زاد الاردن الاخباري -
شهد مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، أحد أهم المرجعيات الدينية في العالم، انقساما حادا بين أعضائه وبينه وبين علماء مسلمين أثار جدلا فقهيا حادا حول مسألة بناء الجدار الفولاذي العازل، حيث أيد بناء الجدار وأعتبره شرعيا عدد من العلماء، مشيرين إلى أن هدفه هو منع الضرر، فيما اعترض عليه آخرون، وأفتوا بأنه حرام وغير شرعي، باعتبار أنه يضر أهل غزة. وأشاد غالبية أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بالجدار، وأعتبروه شرعيا، بيد أنهم فوجئوا ببيان يحمل توقيع 25 أزهريا بينهم عضوان من أعضاء المجمع، يطالب الحكومة بسرعة وقف بناء الجدار، بل والاعتذار الرسمي "لشعب غزة الشقيق المحاصر"، ومنع تصدير الغاز لكيان العدو الصهيوني، وإلغاء اتفاقية السلام، والتوقف عن كافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، ويدعو حكام الدول العربية والإسلامية إلى عقد مؤتمر عربى إسلامى، لاتخاذ موقف حاسم ضد بناء الجدار العازل، وتحديد خطة شاملة لفك الحصار المفروض على قطاع غزة. وقال بيان مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، انه "من الحقوق الشرعية لمصر أن تضع الحواجز التي تمنع أضرار الأنفاق التي أقيمت تحت أرض رفح المصرية، والتي يتم استخدامها في تهريب المخدرات وغيرها مما يهدد ويزعزع أمن واستقرار مصر ومصالحها". واضاف البيان الذي نشر في ختام اجتماع شارك فيه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي "إن الذين يعارضون بناء هذا الجدار يخالفون بذلك ما أمرت به الشريعة الإسلامية". في حين دان علماء الأزهر الشريف قرار الحكومة المصرية بناء "الجدار الفولاذي" بين رفح وقطاع غزة، مؤكدين أن بناء هذا الجدار "حرامٌ شرعًا وقانونًا وإنسانيًّا"؛ لما يهدف إليه من حصار الأشقاء في قطاع غزة، وسدِّ كل المنافذ الشعبية للضغط عليه وإذلاله في وجه الأجندة الصهيو- أمريكية، وإعطاء الشرعية للعدو الصهيوني. وأفتى الشيخ سيد عسكر الأمين العام المساعد السابق لمجمع البحوث الإسلامية والدكتور محمد عبد المنعم البرى الأستاذ بجامعة الأزهر ورئيس جبهة علماء الأزهر فتوى أكدا فيها التحريم القاطع لبناء الجدار، حيث أكد الدكتور البرى أن بناء الجدار محرم شرعا وأن حصار وتجويع الفلسطينيين ومنع الغذاء والدواء عنهم بهدم الأنفاق وإغراقها، وإغلاق بوابة رفح لصالح العدو الصهيوني يعتبر جريمة ترتكب في حق أشقائنا الفلسطينيين وتحرمه الشريعة الإسلامية ووجه البرى خطابه للحكومة قائلا: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". فتوى تجيز الخنق وكان علماء اسلاميون بارزون من بينهم المصري الشيخ يوسف القرضاوي واليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني افتوا بتحريم بناء الجدار الفولاذي العازل بين مصر وغزة وطالبوا السلطات المصرية بوقفه. وقال نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 الشيخ كمال الخطيب، لست ممن ينفرد بحالة الاستغراب والاستهجان أن يخرج صوت الأزهر بفتوى تجيز جدار الخنق والموت وجدار التجويع المراد إنشاءه بين غزة ومصر، إذ أن الأزهر عودنا أن يكون صوت الأمة الحي ومصالحها، أما أن يصبح الأزهر صوت النظام وصداه الذي يتردد بأن يغير من حقيقة وحجم الجريمة التي ترتكب بحق غزة عبر هذا الجدار، فهذا آخر ما كنا نتوقعه من الأزهر. وأضاف الخطيب التي تبث على القمر الإصطناعي النايل سات، أن من يدقق في العبارات التي صنعت في مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، صاحب الفتوى، والذي يتحدث عن دخول البيوت من أبوابها، والذي يتحدث عن منع المخدرات والذي يتحدث عن الجدار كون الجدار وسيلة لمنع خروج أهل غزة لسيناء، وكأن أهل غزة غير صامدين وكأنهم ينادون كل يوم بأن يخرجوا ويتركوا قطاع غزة ويهربوا". وتابع، أن هذه المصطلحات والمبررات لهذه الفتوى تزيدنا آسفا وهذه الفتوى لا تحوي أي شيء من مضامين الفتوى وهي حالة إرضاء للنظام المصري والسعي لكسب وده ليس