في الاردن النمري: نقاشات النواب للموازنة استعراض وغير مؤثرة بلدية بني عبيد: الخصوصية أولوية عند إنشاء المدينة المائية جنرال إيراني يعترف بالهزيمة في سوريا وينتقد الأسد ويهاجم روسيا ولي العهد: يوم مميز في مادبا حصيلة العدوان على غزة تتجاوز الـ46 ألفا إثر مجازر وحشية متواصلة الملك يهنئ سلطان عمان بذكرى توليه مقاليد الحكم وزير المالية يصدر الأمر المالي رقم 1 لكانون الثاني 2025 المناطق المشمولة بالأمطار غدا الجمعة بلدية الكرك وهيئة تنظيم النقل يبحثان تطوير قطاع النقل في المحافظة الأمم المتحدة: أزمة المجاعة في غزة تتفاقم وإسرائيل ترفض إدخال المساعدات امانة عمان تعلن حالة الطوارئ المتوسطة أعتبارا من مساء يوم الجمعة فريق فرسان الأردن يتوج بلقب دوري الناشئين الجمعة .. منطقة زملة في المفرق بلا كهرباء من 8 صباحا لغاية 4 عصرا أميركية تنفي انتقالها للعيش بكهف بالأردن بعد قصة حب العماوي: البرلمان الحالي عاد للخلف 20 عامًا فوزان للأرثوذكسي واتحاد عمان بدوري السلة مذكرة تفاهم بين "اليرموك" وشركة عالمية لتمكين الطلبة من فرص عمل

انهيار التعليم

29-05-2012 09:38 PM

لا يجادل في حقيقة أنَّ التعليم في تراجع كبير، وتدهور مستمر، إلا جاهل أو أعمى. وإنكار ذلك من قبل بعض المسؤولين لا يغير من الواقع المرِّ شيئاً، فمخرجات التعليم تؤكد على ذلك. وإلا ما تفسير أميَّة بعض طلبة الثانوية العامة، وعجزهم عن كتابة أسمائهم، ولجوء معظم المعلمين إلى التنجيح الاضطراري على الرغم من استحقاق عدد كبير من الطلبة للترسيب لضعفهم التحصيلي العام وفي معظم المباحث؟

سياسة وزارة التربية والتعليم وتعليماتها وأنظمتها وتخبطها وعشوائيتها هي من أدَّت إلى هذه النتيجة الكارثية، ولا يتحمل المعلم أية مسؤولية، فالمعلم ضحية كما الطالب سواء بسواء، لأنَّ المعلم منفذ تعليمات مكتبية لم تأخذ في الحسبان أية نتائج عكسية مدمرة للجيل، سلوكياً وأخلاقياً وتعليمياً وفكرياً.

تحديد نسبة الترسيب بما لا يتجاوز 15% من عدد الطلبة، جعلت الطلبة يضعون في بطونهم بطيخاً صيفياً، وهم مطمئنون بأنهم ناجحون ناجحون وإن لم يدرسوا بجد، لأنَّ المعلم لا يستطيع أن يرسب كل من يستحق الترسيب، ولذا فهو يرى أنَّ من الظلم أن يُرسِّب طالباً وينجح آخر وهم في الضعف سواء، فينجح الجميع، وحتى أنَّ معظم المعلمين يبتعدون عن الإكمالات لأنَّ محصلتها تنجيح الطلبة. ناهيك عن تعليمات الإدارات المدرسية التي تطالبهم بعدم ترسيب الطلبة لما يسببونه من عبء وضغط ومشاكل، ووساطات المسؤولين التي تصب في الإطار نفسه، ومن هنا تصل الرسالة واضحة لجميع الطلبة أنَّ من دخل دار أبي سفيان فهو آمن!

ضعف تدريب كثير من المعلمين، واللجوء إلى التعليم الإضافي، ساهم أيضاً في ضعف مستوى التعليم، فالتدريب غير كافٍ لإعداد معلم كفء قدير للتعامل مع الطلبة، والتعليم الإضافي ساهم في عدم احترام الطلبة للمعلم، كونهم ينظرون إليه على أنَّه معلم مؤقت، وهو بحاجة لهم وليس العكس. وتتحمل وزر ذلك الوزارة التي لم تعط هذا الموضوع حقه، ولم تصل بعد إلى حلول جذرية، ومبرراتها غير مقبولة بالمطلق، لأنَّ دخول غير المؤهل للغرفة الصفية، كساع إلى الهيجاء بغير سلاح، وكمن يغطس في البحر وهو لا يعرف السباحة.

