الديمقراطية والانتخابات هما نظام غربي قديم بامتياز مع أشكال مختلفة فيه منذ أيام أثينا وسقراط والمدينة الفاضلة لأفلاطون وحتى الآن ، ومع أن هذا النظام له سيئاته كما أن له حسناته إلا أنه أصبح مطلبا شعبيا دوليا عامة وعربيا خاصة ، تخرج في سبيله التظاهرات وتسيل من أجله الدماء ، على اعتبار أن فيه الخلاص من كل مشاكلنا القديمة منها والجديدة ، هذا مع أن التجربة العربية أثبتت أن مشكلتنا ليست في الديمقراطية أو الانتخابات وإنما في مجالات أخرى كثيرة ،إلا أن الشعوب العربية ما زالت تطالب أن تكون الديمقراطية هي أساس لحياتنا القادمة ...
وبداية من الأفضل أن نقول أن هذا لا يعني أنني أقصد أن الدكتاتورية الموجودة في معظم البلاد العربية أفضل من الديمقراطية الغربية ، فأنا لا أعتقد أن البديل عن الديمقراطية هي الدكتاتورية ، فربما كان هناك أنظمة أخرى نستطيع تطبيقها وتناسب مجتمعاتنا وهذا يحتاج إلى بحث آخر ...
ولكنني هنا أحب أن أنظر إلى ما نعتبره تجارب ديمقراطية حقيقية في الوطن العربي ونعني بها أن الحكم فيها كان فعلا لصندوق الانتخابات وبدون تزوير !!!!! ..وقد نتفق جميعا أن هذا ينطبق على الانتخابات الأخيرة في فلسطين والتي فازت فيها حماس من حيث لا تدري ، ومعظم الانتخابات اللبنانية مع طائفيتها الفريدة والغريبة ، ومعظم انتخابات البرلمان في الكويت ، وكذلك الانتخابات الأخيرة في تونس بعد الربيع الأخضر الناري وبالطبع انتخابات البرلمان الأخيرة في مصر والدورة الأولى من انتخابات الرئاسة فيها ..ولا أكاد أذكر انتخابات شبه نزيهة أخرى في الوطن العربي ، وربما لست بحاجة إلى الحديث عن الانتخابات الأردنية التي يعترف فيها رئيس المخابرات أنه ساعد في تزويرها ...
ولو نظرنا إلى هذه الدول واحدة بعد الأخرى واستثنينا منها تونس التي نجد فيها هدوءا على السطح نتمنى أن يستمر ويزدهر ..فهل نجد أن هذه الانتخابات جلبت أو تجلب ما يتمناه المواطن من أجلها ...
هل الوضع في فلسطين التي انشطرت دمويا إلى نصفين بعد الانتخابات وكل ذهب في نصفه ..أو لبنان التي يعض كل طرف على موقعه بالسلاح والقوة والقتل بين كل فترة وأخرى .. أو مصر التي يريدون فيها عزل المرشح لرئيس الجمهورية قبل انتخابه من الشعب .. ، أو هل الوضع في الكويت الذي تم حل البرلمان خمس مرات في ثلاث سنوات من أمير البلاد ، هل الوضع السياسي مستقر في هذه الدول " الديمقراطية " ؟؟؟؟؟ هل هي المثال الذي نريد أن نحتذيه في قادم الأيام ..
ليست التجربة الديمقراطية في الوطن العربي مدعاة للفخر ،وقد كان من الأفضل أن تكون مدعاة لإعادة الدراسة والبحث ..وربما يتساءل البعض ولماذا هي كذلك ، ولماذا لا تنجح الديمقراطيات عندنا كما تنجح في أوروبا ودول أخرى ؟؟؟
والجواب بسيط وبسيط جدا فمن الصعب على الدول المستعمرة( تحت الاستعمار ) أن تكون مستقرة سياسيا إذا لم يرغب مستعمرها بذلك .. والوطن العربي ما زال وبعد ستين عاما من إعلان استقلاله الاسمي يقبع تحت سيطرة دول الغرب بشكل أو بآخر، أي أننا لا زلنا مستعمرين بالرغم من العلم والنشيد الوطني والحدود ...
وقبل أن نقرر النظام السياسي المناسب لنا ، لنعد في الوطن العربي جميعه ( إذا كان هناك ما بقي يسمى بالوطن العربي ) إلى نقطة الصفر ولنطالب باستقلالنا الحقيقي ثم نتناقش بعد ذلك إذا كنا نرغب بقيام نظام ديمقراطي أم لا ... والله الموفق