صحوة الضمير

زاد الاردن الاخباري -

بينما كنت اجلس في ليلة هادئة أعد النجوم في السماء وأتدبر في خلق الله سبحانه وتعالى رأيت نجوما متلألئة وشهب ونيازك في السماء وكأنها تبكي حظها الذي انقضى وفجاة وانا سارح في افكاري رايت ضوءا خافتا يدنو مني فاصبت بالذعر والخوف وبدأ العرق يتصبب مني فدنا مني الصوت اكثر واكثر وسمعت حشرجة وبكاء فصرخت من هذا وماذا تريد؟.ضحك بصوت عال ثم قال: لا تفزع انا ضميرك الذي مات من زمان وعفا عليه الزمن.فأجبته: واين كنت طيلة هذه السنين؟فسكت برهة ثم اجاب: لا تذكريني بجرح الايام فالكبر عبر ومن كثرة ذنوبك اصبحت لا اقوى على الحراك فبقيت نائما طول هذه السنين الى ان سمعت آهاتك فجئت مسرعا لانقاذك ومحاسبتك وتخليصك من ذنوبك, لماذا أثقلت كاهلي ولماذا لم تتخلص من ذنوبك؟ .لماذا سرقت من اموال الشعب وأكلت مال اليتيم ؟ قلت له وانا فزع: كنت جائعا واضطررت للسرقة لاطعام اولادي حتى لا يموتوا من الجوع. فرد الصوت قائلا: هل هذا هو ضميرك الحي ان تسرق من مال غيرك؟اجبت وكلي ندم: تحاسبني على دريهمات قليلة فلماذا لا تحاسب المفسدين الذين سرقوا بالملايين؟ فأجاب ضميري بعد لحظة صمت :لم اعد قادر على الهموم الثقيلة فقد طفح الكيل وازداد الهم الا تريد ان تخفف من همومي فانا كبرت ولم استطع قادر على تحمل المزيد من الآثام وجاء اليوم ليستيقظ ضميرك وترد الحقوق لاصحابها قبل ان تغادر هذه الدنيا الفانية؟ دنوت منه وقلت له: اسمع ايها الضمير فانا ايضا تعبت واريد ان ارتاح من المعاصي ولكن كيف ارشدني؟ اجاب ضميري دون ادنى تفكير:اولا من اجل ان تتخلص من تأنيب الضمير احضر قلم وورقة وابدأ في جلد الضمير ومراجعة الذات.ماذا تريدني ان احضر عصا واضرب نفسي؟ هل جئت لاصلاحي ام لتدميري . ضحك الضمير وقال:جئت مسرعا لكي يصحو ضميرك الذي مات من زمان . فقلت له:هل قلبي وحدي هو الميت فكل الناس باعت ضمائرها.فاستطرد الضمير قائلا: اجل اعرف ذلك ولكن عليك بنفسك اولا فلا تزر وازرة وزر اخرى.هيا هيا لا مجال لهدر الوقت فقد تموت بين لحظة واخرى هل تضمن ان تعيش لساعة؟ فاجبته بصوت دب في ارجاء المكان وسمعت صدى صوتي في هدوء الليل الساكن: لا لا لا فانا لا اضمن حياتي ولو لدقيقة.فأجاب ضميري بصوت خافت ونبرة حزينة وقال: اخفض صوتك لكي لا توقظ اهلك. اجبته وقد انهكني التعب: طبعا لا فالموت يأتي بغتة للانسان ولا يفرق بين صغير وكبير.بلى بلى يا ضميري الوفي الموت حق على كل انسان ولا يدوم الا الله سبحانه وتعالى وغرقت في بحر افكاري وفجاة سمعت الصوت نفسه يقول لي: اين ذهب عقلك يا صديقي وبماذا تفكر؟ قلت له؟افكر في ذنوبي واريد ان اتوب الى الله فهل من مخرج لمشكلتي؟.والان من اين ابدأ هل ابدأ في تخليص نفسي من البخل ام في اعادة الحقوق لاصحابها ام في بر والدي فأمي ماتت وهي غاضبة علي لاني وضعتها في ملجأ للعجزة في اخر عمرها ونسيت كل ما قدمته لي وانا طفل صغير فأجاب الضمير بصوت عالي وصراخ وعويل:.وما دفعك لذلك وعقلك معك هيا اجبني؟ فقلت بصوت مبحوح وحزين: لا اعرف ماذا اقول ولكن زوجتي اجبرتني على ذلك بحجة انها امراة كبيرة وبحاجة للرعاية.فأجاب بسرعة البرق:هل ستنفعك زوجتك وامك ماتت غاضبة عليك ورضى الله من رضى الوالدين وهذا جرم كبير ولا يغتفر.هات ذنبك الثاني لعلي استطيع مساعدتك يا صديقي.ترددت ثم قلت بصعوبة بالغة: هناك ذنوب مثل عدد شعر رأسي فاي ذنب اقول؟ اصلي ليل نهار ولكني لا اشعر بحلاوة الايمان الذين يقولون عنها فماذا افعل؟ فأجاب: ألا تعرف لماذا يا فلتة زمانك؟اجل فذنوبك تحجب عبادتك الى ان تتوب توبه نصوحة.قلت لضميري ودموعي تنسكب على وجنتي: كبف اكفر عن ذنوبي وهل يغفر الله الذنوب جميعها.فأجاب الضمير وهو يتابع كلامه: كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابين .فقلت ودموعي تجري في عيني: ماذا اقعل لكي يغفر الله ذنوبي؟ أجاب الضمير: اولا قم توضأ وصلي ركعتين وادعو الله ان يغفر لك .فسألته:هل صلاة ركعتين تغفر ذنوبي فقد اخبرتك ان ذنوبي لا تغتفر.قال الضمير: ومن قال لك ان الله لا يغفر الذنوب؟واظب على قول"سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فلو كانت ذنوبك مثل زبد البحر غفر الله ذنبك.فقلت: وماذا بعد؟الضمير: هو هو الطريق امامك طويل يا صاحبي ليصحى ضميرك وتتوب توبة نصوحة ولكن عليك بالعودة لكتاب الله وعزم النية على ان تتخلص من الذنوب واستطرد كلامه وقد بدا على محياه ابتسامة رضا وارتياح: عليك ان تلتزم بالاستغفار فانها تمحي الذنوب كلها ولا تنسى ان تدعو الله في صلاتك ان يغفر الله لك ما تقدم وما تأخر من ذنبك وخاصة وانت ساجد فالدعاء في السجود مستجاب باذن الله.وعدت ضميري ان اخلصه من ذنوبي وطلبت منه ان يزورني بين فينة وفينة حتى يبقى ضميري حيا لا يموت.

وفاء خصاونة