الخلل الكبير في توفير الحد الأدنى من متطلبات العملية التعليمية ساهم أيضاً في انهيار التعليم، من اكتظاظ الطلبة الذي فاق المعقول، وضيق الغرف الصفية، وعدم توفر المرافق الصحية الكافية، والمقاعد غير المناسبة، والمختبرات غير المكتملة، وكثير من الإدارات المدرسية غير المؤهلة، وعجز المديريات عن حل المشكلات جذرياً، واتباع سياسة الترحيل والتأجيل، والأسوأ هو التعامل مع التحديات بأسلوب رد الفعل والترقيع، وليس بالتخطيط المسبق المبني على رؤية مبصرة واعية!

إنَّ أسوأ ما يدمر التعليم في بلادنا هو تلك العقليات المسيطرة على القرار التربوي، والتي هي في معظمها لا تعرف أوضاع الميدان، والتغيرات المتسارعة فيه، وتجهل أساسيات العمل التربوي، وتفكيرها محدود بمكتبها، تتخيل واقعاً غير موجود، بل إنَّ بعضها لم يمارس التعليم يوماً، ولم يدخل الغرفة الصفية إلا زائراً، فكيف يؤمن على قرارات تتعلق بمئات الألوف من الطلبة؟

إنَّ ترهل الإدارات التربوية على مستوى الميديريات أو المركز، أدى إلى جمود الفكر التربوي وتحجره وبعده عن الإبداع والابتكار، وجعل التعليم رهين عقليات كلاسيكية أو نمطية لا تستطيع مجاراة العصر ومتطلبات النهضة والتطور، وبعض المشاريع أو الأفكار التي تبدو مبتكرة وجديدة هي مستوردة من خلال خبراء أجانب، لا تناسب الأرضية التربوية الأردنية، وتتطلب واقعاً مدرسياً مغايراً، وتحتاج إلى أدوات تنفيذية على قدر كبير من التميز والتأهيل.

إنَّ أي تغيير في السياسات أو المناهج وغيرها، يتطلب تغييراً في القيادات، لا تدويرها كما هو الحاصل الآن، فهل يتصور من مدير فاشل طوال سنوات أن ينجح في إدارة جديدة؟ إنَّ كارثة وزارة التربية أن من ينفذون التطوير التربوي المعتمد على الاقتصاد المعرفي هم من كانوا سبباً في التخلف والترهل والفساد التربوي، فهؤلاء لا يرجى خيرهم، بل هم سبب كل بلاء، وقد عمَّت شرورهم الأرجاء!

إنَّ الإصلاح التعليمي والتربوي هو أولى من كل إصلاح، لأنَّه الأساس، وبدونه يبقى كل إصلاح أعوج أعرج، أو دون أساس سليم متين، وللأسف فإنَّ الحراك الإصلاحي الشعبي أهمل هذا الموضوع الأهم، لما له من آثار تهم الجميع دون استثناء، لأنَّ إصلاح التعليم سيؤدي إلى غيره من الإصلاحات بالضرورة.

وبعد، فإنَّ وزارة التربية أعجز أن تقوم بالإصلاح التعليمي والتربوي وحدها، ليس لعدم قدرتها على ذلك، ولكن لأنها وزارة مشلولة مترهلة أصابها البلاء حتى النخاع، وعلى الغيارى على مصلحة البلد من مفكرين وعلماء وإعلاميين وحراكات إصلاحية شعبية أن ترفع لواء الإصلاح التعليمي والتربوي كضرورة وطنية ملحة، وفي رأيي أنَّ الخسارة المادية الوطنية لانهيار التعليم لا تقل عن خسارة الوطن بفعل الفاسدين، ولا تقل أيضاً عن مقدار المديونية إنْ لم تكن أضعافها!





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع