قبل اسابيع من الآن ، جرى اتهام عضو في هيئة مكافحة الفساد ، بتهمة فساد جميعنا يذكرها ، ولا اجد ضرورة لاعادة التذكير بها ، هذه السيدة وبغفلة منها ، يتم اعتقالها مع قضاء ليلة في سجن الجويدة ، هكذا وبكل بساطة ، وبدون ادنى احترام للذات الانسانية ، وبدون اي دليل على التهمة التي وجهت اليها ، وبدون مراعاة لمشاعر سيدة خدمت الوطن لعقود من الزمن ، ودون مراعاة لمشاعر عائلتها ، وقد بتنا لا نعرف من الذي يحارب الفساد ومن الذي يوجه التهمة ، ومن الذي يأمر بالاعتقال ، ولكننا فقط نعلم من الذي يقوم بالاعتقال ، والاصل في محاربة الفساد إن ارادوا محاربته واشك في ذلك ، هو أن يوضع الفاسدون الحقيقيون وراء القضبان ، لا سيدة بريئة ، ودليل برائتها هو قيام جلالة الملك ، باقالة رئيس المجلس القضائي ، في اقل من 24 ساعة ، وعودة تلك السيدة الى منزلها وعائلتها وعملها .
قبل ايام خلت ، يطلع علينا احد المواقع الاخبارية الاليكترونية ، باقحام معالي سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد ، باتهامه او محاولة اتهامه بالفساد ، بكشف وثائق تبين تسجيل اراضي من اراضي الدولة في دابوق ، باسم رئيس الهيئة وعائلته ، دون التدقيق في حيثيات الموضوع ، ودون اتباع الحد الادنى للمهنية الاعلامية ، ولا ادري اين هي شبهة الفساد في هذه القضية ، طالما أن الارض التي صادرتها واستولت عليها القوات المسلحة لحساب القصور الملكية ، تعود في ملكيتها الى المرحوم موسى بينو والد معالي سميح بينو ، وهي ارض ملاصقة تماما ، واصبحت ضمن حدود قصر سمو الامير فيصل بن الحسين ، وظلت القضية عالقة حتى قبل سنوات قليلة ، حين تم تعويض اصحاب الارض باخرى .
إن الحذر من اغتيال الشخصيات الوطنية ، امر ينبغي أن لا يكون جدال فيه ، وهو فرض من فروض المهنية الاعلامية ، ولا يجب أن يكون محاربة الفساد انتقائيا او انتقاميا ، ولست هنا ضد محاربة الفساد والفاسدين ، ولكني ضد محاربته في غير بؤره ، ولست مدافعا عن سميح بينو ، بقدر ما أن الساكت عن الحق شيطان اخرس .
سميح بينو ، لا يمكن لأحد أن يزاود عليه ، ولا يمكن لأحد أن يزاود على اي صفة من صفات الولاء والانتماء عنده ، فهو جنديا أردنيا قضى معظم حياته ضابطا في دائرة المخابرات العامة ، وهو من اوكلت اليه من جلالة المغفور له الملك الحسين ، مهمة تأسيس دائرة مكافحة الفساد ، عندما كانت تعمل ضمن دائرة المخابرات العامة ، وهو من ترأسها وقاد عملها ، الى أن عُين وزيرا في حكومة فايز الطراونة الاولى .
سميح بينو ، ليس حزبيا ولا نقابيا ، مع أن الحزبية ليست عارا على منتسبيها ، وهي قمة العمل السياسي المتحضر ، والانتماء للوطن والشعب والقيادة ، فطرة ولدت معه وترعرع عليها ونشأ ، وتعود جذوره العائلية الى عشائر الشيشان ، الذين استوطن جزء منهم منطقة صويلح ، عندما كانت صويلح مجرد شارع ونصف الشارع ، وعندما لم يكن هناك إلا القليل القليل من قاطنيها ، وكان والده رحمه الله ، رئيسا لبلديتها لسنوات عديدة ، وهو عين من اعيان تلك المنطقة ، وقد استملك كغيره عددا من قطع الاراضي ، بطريقة الشراء والبيع ، ولم يكن ذنب المرحوم ، أن اسعار الشراء في ذلك الزمن ، كان بسعر ( الفجل ) قبل 10 سنوات ، وليس ذنب المرحوم وورثته أن الاسعار اليوم قد ارتفعت وتغيرت ، ليصبح سعرها مهما يكن ، ولم يكن ذنب سميح بينو ، أن والده اشترى الاراضي منذ عقود من الزمن ، وادخرها لأولاده وورثته ، وليس ذنب سميح بينو والورثة ، أن تقوم الدولة بتسوية موضوع ارضهم المصادرة منذ سنوات ، وأن تعيد الحق لاصحابه ، .
هذا الرجل لا يتهم بامانته ، ولا يتهم بالنزاهة ، ولا يتهم بالثراء الفاحش المفاجئ من اموال الدولة ، فهو وريث عائلة قد رزقها الله من خيره ، وهو سليل عشيرة ما عرفت الفساد يوما في تاريخها ، ولا مكان عندها لخيانة الامانة ، ومن هنا جاء اختياره من جلالة الملك ، ليرأس هيئة مكافحة الفساد ، نظرا لتاريخه المخابراتي ، وخبرته في إدارة مكافحة الفساد في المخابرات العامة ، التي اشرف على تأسيسها وقيادتها , وكذلك مرجعيته في الامانة والنزاهة ونظافة اليد ، والكثيرين من ابناء هذا الوطن يعرفونه جيدا ، ويعرفه كل من خدم بمعيته رئيسا كان او مرؤوسا ، وهو ليس ممن بنى القصور ، وكتب على الرخام فوق الباب " هذا من فضل ربي "
فلنتوقف عن محاولات اغتيال الشخصية ، من ابواب الشخصنة ، او من اجل شهرة وانتشار ، وليس كل من علا شأنه متهم بالفساد ، والاولى من ذلك هو معرفة السبب ، وراء تبرئة الفاسدين الذين تمت تبرأتهم ..