كتبنا عن العلاقة الجديدة القديمة بين الإخوان والأمريكان، وهو ما سهل وصول الإخوان إلى السلطة في العديد من الدول العربية، وما هي طبيعة المصالح المتبادلة ، وهل لم يعد الإسلام بنظر الإخوان هو الحل أم أن هذا الشعار لا يرضي أمريكا لذلك تم تغيبه طوال ما يسمى بالربيع العربي واستبداله بشعار جديد هو الشعب يريد ، أم أين اختفى هذا الشعار الذي دوت به حناجر الإخوان طوال السنوات الماضية ؟؟!!.
فبعد انتهاء الحرب على أفغانستان والعراق وما تبعها من خسائر مادية ومعنوية وبشريه كبيرة ، وما نتج عن تلك الحروب من زيادة العداوة في قلوب المسلمين للأمريكان ، وما نتج عن تلك الحروب من مآسي كبيرة واعتداء على كرامة وحرية وحقوق الإنسان ، إضافة إلى المجازر التي ارتكبتها أمريكا في تلك الحروب بحجة الدفاع عن الحرية والديمقراطية ، ومساندة ودعم أمريكا لإسرائيل في حربها على غزة ولبنان ودعمها للاستيطان الإسرائيلي في فلسطين ومشاهد المعتقلين المسلمين المكبلين بالسلاسل والحديد في معتقل غوانتانامو ، كل ذلك أثمر عن خلق واقع معادي للأمريكان في العالم الإسلامي والعربي بشكل خاص ، ومن ابرز الجهات التي كانت تعلن عدائها المطلق لأمريكا هم الإخوان .
لذلك كان لابد لأمريكا وبعد إعلان مشروعها الشرق أوسطي الجديد أن تحاول إيجاد صيغة مناسبة لإنجاح هذا المشروع بعيدا عن التعاون مع الأنظمة العربية المتهالكة التي لا تملك من شعبية الشارع شيئا ، وقد حملت أمريكا عبء مادياً كبيرا طوال العقود الماضية لم يفلح في تفعيل اتفاقيات السلام مع إسرائيل وخلق البيئة المناسبة للتطبيع الكامل وان هذه الأنظمة أصبحت ساقطة شعبياً ، لذلك وجدت أمريكا نفسها مضطرة للتعامل مع الشارع نفسه وبالنسبة لأمريكا فان أغلبية الشارع العربي هم الإخوان الطامحين الطامعين للوصول إلى السلطة بأي ثمن أو سبيل وبذلك التخلص من الأنظمة التي كانت سبباً في معاناتهم طوال سنين خلت ، فقد وجدت أمريكا ضآلتها في الإخوان للوصول إلى تحقيق التقارب بن أمريكا والمسلمين في العالم العربي ، لذلك أطفئت أمريكا الضوء الأحمر في وجه الإخوان ومنحتهم الضوء الأخضر لمواجهة الأنظمة الحالية التي لم تعد ذات نفع يذكر لأمريكا وقد انتهت صلاحيتهم الفعلية للتعامل معهم ، بذلك تستطيع أمريكا أن تعيد نفسها إلى الواجهة من خلال دعمها للثورات العربية المطالبة بالحرية والديمقراطية ضد الأنظمة الفاسدة الدكتاتورية وهي طبعا نفسها الأنظمة العربية المدعومة أمريكيا والتي قدمت لأمريكا الكثير من الخدمات الجليلة وحافظت على امن إسرائيل طوال العقود الماضية لكنها سياسة المصالح .
ولكي تستطيع أمريكا تحقيق مشروعها الجديد من خلال إضعاف دول المواجهة العربية مثل سورية ومصر ، ودون تكرار للسيناريو العراقي الأفغاني كان لابد من التعامل مع الإخوان على أساس أنهم إلا غلبية في الشارع العربي ، وطبعا بعد اتفاق يسمح بغض أمريكا الطرف عن وصول الإخوان مقابل التعاون الاخواني في التعامل مع إسرائيل على أساس أنها واقع موجود ، وقد شاهدنا وسمعنا الرئيس المصري الجديد وهو يؤكد احترامه للاتفاقيات الدولية ومنها طبعا اتفاقية السلام مع إسرائيل تلك الاتفاقية التي طالما تغنت بها الحركة وطالبت بإلغائها ووصفتها باتفاقية الخزي والعار ومن وقعها هو خائن ، فهل ما زال الإخوان على موقفهم منها أم أنهم بدلوا تبديلا .
بذلك تكون أمريكا قد نجحت في تدمير العراق ومن ثم سورية وليبيا وإضعاف دور مصر القومي ، زرعت الإخوان في كقنبلة موقوتة قد تفجرها في أي وقت في حال انتهت المصلحة المرجوة منهم ، وهي تعلم أن هناك طيف واسع معادي للإخوان في المنطقة العربية .
فهل سينجح الإخوان في التعامل مع الغرب ، وهل ستتحول بعض الدول العربية إلى إسلامية علمانية على الطريقة التركية ، وهل ستنقلب أمريكا على الإخوان كما انقلبت على مبارك وصالح والقذافي والأسد وبن علي وغيرهم وهل سيكون الإخوان خير خلف أم هم كالسلف ؟؟ ، وهل سيحكم الإخوان على مبدأ لكم دينكم ولي دين ، أم أننا سنشهد ثورات عربية جديدة شعارها الشعب يريد إسقاط الإخوان ؟؟.