وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يَــا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ قال الله تعالى:(
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُم) الأحزاب70
في هذةه الاية الكريمة امر من الله عز وجل المؤمنيين بأن يقولوا قول الحق والصدق والعدل, والقول الحق والصدق يعني الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة الفساد بالكلمة الصادقة الهادفة الى التأشير الى مواطن الخلل لاصلاحها
, ويكون باصلاح الخلل اصلاحاً للمجتمع, وهي امانة امرنا الله عز وجل ان نؤديها بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء:58
ومن الأمانة أيضاً: أمانة الولاية وهي أعظمها مسؤولية، الولاية العامة والولايات الخاصة، فالسلطان مثلاً الرئيس الأعلى في الدولة، أمين على الأمة كلها ، على مصالحها الدينية ومصالحها الدنيوية، على أموالها التي تكون في بيت المال
، لا يبذرها ، ولا ينفقها في غير مصلحة المسلمين وما أشبه ذلك.
وهناك أمانات أخرى دونها، كأمانة الوزير مثلاً في وزارته، وأمانة الأمير في منطقته ، وأمانة القاضي في عمله، وأمانة الإنسان في أهله، المهم أن الأمانة باب واسعٌ جداً وأصلها أمران:
أمانة في حقوق الله : وهى أمانة العبد في عبادات الله عزّ وجلّ.وأمانة في حقوق البشر" وهي كثيرة جداً ، وقد أشرنا إلى شيء منها، وكلها يؤمر الإنسان بأدائها: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) ، تأمل هذه الصيغة (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ ) صيغة قوة وسلطان. ومن الامانة تقديم النصح للسلطان والامير والمسؤول , كقول الرسول علية السلام" المستشار مؤتمن" وقوله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر او ليوشكن الله ان يبعث عليكم عقاباً لايرفعه ثم تدعونة فلا يستجاب لكم" وبالتالي فأن مسؤولية الجميع هي قول الحق ومحاربة الفساد والاشارة الى مواطن الخلل , لاننا جميعا في مركبٍ واحد ننجوا جميعاً أو نغرق معاً.
فالذي يتنقل في بلادنا الحبيبة من العقبة الى الطرة يجد العجب العجاب ففي المنطقة التي هي موطن ابائي واجدادي مثلاً منذ مئات السنيين لواء الكورة عندما تتنقل من قرية الى اخرى تجد مدى الفقر والجوع والبؤس باديٍ على معظم سكانها - من جنيين الصفا مرورا بتبنة فجفين الى كفرالماء فالاشرفية فكفر راكب وبيت ايدس فكفرعوان وكفرابيل واجديتا - وضعٌ في غاية المأساوية فهناك احياء كنت قد زرتها في هذه المناطق تصلح لان تعلن مناطق منكوبة , فقد مررت بهذة الاحياء الفقير وجلست الى سكانها وكل اسرةٍ تقريباً تتكلم عن معانتها ولكل اسرةٍ قصة مأساوية تصلح لان تكون احداثها مسلسل او مسرحية تراجيديا. فقر, بطالة , مرض جوع , حالها كحال ابناء معظم القرى والبلدات الاردنية واذا ماوصلت الى عجلون فجرش فمخيماتها لن تجدها احسن حالا , اما في الشرق والجنوب فحدث ثم حدث ثم حدث ولا حرج في ذلك فانت حين تزور الاحياء البائسة الفقيرة تشعر انك في القرون الوسطي وان هذة المناطق والاحياء لولا الماء والكهرباء لشعرت ان الحضارة قد مرت من فوق هذه المناطق ولم تلامسها.
ثم انتقل الى عمان – من دابوق الى دير غبار الى الصويفية الى عبدون الى ام اذينة الى الرابية فخلدا فالظهير الى احياء جديدة قد انشئت على طريق المطارفماذا تجد؟ انك تشعر أن ابنائها من المترفين المنعميين , تشعر انك انتقلت من القرون الوسطى الى مابعد الحضارة تشعر انك انتقلت من احياء قرية نائية تحت حكم العثمانيين في القرون الغابرة الى باريس او الى مدينة الضباب لندن – زادهم الله نعيماً إن كانت اموالهم جمعوها من حلال.
وعندما تطالب اصحاب القرار بعدم زيادة الضراب على السلع الاساسية وتوفير الاموال الازمة لتنمية المشاريع في تلك المناطق , فأن الحجة والجواب, لايوجد مخصصات وان المالية العامة تعاني من عجز مستمر سببه ترهل حكومي مالي واداري .
إن هذة المناطق المنسية من يلادي والتي تحتاج فعلاً الى برمج تنموية حقيقة, لهي احق واعز , من اولئك الذين نهبوا اموال الوطن ولوثوا ترابه واهله باسم الحرية الاقتصادية والتي كانت مدخلاً رئيسياً لنهب الاموال وخصخصة المؤسسات بطرق قانونية أوغير قانونية لكنها ليست وطنية ولا اخلاقية ولاخالية من دسم الشبهات.
ان ماشاهدتة من فواتير لعطاءات تلزيم لمجمع الاسمدة في العقبة تجعل المواطن يفقد صوابه ويجنح بعقلة الى كل المناطق المحظورة متجاوزاً كل الاشارات الحمراء وشاخصات ممنوع المرور. عندما تتضمن فاتورة تقدم الى المجمع بناء سور بمبلغ 10ملايين دينار , أو باب مجمع لم يصنع أصلاً أو يركب بمبلغ 4 ملايين دبنار وكلفته الحقيقية لاتتجاوز 500دينار على اعلى تقدير , اشجار بسعر (1200) دينار للشتلة الواحدة وسعرها الحقيقي لايتجاوز 10 دنانير, صيانة عيادة بمساحة 100متر مايقارب المليون دينار, وهو مبلغ تستطيع أن تبني به مبني مساحته 5000متر. اباريز بسعر الابريز الواحد 250دينار بينما سعره الحقيقي لايتجاوز الدينار الواحد. اليس بمقدورنا ان نعمل مصنعا نشغل فيه الاف العاطليين عن العمل في منطقة نائية من بلادي بهذه الاموال المنهوبة؟ اذا كان مجمع الاسمدة فيه قضية نهب تصل الى حوالى 70 مليون دينار فهذا يؤشر الى وجود مئات من القضايا المشابهه والتى تتجاوز قضايا الفساد فيها االمليارات وتزيد عن عن المديونة العامة للدولة .
ثم يطل علينا رئيس الوزراء ليقدم لنا النصح والارشاد بالابلاغ عن اية قضية فساد مالى . فماذا فعل الرئيس في هذه القضيه وغيرها من القضايا؟ من هم اصحاب الشد العكسي؟ ومن يحميهم؟ من هم الفاسدون ومن يرعاهم؟ ولماذا يتم التستر عليهم؟
وغيرها كثير من الاسئلة التي لاتجد لدى الحكومة اجوبة عليها, فمن لديه الاجوبة إذن؟