زاد الاردن الاخباري -
قراءة متأنية في الرسالة الملكية لنقابة المعلمين
التهاني والتوجيهات الملكية
في رسالة ملكية سامية ، قدم جلالة الملك عبد الله الثاني التهاني بتأسيس نقابة المعلمين ، وأكد جلالته على أن مهنة التعليم من أنبل المهن التي تتجلى فيها كل معاني القيم الانسانية الاصيلة ،وتعكس الضمائر النقية الأصيلة لأصحابها ، الذين هم قادة المستقبل والقدوة الحسنة في العطاء بدون حدود ، والريادة في ميادين العلم والمعرفة والأبداع .
وأكد جلالته على دعم النقابة تقديرا واعتزازا بالرسالة الانسانية النبيلة التي يحملها المعلم ،التي تهدف إلى بناء جيل مسلح بالعلم والمعرفة ، قادر على مواجهة تحديات عصره .وتقديرا لأهمية دور المعلم في تعزيز قيم الانتماء للوطن والأمة ،فالنقابة خطوة هامة على طريق الاصلاح الديموقراطي ،حيث مارست في تأسيسها تجربة ديموقراطية ناجحة للعملية الانتخابية الحرة والنزيهة، فهي وطنية فاعلة ومؤثرة ،ولدت من رحم الوطن لترجمة رسالتها ، وبلورة خططها للارتقاء بالمهنة وصاحبها ،والحفاظ على حقوقه وكرامته العلمية والاجتماعية.
ووجه جلالته النقابة للمبادرة بالدعوة لبناء شراكات حقيقية مع المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة ؛ للتعاون وتحمل المسؤولية تجاه بناء اجيال المستقبل ، وذلك لضمان حصول الطلبة على افضل المستويات التعليمية ، وبناء قدراتهم الفاعلة ؛ لمواجهة التحديات ،وان تكون المبادرة ايجابية في الفكر والعمل والابداع ،وان يكون المضي إلى المستقبل بهمة وعزيمة سمة اعمالهم، وعنوان رسالتهم في ظل اردن الحداثة والحرية والديموقراطية ، في عين رعاية واهتمامات ملكية .
واشار جلالته بان الانجازات الحقيقية اتت اكلها ،في حوسبة المناهج ،والبحث العلمي ،وتحديث المدارس والمؤسسات التعليمية وتجهيزاتها، وبناء شراكة مجتمعية حقيقية، وايجاد المؤسسات والمبادرات المستدامة التي تهتم بتمكين المعلمين، ورفع سويتهم التقنية والعلمية ،وحفزهم للابداع والتميز ، واخرى تربط الطلبة باقرانهم في مجتمعات عالمية متقدمة.
ان اهتمامات جلالة الملك بالمعلمين ونقابتهم ردت لهم مكانتهم واعتبارهم الذي كادوا يفقدونه ؛ فلكي تنجح العملية التعليمية - التعلمية ؛لا بد ان تتفاعل عناصرها وهي المعلم والمتعلم والمنهاج والبيئة في جو دافىء ومريح،فلا شك ان المعلمين هم الامناء على هذه العملية داخل الصف ،وفي اطار المدرسة ،وهم محركوها والمسؤولون عن توجيهها نحو تحقيق اهدافها بكفاية وفاعلية، كما ان المعلمين هم العنصر الحاسم في انجاحها او اخفاقها؛ لذلك يشترط رضاهم وقبولهم مهنة التعليم من خلال توافر مكانة اجتماعية واكتفاء اقتصادي، ومنحهم حقوقهم كاملة لتأمين حياة كريمة ؛ وذلك لتمكين المعلمين من اداء ادوارهم بفعالية.
هذا وعلى المعلمين ان يساعدوا انفسهم ليفرضوا احترام المجتمع وتقديره لهم ،من خلال جدهم واجتهادهم ،والحرص على كرامتهم ومكانتهم ، فلا يضعن احدهم نفسه في غير موضعها.
