ثمة تساؤلات مشروعة تفرض نفسها حول ما تشهده الساحة من تداعيات تثير هواجس المواطنين وقلقهم بشأن حاضرهم ومستقبل أجيالهم القادمة، ولا سيما في ظل ممارسات لن تزيد الأمر إلا سوءاً وضرراً، فنظرة واقعية واحدة كفيلة بتشخيص حجم الخلل القائم الذي لا يسمح بتحقيق أي إنجاز.
ولعل الجميع يلحظ الأجواء غير الصحية التي يملؤها التصيد والتشكيك والسعي الى تصفية الحسابات. يختلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح. والساحة جمعت من كل صنف ونوع. العاقل والمجنون والسياسي والجاهل. سجالات واختلافات واحتقانات وتدني ثقافة الحوار. فتشوهت وتصدعت المسيرة من كثرة الضرب بها واستغلالها.
نمشي بالعكس. نسير الى الخلف. انجازات مُصابة بداء العضال وشلل الأطفال المزمن. إرتجال دون الخوض في حل المشكلات. نقف أمام معادلة صعبة جدا من التسويف والإرهاق والتحايل والعبث والمماطلة والتخدير والتسكين المؤقت وكسب الوقت الى حين إشعار آخر. ويبدو أننا إتخذنا قرارنا بالهروب من مواجهة التحديات، ونصرّ على الانحراف عن جادة الصواب من أجل مكاسب شخصية. تفريط بالشعب والوطن لتحقيق أهداف وأجندات خاصة ومآرب أخرى. والكل يريد حصته من مستقبل الوطن!!.
هكذا هي مجريات الأمور. وما أشبه حالنا بحال مريض يحتضر، الذي لن تُجدي نفعاً معه كل الأدوية وحتى المسكنات لن تخفف من آلامه.
إننا نشعر حقاً بأزمة خطيرة. ونخشى أن لا تتحقق أية مكاسب ولا نمو وطن. مما ينعكس سلباً على مصلحة البلاد والعباد.
الدولة للجميع وللأجيال القادمة. ولا يمكن قبول بأي حال من الاحوال أن يتجاوز الانحراف والانحدار في الممارسات حدوداً غير مسبوقة تصل الى التخوين والتشكيك بالوطنية ودق إسفين الفتنة بين أبناء المجتمع، فإذا كان يمكن التغاضي عن ممارسات وتصرفات شخصية مريضة وتصريحات وادعاءات تعكس قيمة أصحابها، إلا أنه لا يجوز التغاضي عن بوادر فتنة بغيضة وتحريض يشق الصف.
نحن مدعوون جميعاً للتأمل في التأريخ وتسطير عناوين المستقبل بروية وحكمة، والابتعاد عن الهروب وأسلوب الترقيع والإسهاب في سياسة التجميل. وإلا فلنقرأ فاتحة الغفران على الوطن وأهله. نحتاج لصحوة تعيد لنا وهج الاردن وتألقه وتخليصنا من الاخفاقات المتكررة التي أنهكتنا بكل ما للكلمة من معنى. ولنقف على نقاط الضعف وعلاجها، وتعزيز نقاط القوة ودعمها حتى نبني وطناً مزدهراً. فثمة ساحات وساحات تتنظرنا للقيام بواجباتنا ومسؤولياتنا. كل الميادين مُشرّعة ومفتوحة. وخيارات الإبداع والإنجاز لا تضيق إلا حين تضيق الرؤية. ونحن متأكدون أنه طالما لدينا ملك حكيم ومصرّ على الإنجاز والتقدّم فإن الغد المشرق قادم لا محالة.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً.. اللهم آمين.