يقول الدكتور فهد الفانك في مقاله الحكومة وجيب المواطن " الإشكالية في المعادلة المالية الأردنية أن الضرائب عالية ولكنها غير كافية: عالية بدلالة أن الإيرادات المحلية في الموازنة تشكل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وغير كافية بدليل أن الحكومة تعتمد في جانب كبير من موازنتها على المنح الخارجية والقروض. والتفسير الوحيد أن الحكومة وقطاعها العام أكبر مما يطيقه الاقتصاد الوطني".
فسيدي أقول أن اللجوء لجيب المواطن لتمويل الخزينة وتغطية النفقات كان نتيجة رئيسية لسوء التخطيط، والمجازفة بدخول مرحلة تصفية مصادر رفد الخزينة بالإيرادات المرتبطة بالدومين الحكومي، والمسمى بمرحلة التحول الاقتصادي وخصخصة الشركات والمؤسسات الحكومية، والتي أثبتت التقارير المالية للشركات التي تم خصخصتها أنها شركات ومؤسسات ذات ربحية عالية، والتي أيضا تبين أنها كانت في عهد الحكومة مسندة لإدارات ضعيفة كانت عنوان الفشل الأساسية لهذه المؤسسات، والأمر في كل أحواله لا يعدو أن يكون سياسة للوصول إلى هذه النتيجة السيئة.
ثم إن الأردن والذي يمتلك ثروات قادرة على رفد الخزينة بالإيرادات في حال استثمارها، عاجز عن التقدم ولو بخطوات بطيئة في هذا المجال، والأسباب كثيرة، فلو نظرنا لتصريحات طوقان بتوفر كميات ضخمة من خام اليورانيوم في البلاد، وانه من المجدي بناء مفاعل نووي في البلاد، فلماذا لا يتم تعدين اليورانيوم وطرحة في الأسواق والاستفادة منه كمورد للخزينة، وتصريحات أخرى بتوفر الصخر الزيتي بكميات اقتصادية، ولم يتم التقدم ولو بخطوة واحدة لاستثماره، أيضا وغيره كثير من الخامات التي تتغني الحكومة بوجودها في البلاد لاستدراج المستثمرين الأجانب، ومن جهة أخرى قامت الحكومة بالإنفاق على تجهيز بنية تحتية لجذب الاستثمارات، ولم تصل ولن تصل إلى معادلة اقتصادية تعود على الحكومة باسترداد ما أنفقته لخدمة هذه الاستثمارات، ولماذا تلجأ الحكومة لفرض مزيدا من الضرائب على المواطنين، في حين أن قيام الحكومة بشراكات مع القطاع الخاص الأردني باستثمار مناسب لموارد البلاد سيجدي أكثر من جلب الاستثمارات الخارجية، وهذا الأمر أيضا يتطلب من الحكومة تشجيع القطاع الخاص بالاستثمار في شتى القطاعات الخدمية والإنتاجية المحلية بخفض الضرائب، وهذا في طبيعة الحال سيولد فرص عمل في السوق الأردني، الأمر الذي يخفف الضغط على تحميل القطاع الحكومي مزيدا من الموظفين.
في الحقيقة أن الإدارة الحكومية تستسهل فرض الضرائب على المواطنين وتبتعد عن أي مشروع يمكن من خلاله خلق إيراد دائم للخزينة، كونه اقل مخاطرة، ولا يوجد له أي تكلفة اقتصادية تحضيرية، ومن جهة أخرى ينحصر خطر فرض الضريبة على الوضع السياسي، والشق الشعبي منه، الأمر الذي لا ترعى له الحكومة كثير اهتمام، فالقوة الأمنية جاهزة للقمع إذا زادت الأمور عن حدود الصبر.