ان اعداد المعلمين اكاديميا ومهنيا اعدادا عاليا ؛ لتمكينهم من القيام بمهامهم ومسؤولياتهم بفعالية ونجاعة عالية لهو من احق حقوقهم، ولا ريب ان الحرص والتأكيدات الملكية لدعم وانصاف المعلمين ونقابتهم جاءت مجزية ومنصفة وموافقة لتطلعاتهم النقابية المهنية، حيث هم اصحاب مهنةانسانية رفيعة لا يجوز لاحد ان يمارسها الا باجازة، وفق متطلبات معينة.
لقد دعت الرسالة الملكية الموجهة إلى نقابة المعلمين ممثلة برئيسها إلى تطوير وتحديث ادائهم في ضوء تراكم المهارات وتفجر المعرفة ،وان يكونوا مبادرين لدخول ميادين الانتاج النوعي والابتكار والتميز، وبناء اجيال لا تستكين للواقع بل تسعى للتألق والعطاء دون حدود ؛ فعليهم بذلك اثبات جدارتهم واهليتهم لاعلاء مكانتهم الاجتماعية وتاكيد ادوارهم المتميزة.لا شك ان كل هذه مكاسب وانتصارات للمعلمين ولا بد في اطار الاندفاع والجيشان للتقييمات والمراجعات والتقديرات والاهتمامات من التركيز على ما يلي:-
1- اختيارالمعلمين:
اذ لايجوز ان يقحم للعمل في هذه المهنة من لا تتوافر لديه استعداداتها والميل الطبيعي لقبولها؛ فلا يجبر عليها كل كاره لها في ظل مغرياتها.
ان عملية اختيار او توظيف المعلمين يجب ان تكون اهم واكثر القرارات تعقيدا واستنادا إلى اسس علمية مكينة ،ولا بد من مراجعة نظريات الاختيار والتوظيف والوقوف عليها طويلا.وفي هذا الصدد يجب ضمان انتقاء افضل العناصر التي تميل إلى هذه المهنة، وتوافق خصائصها الشخصية ومسؤولياتها العقلية متطلبات العمل لمهنة التعليم، ولديها القدرة على النمو والاستعداد لاكتساب مهارات جديدة ،ومعلومات حديثة متجددة.
2- سياسة التأهيل والتدريب المستمر للمعلمين هي جزء لا يتجزأ من التنمية بشكل عام، وحق من حقوقهم المكتسبة ؛ فالتدريب والتأهيل والذي لنا منه في الجامعات الاردنية العتيدة موئلا وحصنا ،يساعد على رفع مستوى اداء المعلمين وتحسين اساليب عملهم، وبالتالي إلى زيادة الانتاجية، كما يساعد على تحسين المناخ العام للعمل داخل المؤسسات التربوية ؛فيؤدي الى رفع الروح المعنوية للمعلمين، ويساعد على ازدهار الصحة النفسية والعقلية والفكريةلهم، كما يمنع تقادم المعلومات، ويساعد على تجديدها وتطويرها،وان لا يكون التدريب عملية روتينية جامدة، تعني فقط ايفاد المعلمين لحضور برامج وندوات معينة والخروج منها صفر الوطاب..
ولابد في هذا المجال من رغبة اساسية في التعلم والتطوير فتكون لدى المعلم رغبة نشيطة في التعلم الذاتي ،وان يأخذ زمام المبادرة في تطوير معلوماته وقدراته ؛ ليواكب التغيرات المحيطة ومتطلبات العمل، فالدافع الذاتي والرغبة في التعلم يجب ان لا تتوقف في حياته الوظيفية، او في مرحلة ما؛ فلا بد من الدراسة الذاتية المستمرة وملاحقة الملاحظات العلمية والتجارب والبحوث والدراسات والمناقشات ،هذه كلها تؤثر في رفع كفاءة المعلم وقدراته.ان على المعلم ان يؤمن ان ليس للتعلم والتزود بالمعرفة حدودا؛ فلا بد من مواكبة التطورات العلمية والتقنية.
