عفوا .. استأذنك مولاي

زاد الاردن الاخباري -

عفوا..استأذنك مولاي
جلالة الملك ..حفظك الله ورعاك وسدد على طريق الخير والتقى خطاك..
وبعد..
اسمعني سيدي جلالة الملك.. انا الاستاذ الجامعي الذي لم يعد قادرا على تأمين حاجياته وابنائه تعليما وتدريبا وتأهيلا.. اما عيشا فكل طائر رزقه في عنقه.. اسمعني ياجلالة الملك .. انا الفلاح الذي يقف متفرجا على ارضه غير قادر على تأمين مستلزماتها لزراعتها.. اسمعني انا صاحب النوفيتيه الذي يجلس امام محتويات البترينة يتفرج عليها بدل الزبون.. اسمعني انا سائق التكسي يجوب الشوارع لالتقاط راكب ليسد فيه كرش مالك السيارة وما تبقى من فتات ليجلب بعض طعام لابنائة..وووو
اسمعني انا الجندي الذي يقف على قارعة الطريق ليؤشر لحافلة تنقله بدون مقابل.. ليقضي اجازته مع زوجته واولادة.. اسمعني انا المعلم الذي يقضي يومه في المدرسة ويعود وقد انهكه التعب وازعاجات الطلبة ..انا الطالب العنيف.. انا الموظف الغلبان... انا وانا وانا ...
اسمعني عن جد؟ ..انا الذي رأيتك في المنام قبل اذان الفجر مرات وكل رؤيا فيها تحققت .. اسمعني انا المتيم في قيادتك وضمن جندك يحرسون الوطن من كل اللصوص والاشرار والفاسدين..
انت حر.. انا قلتها بصراحة..
اسمعتي انا كاتب هذا المقال...
اسمعني فقط فكل الاشياء انطبقت على شخصي في وطني..فأنا مولود وجبول بتراب الوطن..وانتقلت ونشأت في بيت الشعر.. وتربيت في ساحات الوطن بين الزقاق والحواري .. مناخيري تعفرت بالتراب وجبهتي وشعري وملابسي.. كنت طفلا اترعرع .. مرة حصادا واخرى ارعي اغنام اهلي.. احمل كتابي بيدي وبالاخرى حجرا اهش فيها على غنمي.. وتعلمت في مدارس بلا سقوف ثم مدارس بنصف سقف وانتقلت الى ثانوية بسقف... أريد أن اتلمس مدرقة أمي العتيقة _ رحمها الله _ وانا في الصف الثانوي وهي تستلم راتب المعونة الوطنية في السبعينات 15 عشر دينارا فقط.. هو دخلنا عندما توفي والدي رحمه الله ونحن عشرة افواه.. (سبعة ذكور وثلاثة اناث) نصفهم خدمتهم في العسكرية ونصفهم في الوظيفة العامة.. كم كنا نستمتع بها حياتنا..ولدت انا ولكن قبل ميلادك بسنوات خمس.. ونشأت في بيئة البادية الصعبة صحراء شرق عمان.. ثم انتقلت الى القرية الوارفة باشجارها الخضراء.. فالمدينة ببناياتها الشاهقة واسوارها المنيعة.. وارتقيت في وطني الاردن بالعلم من الصف الاول الاساسي .. فالثانوي وها انا في درجة الاستاذية في جامعة من جامعات الوطن وعملت في الوظيفة الحكومية من موظف بسيط راتبه 22 دينار وها انا اتقاضى 1500 دينار.. لم انظر يوما لمنصب رغم انها كانت بين يدي وعرضت علي فأثرت الجد والاجتهاد بالعلم والايمان.. وكان لي ما كان من مكان..
اليك عني سيدي جلالة الملك... فأنا جبت الارض الاردنية حتى وصل العدد في زياراتي الميدانية بحكم عملي في عدة دوائر( الاحصاءات العامة ، التنمية الاجتماعية ، البلديات ، واربع جامعات اردنية.. تعرفت خلالها على ما يزيد عن 1000 قرية ومدينة وتجمع ومخيم في وطني الاردن.. عرفت فيها كل الاردنيين من شتى الاصول والمنابت.. وعرفت حبهم لوطنهم وقيادتهم,, وخبرت ذلك عندما كنت من ضمن اهل الهمة.. وانا اسلم عليك ويدي تصافح يديك.. وقرأت فوق جبينك وانت لا تعلم بانك امن بفضل الله .. وانك تعشق كل الاردن واهل الاردن.. لكن " منهم لله من خذلوك" ..
اسمعني سيدي جلالة الملك انا الذي حمل قلبه على كفه ليقدمه من اجل الاردن ولن اكون مدافعا عن غير بلدي الاردن وخلف قيادة الاردن .. قيادة الهاشميين ..هم من اعطوني ومنحوني كل الاشياء تعليما ووظيفة ومعيشة وامن واستقرار...ولتاريخه لم استطع ان امنحهم ولو شيء بسيط من رد الجميل.. بأي اتجاه نفسي ارد جزء من الجميل ..
اسمعني يا سيدي لانني اريد الحديث اليك وحينها ستسمع كل الاردنيين.. رغم اني احوز على مكاسبي بفعل ذراعي في وطن يأويني.. اتعرف لماذا ؟ لان العصامية منهجي وطوبى للعصامين الصامدين على لظى الجمر .. فأنا اعرف بانني كنت وما زلت من الالف الاخير في هذا الوطن.. لا بل المئة لا بل العشرة ..فما بالهم ارقاما امامي يبكون ويصرخون ويولولون .. اليس من حقي ان ابكي واصرخ بأعلى صوتي..
اسمعني ايها الملك الاعز.. اسمعني ايها الملك الاجل.. وحينها انت صاحب القرار فأصنع ما شئت .. لن اقولها مرة اخرى لأنني سوف اختفي بين الجموع حاملا بيدي اليمنى علمي وباليد الاخرى السلاح لاموت شهيدا مدافعا عن وطن لا يموت.. وخلف قائد لا يهاب.. لن احمل ورقة ولا قلم ..ولا حتى حقيبة .. سأذهب لاعترف لجلالتكم بأنني لم أزل ابن الحاج الجليل التقي النقي يأذن الله الفلاح الحصاد الذي لم ينسى زكاة محصولة في يوم من الايام ولم ينسى الارملة والكسيح والكفيف من صدقاته ..وأنني لم أزل أثق بوصاياه التي اطر فيها فكري ووجداني في الحياة والاخلاق وحب الوطن والعرش..وحرصي النقي في الذود عن حماه والعمل من اجل رفعته ..
اسمعني يا جلالة الملك .. لو أردت منا سيدي أن نعود إلى زراعة قمح وحصاده و خبز القمح والطابون سنعود من اجل الوطن ..وإذا اردت أن نعود للأرض ونحفرها بأظافرنا سنفعل ذلك من اجل الوطن ..وإذا أردتنا أن نسكن بيوت الشعر والخيم فسوف نفعلها لاننا خرجنا منها وتربينا في شقها وحرمها ومساحتها... اسمعني واسمع من هم على سحنتي "سمر الوجوه" يا جلالة الملك....ها انا فقدت البوصلة ولم اعد اعرف الى اي اتجاه نسير .. لست انا وحدي سيدي فامثالي كثيرون ولست الا واحد من اناس قدر لهم ان يعشقون هذا الاردن ويحبون الملك..
بعد اذنك مولاي امنيتي ان تسمعني قبل ان افقد بصري؟

بقلم/ احمد نايل
Ahmadnayl99@yahoo.com