هي معركة تتشابه جملها مع جملة المسرحي الكبير شكسبير ( أن تكون أو لاتكون .. هذا هو السؤال ) ، معركة الصحافة الورقية مع التطور الحتمي لوسائل الاتصال أو نوع واحد هو نتاج هذا التطور الحتمي وهي الصحافة الإلكترونية أو كما أطلقت عليها سابقا روبن هود الإعلام الأردني الذي تمكن من سرقة الاخبار والمعلومات من مصادرها الكلاسيكية كالصحف الورقية ووكالة الانباء الاردنية وتقديمها للمواطن دون مقابل فقط من أجل أن يكسر قاعدة الإحتكار والنفوذ التاريخي للصحافة الورقية .
وربما يكون هناك إختلاف واضح ما بين الاجيال في تعاملها مع الصحافة إذ تجد أن هناك رجال يفضلون قراءة الصحف الورقية مع فنجان قهوة الصباح ربما لأنه يمارسها كعادة أو لعدم معرفته بأجهزة الكمبيوتر وكيفية إستخدام الإنترنت وهو هنا يقراء بينه وبين نفسه وربما ينتظر أحدهم كي يحضر عنده ويبلغه بأنه يعلم ما يحدث في البلد مما يعطيه صفة المطلع عن بقية أقرانه في السن ، وتجد في نفس المكان ربما شاب يجلس واضع جهاز الكمبيوتر على قدميه ويقوم بقراءة أكثر من وسيلة إعلامية ومن خلال الوسائط المتعددة تجده يقراء ويشاهد ويشارك ويتفاعل مع ما يهمه من الاخبار أو الاحداث ويقوم بأرسال ما يهمه من أخبار ومواقف عبر البريد أو مواقع التصفح الاجتماعي كي يشاركه بها أكبر عدد ممكن من الناس ، ما سبق هو وصف بسيط لحجم الإختلاف ما بين الصحافة الورقية والصحافة الإلكترونية التي ومن خلال سهولة الحصول عليها جعلت الجميع يعلم ويعرف بالحدث في أقل زمن ممكن .
وتشير معظم الدراسات التي تناولت علاقة الأفراد مع وسائل الاعلام إلى أنها تقوم على اساس الإعتماد القائم ما بين أطراف العملية الاتصالية الثلاثة ( الوسيلة والأفراد والمجتمع وما به من نظم وقوانين ) ، وتؤدي هذه العلاقة بأن يقوم كل طرف من هذه الأطراف بتطوير أدواته للوصول إلى المعرفة وزيادة ارتباطه مع المجموع وعدم شعوره بالعزلة وخصوصا في أوقات الأزمات أو الكوارث والتغيرات التي تصيب المجتمع سواء السياسية منها أو الاقصتادية أو الاجتماعية ، ومن خلال ذلك نجد أن الدور الذي تقوم به الصحافة الإلكترونية يبرز على الساحة كإحد هذه الوسائل الاعلامية التي تطور من أدائها ومن وسائلها التقنية لتحقيق هذه نتائج هذه العلاقة من الاعتماد .
والحديث هنا عن الصحافة الورقية التي قامت بتطوير وسائلها من خلال مواقعها الإلكترونية وأضافت على أدواتها القديمة ( الورق والحبر ) كافة الامكانيات التقنية كمحاولة منها للبقاء في هذا المحيط من التعدد والتنوع الكبير في وسائل الاعلام ، وحرصا من بعض تلك الصحف قامت بتقديم خدمة التصفح للنسخة الورقية مجانا على نظام الأدوبي وذلك للإبقاء على روح الصحافة الورقية وكمحاولة لإرضاء جزء من قرائها الذين إعتادوا على تقليب الصفحات كاملة ،
وجريدة الرأي الأردنية كنوع من محاولات النزع الأخير في البقاء على الساحة الإعلامية الأردنية كأحد أكبر الصحف اليومية ( الحكومية ) وجدت أنها لن تحقق أي مردود مالي لها بتقديم تلك الخدمة لقرائها فقامت بوضع نظام الاشتراك السنوي لتصفح النسخة الورقية من أعدادها اليومية ، ويبدو أن أدارة هذه الجريدة قد غاب عن ذهنها أن هناك ستة صحف يومية أخرى تقوم بتقديم هذه الخدمة مجانا ودون مقابل ومن باب محاولات البقاء في الساحة الإعلامية الأردنية وكذلك أكثر من مئتي موقع إخباري إلكتروني يستخدمها المواطن الأردني للحصول على المعلومات سواء عن الشأن المحلي أو العالمي .
وأخيرا هل تجد جريدة الرأي بهذه الطريقة من تقديم الخدمة أسلوبا للتميز عن غيرها من الصحف الورقية أم أنه تم إتخاذ مثل هذا القرار من باب أنها لاتشاهد غيرها من وسائل الاعلام في الساحة الأردنية ؟، وأين دورها كوسيلة إعلامية تحقق علاقة الاعتماد بينها وبين الأفراد في المجتمع والمجتمع نفسه .. أم أنها حالة النزاع الأخير أو كمن يبيع الماء في حارة للسقايين ؟