3- استقرار المعلم النفسي من خلال
ا- تأهيله وتدريبه كما سبق وباستمرار.
ب – تحديث التشريعات والتعليمات التي تحكم العاملين في المؤسسة التربوية؛ لتستوعب المستجدات من التطوير ،ولضمان التجاوب مع مرونة العمل واجراءاته بشكل يخدم الاهداف العامة المتمثلة بالكفاية والفعالية.
ج- ازدياد شرعية المدرسة، وتامين دعم المجتمع لها، واعتبارها صدقة جارية، في بنائها ودعمها وتقديم العون والمساعدة اسوة حسنة ،كما ان على المدرسة ان ترسخ المبادىء ،وتركز على التمسك باخلاقيات المهنة والنزاهة والموضوعية؛ فهي مصنع الانسان السوي المستقيم.
د – نظام حوافز مادية ومعنوية مناسبة، واعتماد توفير مزايا اخرى.
ان لنا دعوة إلى ايجاد نظام حوافز مادية ومعنوية، فالمعنوية منها ان لا يرقى إلى مهنة التعليم الا من يحتصل على الكفاءة التربوية ،والكفاءة التربوية تكون باجازة علمية جامعية، ثم دبلوم تاهيل تربوي، واضيف ان لا تمنح شهادة الكفاءة التربوية ( بعد المؤهلات السابقة) الابعد اثبات جدارة ميدانية بتقييم لمدة سنة بعد التعيين في الوظيفة، وادعو إلى التشدد في منح هذه الكفاءة ضمن نظام معين.
4- الانتاجية : حيث اننا نسعى إلى تطوير تربوي في ظل تنمية شاملة تمكن بلدنا العزيز من اللحاق بركب العالم المتسارع التقدم نحو ثورة العلم والمعرفة والتقنيات،
ان الانتاجية ونمو العمل المدرسي محصلة ومخرجات لعمل تعاوني تعاضدي من جميع ذوي العلاقة ( المعلم والمدير والتلميذ والاباء واولياء الامور والوزارة وادارة التعليم والمجتمع ومؤسساته العامة والخاصة)والنمو سببه النجاح فاذا نجح المعلم وافراد المؤسسة التربوية نجحت التربية بكاملها، والنمو سببه امتلاك التكنلوجيا المادية والاجتماعية فل بد من توفيرها في مدارسنا، والنمو سببه البحث فلا بد من استمرارية البحث حول المعرفة والعلم والتقدم.والنمو سببه الادارة الفاعلة والقادرة؛ فلا بد من تطوير الادارة لتساير عجلة البناء والانتاج.
ويتأتى ان يضع المختصون اسس الانتاجية ووسائل قياسها ومراقبتها ، وان تكون ثمة معايير وروائز للنجاح والانتاجية، وان يكافأ ويحفز المجد المبدع المعطاء ،وينذر الكسول ويعاقب المتهاون المتخاذل ؛فلا مكان في المؤسسة التعليمية لمن كان همه رصد ايام الشهر لاستلام راتبه ،ولا مكان لمن يلقي عصا العمل ويركن إلى السبات والكسل والخمول، ولا بد ان يتم تقدير عمل المعلم وفق نتائج العمل التعليمي، ويتم تقدير التعليم بالدرجة التي يتحقق بها السلوك المحدد،او النتائج التي يتحصل عليها التلميذ في سلوكه ومهاراته ومعارفه وقيمه واتجاهاته ونموه المتكامل، ولا بد من تقويم نتائج التلاميذ ومدى تقدمهم نحو الاهداف المرجوة في المجالات المعرفية والانفعالية والنفسحركية.والرقابة مهمة؛ فلا بد منها لرفع كفاءة الاداء وجودة الانتاج، وتحسين تسهيلات العمل، وتحسين الروح المعنوية للمعلمين، واستعراض المشاكل التي تعترض سبيل التقدم، ودراسة اسبابها واقتراح سبل علاجها.
الدكتور شفيق علقم