زاد الاردن الاخباري -
بقلم: المهندس محمد القضاة
قراءتنا للمشهد السياسي الاردني منذ بداية الربيع العربي وتداعياته في الدول العربية ، يؤشر بما لا يدع مجالاً للشك بأن الحالة الاردنية في مجال للإصلاحات والعلاقات السامية بين النظام والشعب القائم على اسس تاريخية ، ولا يخدش صورتها إلا الإنزلاق الإخواني في الوصف غير الدقيق للأوضاع السياسية والتعامل الأنتهازي مع الظروف الأقتصادية ، فمنذ ما سمي بالربيع العربي تعاملت معه بإيجابية من إدخال تعديلات على بعض الانظمة والقوانين الناظمة للحياة السياسية الاردنية ، ولا نقول عنها إصلاحات ، لأن الاصلاح الاردني زارنا منذ عقود طويلة عندما كانت فيها الدول التي اصابها الاصلاح مؤخراً تعيش حالات الاستبداد والقمع والديكتاتورية من أنظمتها الحاكمة .
ولذلك نتساءل ما الذي جناه إخوان الأردن من اصرارهم على اللجوء للشارع الاردني ورمي كل ثقلها فيها ؟ والجواب – حسب المراقبين – بأنها لم تجني إلا ممارسة سياسية سلبية بإمتياز هدفها محاولة توتير الشارع وتثويره والدفع لإسقاط تجارب الإخوان في مصر وتونس والمغرب على الاردن ، وكأن إخوان الاردن اصابتهم "حالة انفصام سياسي" ، وهي إصابتهم ولكنها للأسف متعمدة ومدروسة ، وأبدى الراصدون للساحة الاردنية استغرابهم من اختيار الاخوان للشارع الاردني دون سواه ، خاصة وأن مؤسسات الدولة لم تغلق أبوابها أمام الجماعة منذ تأسيسها في الاربعينات في الوقت الذي نكلت فيه الجماعة في الدول المجاورة ، وعزلت نفسها عن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية برفضها المشاركة في أية أطر أنشئت لتطوير الحياة السياسية ورفضها الحوار أو التنسيق ، ومع إدراك الجماعة لفشلها استصدرت الفتوى الشرعية لكوادرها لإجبارهم على النزول للشارع ، ورحلت قيادتها الى البوادي والأرياف ولم تجن شيئا ، حتى أختارت أخيراً المخيمات لتضرب بذلك مثلاً حياً على نواياها في زعزعة استقرار الدولة مع إدراكها لحساسية المخيمات في النسيج الاردني .
ويؤشر المحللون الى حالة الاعتكاف الاخواني وإدارة الظهر لجهود الدولة في الوصول لقانون انتخاب يتناسب المجتمع الاردني بتنوعاته ، وقطعت كل خطوط الاتصال مع مؤسسات الدولة ، والسؤال المطروح في الاوساط السياسية الى أين تقودنا الجماعة ؟ لا بل يقودنا تيار الصقور الذي سيطر على الجماعة في انتخابات شهدت خلالها وبعدها خلافات داخلية حادة وصلت الى تشكيل لجان التحقيق ، رغم حرص الجماعة على ان تبقى الروائح الداخلية مكممة لخداع الرأي العام بأنها الأنموذج الأمثل على ساحتنا الاردنية .
لا زالت أمام الجماعة بقراءة متأنية لظروفنا المحلية والإقليمية والأندماج مع جهود الدولة لتجاوز الأوضاع الصعبة والتوقف عن سياسة المزاودات ومحاولات خلق الاصطفافات مع مكونات الشعب الاردني واستقطابها لخدمة اهدافها ، وقبل ذلك الاعتراف أمام نفسها بأن الحالة الاردنية بعيدة كل البعد عن الحالات الخارجية التي ارتوت ساحتها بدماء الابرياء ودمرت مؤسساتها وطالتها حالات النهب والاعتداء وسقطت فيها كل اشكال الأمن .