أكثر. خدمة اليهود والأمريكان ورأى رئيس رابطة علماء فلسطين وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة حماس الدكتور حامد البيتاوي، نحن نؤيد فتوى الدكتور يوسف القرضاوي هو وإخوانه الذين أفتوا بحرمة بناء الجدار الفولاذي الذي أمر ببناءة النظام المصري من أجل خدمة اليهود والأمريكان، وهذا الجدار حرام شرعا لأنه يأتي في موالاة الأعداء، والله يقول "يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء". وقال البيتاوي أن الواجب الديني على مصر بوصف شعبها مسلم وبوصفها جيران لأهل غزة أن يعملوا على نصرة أهل غزة، ومصر هي التي أضاعت قطاع غزة في حرب 67 بعد هزموا في تلك الحرب، فالنظام المصري مسؤول رقم واحد عن احتلال قطاع غزة وضياعه". وأشار إلى أن علماء الأزهر أصبحوا يضمون مشايخ وعلماء السلاطين وهذه الفتوى التي أصدرها شيخ الأزهر فتوى مردودة على هؤلاء الذين أحلوا ما حرم الله تعالى. أدوار سياسية وقال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في مصر الدكتور عصام العريان، إن الإنسان يحزن من مسارعة الأزهر في إخراج مثل هذا البيان وعدم بيان الحقيقة كاملة. وأضاف العريان أن مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر له دور سياسي وهذا الدور قديم وليس بجديد، لأن الإسلام لا يعترف بفصل الدين عن الحياة، وبالتالي طبيعي أن يتصدى للقضايا السياسية طوال تاريخه، ولكن مجمع البحوث يتعرض لضغوط وتطويق في كثير من الأحيان فحين تصله مذكرة من الرئاسة أو المخابرات بأن هذا يضر بأمن مصر ثم لا يتحقق في هذه القضية فهنا يجب أن يمتنع عن الفتوى حتى يستمع للطرف الآخر فكان عليه أن يسمع لأهل غزة أنفسهم ويرى الأمور كما هي على أرض الواقع لان بيان خطير وهو مؤسسة محترمة فكان عليه أن يتريث وأن لا يكون عجولا". مواصلة العمل بالجدار وكانت الحكومة المصرية واصلت بناء جدارها الفولاذي على طول حدودها مع قطاع غزة، وسط تأهب أمني كبير، حيث دفع بثلاثمائة شرطي لحراسة المدكات التي تعمل على مدار الساعة، لدق الألواح الفولاذية في التراب، كما انتشرت عناصر من الشرطة على مباني مدينة رفح المصرية، تحسبا لإطلاق نار من طرف عناصر حماس على العاملين فوق المدكات، في الوقت الذي شوهدت فيه المصفحات والمدرعات التابعة للأمن المركزي المصري، وهي تتجه نحو الحدود، حيث تمركزت عند معبر رفح، وبوابة صلاح الدين، تحسبا لاندفاع مئات الفلسطينيين نحو الأراضي المصرية، بينما تظاهر أنصار حركة حماس قبالة معبر رفح للاحتجاج على بناء الجدار. وكانت السلطات المصرية منعت الأسبوع الماضي ناشطين دوليين، من تنظيم مسيرة "غزة نحو الحرية"، التي كانت ستنطلق من الأراضي المصرية نحو غزة، بمناسبة الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية على القطاع، وبررت وزارة الخارجية المصرية هذا المنع بأن بعض المشاركين "لم يستوفوا الأوراق المطلوبة، لذلك سيكون من الصعوبة التعاون مع هذه المسيرة". وترى السلطات المصرية أن استمرار التهريب من مصر إلى غزة عبر الأنفاق عمل غير مشروع يسبب لها الكثير من المشاكل الأمنية بما فيها تهريب الأسلحة والأموال التي سبق لها أن ضبطت مبالغ كبيرة منها إضافة إلى الإرهابيين. أما على المستوى السياسي فمن الواضح أن استمرار تدفق الإمدادات إلى قطاع غزة يضعف من قدرة مصر على ممارسة الضغوط السياسية على حماس. وكانت كارين أبوزيد، المفوض العام لوكالة الانروا لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أكدت خلال ندوة أقيمت في جامعة القاهرة، أن الجدار صنع في الولايات المتحدة، من الفولاذ القوي الذي لا تؤثر فيه حتى القنابل، واصفة إياه بأنه أقوى من خط بارليف، الذي بنته إسرائيل على الضفة الشرقية لقناة السويس، بعد احتلالها لشبه جزيرة سيناء في حرب عام 1967. وحذرت أبو زيد من الانعكاسات الخطيرة للجدار على أهالي غزة، وخاصة أن 60 بالمائة من الاقتصاد الغزاوي قائم على الأنفاق، التي تستخدم لتهريب السلع من مصر إلى القطاع المحاصر. الحقيقة الدولية