زاد الاردن الاخباري -
انها بدعة خرافية خبيثة صنعتها أيد حاقدة شريرة في ظلام دامس ، امتدت خيوطها الشيطانية منذ عام النكبة ، او قبلها ،حيث تم رسم هذه الخطة الابليسية ، لان الصهاينة يريدون اقامة دولتهم الدينية على ارض فلسطين كلها في المرحلة الاولى ؛ لذلك يريدون فلسطين فارغة مفرغة من اهلها ، لانها حسب زعمهم ارض بلا شعب وتحتاج إلى شعب بلا ارض ، وبدأ المسلسل التنفيذي عندما دخلوها بقوة السلاح، بطرد الفلسطينيين من ديارهم واوطانهم وتقتيلهم ، على ايدي العصابات الارهابية ( الشتيرن ، والهاجاناه ، والارغون )، واستمر مسلسل الطرد والتهجير القسري حينا ، والمفاوضات الخيانية مع الاطراف المحيطة بفلسطين احيانا اخرى، ضمن عمليات تهجير ناعمة ، بلباس انساني ،وبحجة العمل وطلب الرزق ،بمساعدة بعض المتنفذين والمستفيدين والمتكسبين من العرب وغيرهم، او عمليات بيع وشراء الاراضي بوساطات خائنة مأجورة ،وكان الهدف الاكبر هو تفريغ فلسطين ،
( الوطن الموعود) -كما زعموا- من كل مكوناته الشرعية والسكانية.
اخذت معالم هذه اللعبة الخبيثة تتضح ملامحها بعد هزيمة الايام الستة ،وما تبعها من حوادث ايلول الاسود؛ لترسيخ العداء وبذر الشقاق بين ابناء الشعب الواحد ،وما تلا ذلك من قمم واتصالات مشبوهة، من امثال قمة سرية تمت بين رئيس الوزراء الصهيوني انذاك سيء الذكر (اولمرت ) وشخصية خليجية وصفت حينئذ بانها كبيرة، وذلك للبحث- كما زعموا- عن افضل الحلول للقضية الفلسطينية ،وقد تسرب عن تلك القمة ان الخيار الاردني هو الخيار الاكثر قبولا ،واخذت مسلسلات التآمر على المكون الاردني بكل اطيافه تتوالى ،ونشط سماسرة البيع والمتنفذون لتمرير خرافة الوطن البديل، وتقديم فلسطين على طبق من ذهب للصهاينة الغزاة، شرعيا وقانونيا وسياسيا.
ونشطت اسرائيل ومن يساندها من قوى اقليمية ودولية، بمباركة ودفع امريكي ؛لوضع الخطط التنفيذية لتمرير اجندتها في اقامة الوطن البديل، واخذ بعض المسؤولين الصهاينة يطلقون علنا تصريحات معادية للاردن ، تفيض حقدا وكراهية وهذيانا، لان اسرائيل ادركت ان الشعب الاردني والدولة الاردنية هما العقبة الكؤود امامها، فاخذت تعمل على اضعاف اركانها ،وايقنت ان الفتن الداخلية هي المدخل العملي لتنفيذ مآربها ومخططاتها، فاخذوا يعملون تارة على خلق مناخات مناسبة بدعوات عن عملية سلام بارد ،ولقاءات سياسية ،ومؤتمرات مشبوهة، تكفلت بمساعدتهم مجموعات مرتبطة بمصالح مشتركة؛ لتوريط الاردن الصامد الصابر، بشبكة واسعة من الاستغلال والسلب والنهب للمال العام على ايدي مرتزقة متنفذين لاضعاف الدولة، ومحاولة تفكيكها واستبدالها بلعبتهم الخبيثة التي طالما حلموا بها ،وخططوا لتنفيذها. ولكن ارادة الشعوب تظل هي الاقوى، فالاردنيون اليوم من شتى الاصول والمنابت اصبحوا اكثر يقظة وقوة وتماسكا؛ لاحباط مخططاتهم الخرافية، فالاردن ليس بديلا عن فلسطين، وفلسطين ارض مغتصبة لا يرضى اهلها عنها بديلا سوى الجنة ،والشعب في الاردن كما هو الشعب في فلسطين مسؤولان امام الله والتاريخ عن تحرير فلسطين، وعن امن واستقرار وسيادة الاردن في ارضه ، لان اصول الشعبين متجذرة في ارضها ومتأصلة في دمها وعقيدتها ولسانها وتاريخها ، كما ان فروع الشعبين متشابكة متلاحمة، واستقرار وامن الاردن وسيادته هو امن واستقرار وسيادة الشعب الواحد في الضفتين.
