زاد الاردن الاخباري -
بسام بدارين - الدخان الأبيض صعد للمرة الثالثة أمس الأربعاء من القصر الملكي الأردني حتى يذكر أعضاء مجلس النواب بالإستحقاق المربك المطلوب منهم بعد سيل من المماطلات والتباطؤ وهو إنجاز قانون الإنتخاب الجديد كليا وفي غضون عشرة أيام ليس أكثر على ان يكون جاهزا تماما للعمل قبل يوم 25 من الشهر الجاري.
وصعد الإنذار المتأخر للنواب هذه المرة بعد اللقاء الملكي الثالث بهم في غضون ستة أسابيع حيث صدرت إشارات بإمكانية التسريع في المكافأة التي يترقبها النواب وهي عبور تعديلات على قانون التقاعد تضمن لهم تقاعدا مجانيا إلى الأبد.
مشكلة هذه المكافأة انها ستزيد غضب الشارع خصوصا والحكومة مصرة على إرتفاع الأسعار وبعدما إشتعلت تكلفة المعيشة في البلاد لكن يبدو أنها ضرورية لدفع النواب للتسريع بإقرار قانون الإنتخاب بعدما بدا أنهم متهيئون نفسيا لمغادرة المسرح بحل مجلسهم قبل وقته الدستوري دون الحاجة لتسهيل الأمور على الحكومة والسلطات.
القاعدة الأساسية التي تحكم الإعتبارات والأولويات مرحليا هي التركيز على الخروج من حالة التأزم الوطني بأسرع الطرق ومهما كانت الكلفة دون توفر أرضية لمناقشة الأخطاء والهفوات والإخفاقات التي بدأت مع التعديلات الدستورية وإنتهت بعدم وجود قراءة مؤسسية منطقية للواقع الحالي للأردنيين.
لذلك تجازف مؤسسة الحكومة وتضغط على مؤسسة القصر لكي تصادق على تقاعدات النواب المجانية المثيرة جدا للجدل على أمل أن يساعدها الأمر لاحقا في إقناع التواب بتطريز قانون الإنتخاب الجديد على قدر المرحلة ووفقا للمطلوب.
وفقا للمحلل والنشط السياسي محمد خلف الحديد مشكلة هذا المنطق في إدارة الأمور أنه لا يريد حساب التكاليف.
لكن قبل كل ذلك مهدت الأرضية جيدا أمام قانون إنتخاب بدأت تتضح بعض ملامحه مبكرا ويتوقع أن يثير ضجة تعزز الإنقسام السياسي والإصلاحي ولا تخدم أي أجندة من أي نوع فقد توافق المؤثرون في البرلمان على أن تنتهي لجنة قانونية النواب من قانون الإنتخاب في غضون الأيام الخمسة المقبلة.
رئيس اللجنة محمود الخرابشة كان قد صرح لـ'القدس العربي' بأنه وضع برنامجا لحوارات موسعة ومفصلة مع جميع القوى المدنية لكن من الواضح ان هذ ا البرنامج لم ينجز وأن الخرابشه نفسه وقع تحت ضغط السقف الزمني فكل الإشارات المرجعية التي تصدر للنواب تتحدث لهم يوميا عن مسألة يتيمة لا منافس لها وهي إغلاق ملف قانون الإنتخاب.
وهذا التسريع قد ينتهي بصياغات قابلة للعبور بدون جدل من بين أركان مجلس النواب ذو الثقل العشائري وحسب مصادر برلمانية مطلعة جدا تحدثت للقدس العربي فالصيغة الوحيدة صاحبة الحظ بالنجاح اليوم هي صوتين الأول للدائرة الإنتخابية الجغرافية والثاني لدائرة موسعة تضم 20 مقعدا ستوزع على المحافظات.
بكل تأكيد لن تعجب هذه الصيغة الشيخ حمزة منصور الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الذي إلتقى لأول مرة أمس الأول بوزير الشئون السياسية وأصدر تصريحا تراجع فيه عن قواعد عدم التحاور مع الحكومة الحالية برئاسة الدكتور فايز الطراونه.
منصور أرسل رسالة تطمينية مباغتة ومفاجئة عندما قال: لم ولن نغلق باب الحوار مع الحكومة ولن نخرج عن سكة الوطن.
التصريح محير جدا سياسيا حسب المراقبين لإن الرجل الثاني في مكتب الأخوان المسلمين الشيخ زكي بني إرشيد هو الذي اعلن بان الحركة الإسلامية لا تملك الوقت للقاء الطراونه وحكومته وستتحاور فقط مع رأس الدولة.. كذلك لإنه ـ أي تصريح منصور - أعقب المقالات الساخنة التي نشرت في الصحافة المحلية وحاولت التعليق على تقرير سابق لـ'القدس العربي' تحدث عن تنظيم الإسلاميين لأول نشاط لهم في مخيم الحسين للاجئين الفلسطينيين.
والإنطباع أن تعليقات مجاملة ودية صدرت عن منصور والشيخ عبد اللطيف عربيات حتى لا يتكدس خصوم التيار الإسلامي بقوة وتكاثف عددي في منطقة تحريض القصر الملكي على الأخوان المسلمين فالشيخ منصور الذي يحاول 'ترقيع' الأمور مع الحكومة هو نفسه عمليا من قاد تظاهرة مخيم الحسين التي أثارت عاصفة من الجدل، الأمر الذي إستدعى نعومة من جانب الإسلاميين.
القدس العربي