ان الاهداف المبيتة من وراء هذه الطبخة لم تعد خافية على كل ذي بصيرة، فخرافة الوطن البديل تهدف إلى اثبات حق البقاء والعيش المستمر للكيان الصهيوني بالطرق السياسية والقانونية؛ لتأخذ طابع الشرعية فيما بعد، كما تهدف لتثبيت ارض فلسطين للغزاة شرعا ،وانتزاع شرعيتها من اصحابها الاصليين، كما يهدف هذا المسلسل إلى زرع بذور الفتنة والشك والريبة، وتنمية اساليب العداء بين اطياف الشعب الاردني الواحد ،بين اشقاء في الدم والاصول والفروع ،و كل اواصر الوحدة ،بايدولوجيات خارجية بغيضة ،تهدف لتفتيت الوحدة الاردنية الفلسطينية المثالية المقدسة، كقوة وحيدة مناهضة لاستمرار الكيان الصهيوني ، كما تهدف لاشغال والهاء اصحاب الحق عن التفكير بقضيتهم الاساسية وحقهم المغتصب.
والغريب ان هذه المسلسلات الخبيثة لا تزال تأخذ ابعادا جديدة وممارسات مشبوهة، ومما يؤلم، ان تتم هذه الممارسات بالتعاون مع بعض العرب المشبوهين، فيتبلور في هذه الايام مؤتمر تطبيعي مع الكيان الصهيوني ، يتم عقده في مع الاسف في عمان ، تحت سمع وبصر الوطنيين الاحرار من كل الاطياف في هذه البلد ،ولا مستجيب، كما سبقته مؤتمرات ولقاءات تطبيعية كبرى ، تم غض الطرف عنها، فاصبحت عارا ومهانة يندى لها الجبين ،مثل توقيع اتفاقية تزويد الكيان الغاصب بالغاز المصري، ومؤتمر الاديان في قطر ،الذي دعي له كبار الحاخامات اليهود ،الذين قدموا من الارض المحتلة، واتفاقية وادي عربة،وكل هذه الممارسات وغيرها تهدف بالدرجة الاولى إلى التطبيع ،وازالة الحواجز مع الصهاينة ليس الا .
ان استمرار هذه الممارسات والاساليب التي تهدف إلى تفكيك الدولة الاردنية ،واستبدالها بوطن بديل؛ انما يعني ضرب معاهدة السلام الموقعة في وادي عربة ،والغاء الالتزامات المترتبة عليها، وضرب والغاء التزام الاجماع الدولي في انجاز حل الدولتين وتحقيق السلام الشامل ، وليس ذلك بغريب على عدو لا يجيد الا نصب المكائد والكمائن ولا يعترف الا بالقوة.
ان هذه الممارسات والتطبيعات انما تتم على حساب الشعب والوطن والامة والتاريخ، فهلا نصحو ونقف صفا منيعا كالبنيان المرصوص، شعبا واحدا متماسكا ،يقظا عما يحاك له من مؤامرات بدعوى الربيع العربي ،لتفويت الفرصة على مغتنميها ، وقلب القدر على طابخها !!!
الدكتور: شفيق علقم