زاد الاردن الاخباري -
رعى جلالة الملك عبدالله الثاني في مدينة الحسين للشباب اليوم الأربعاء حفل إطلاق البرنامج التنفيذي للإستراتيجية الإعلامية الأردنية التي تهدف إلى تعزيز البيئة الموائمة لإيجاد إعلام مستقل ومستنير، قوامه بيئة تشريعية تحقّق التوازن بين الحريّة والمسؤوليّة.
وتسعى الإستراتيجية التي أقرتها الحكومة في حزيران من العام الماضي بتوجيهات ملكية إلى النهوض بالإعلام تأخذ بعين الاعتبار متغيرات العصر من أدوات جديدة للاتصال، والارتقاء بعنصر المهنيّة عبر توفير التدريب اللازم والموضوعي للإعلاميين، وتحقيق التنظيم الذاتي للمهنة والالتزام بأخلاقياتها.
وأكد رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة في كلمة خلال الحفل أن إطلاق البرنامج التنفيذي للإستراتيجيّة الإعلاميّة يأتي التزاماً من الحكومة بتنفيذ ما وعدت به في ردّها على كتاب التكليف السامي حيث تعهدت بالاستفادة من كل الاستراتيجيات والجهود التي تمّت في مراحل سابقة لتطوير الإعلام، بالتعاون مع الجسم الإعلامي ومؤسسات المجتمع المدني المعنيّة.
وقال إن هذه الإستراتيجيّة انبثقت من إيماننا المطلق بأنّ الإعلام بشقّيه؛ الرسمي والخاص، هو مكون أساسي من مكوّنات عملية الإصلاح، وركيزة أساسيّة من ركائزها، مضيفا أن الإرادة السياسيّة الأردنيّة أدركت مبكّراً ضرورة تطوير قطاع الإعلام وتوسيع مساحة الحريّات الإعلاميّة، لتمكين الإعلام من الاضطلاع بدوره المهمّ في المجتمع.
وأضاف الطراونة أننا في الأردن بدأنا خلال الأعوام الماضية ببناء نظام إعلامي وطنيّ حديث، يتماشى وسياسة الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي التي ننتهجها، ليواكب التطورات الحديثة التي يشهدها العالم، خاصّة في ظلّ الدور الذي يلعبه الإعلام في إحداث التغيّرات التي نراها من حولنا.
وأكد سعي الأردنّ إلى توفير جميع السُبل الكفيلة بتطوير قطاع الإعلام، ومأسسة علاقته مع الحكومة، لتكون مبنية على قيم الشفافيّة والمصارحة والمسؤوليّة، تلتقي عند الثوابت الوطنيّة، وتجعل من الإعلام منبراً حرّاً يعبّر عن رأي المواطن بحياديّة، ويُدافع عن قضاياه بمهنيّة.
وشدد رئيس الوزراء على أن الإعلام بوصفه أحد أهمّ أركان الدولة الديمقراطية الحديثة لا بُدّ أن يُسهم إسهاماً مباشراً في التوعية والتثقيف، وترسيخ ثقافة الحوار، وقبول الرأي والرأي الآخر، وأن يعزّز قيم الشراكة والتعاون والتفاعل المُحقِقة للأهداف العامّة والمصالح العليا للدولة، لافتا إلى ضرورة تعزيز دوره، وتطوير بيئته المهنية ومعاييره الأخلاقية، وتقاليده الديمقراطية.
وأكد التزام الحكومة باتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بتطوير الإعلام الرسميّ بمختلف منابره ومؤسّساته، ليستعيد مكانته الرائدة كمنبرٍ للرأي والرأي الآخر، وحاضناً للإبداع، ومعاوناً للمجتمع في كشف مواطن الخلل أو التقصير.
وأشار الطراونة إلى أن الإستراتيجيّة الإعلاميّة تتضمّن خطّة لتطوير وتنظيم عمل الإعلام الوطني بمختلف أشكاله؛ المطبوع والمرئي والمسموع والإلكتروني، مع الالتزام بعدم المساس بحريّته المسؤولة لافتا إلى أن هذه الخطوة تأتي في ضوء ثورة الإعلام، وتعدّد وتنوّع وسائله ومنابره، وبروز الإعلام الحديث والمجتمعي كجسم مؤثّر وفاعل على الساحة الإعلاميّة.
وأوضح أن هذه الإستراتيجية ليست جهداً حكوميّاً منفرداً، بل هي حصيلة حوارات ولقاءات عديدة وشاملة، شاركت فيها مجمل المؤسسات والفعاليات المتنوّعة من القطاعين العام والخاص ومؤسّسات المجتمع المدني ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بالعمليّة الإعلامية، كنقابة الصحفيين، ومؤسسات الإعلام الرسمي، وكليّات الإعلام في الجامعات، ومعهد الإعلام الأردني، وعدد من القضاة والقانونيّين المعنيّين بالشأن الإعلامي, وممثلين عن المدن الإعلامية, وأصحاب المواقع الإلكترونيّة, وعدد من الخبراء في المجالين الإعلامي والثقافي.
من جهته أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال سميح المعايطة في كلمته أن الإعلام هو أداة رئيسة في إدارة وإنجاز الإصلاح الشامل الذي تنتهجه الدولة الأردنية، مشددا على انه لا يمكن للإعلام أن يكون بحجم المهمة والرسالة إلا إذا امتلك المهنية والمصداقية ومارس رسالته بحرية تنظمها تشريعات معززة للحريات.
وقال إن البيت الإعلامي يحتاج دائماً إلى وقفات مراجعة ذاتية تعالج الخلل وتبني على الانجاز.
وأوضح المعايطة أن إطلاق البرنامج التنفيذي للإستراتيجية الإعلامية يعد خطوة إصلاحية ونحن على أبواب انتخابات نيابية مبكرة تمثل استحقاقاً إصلاحياً وطنياً يتوج ما تم من إنجازات ويفتح الباب أمام مزيد من الخطوات الإصلاحية ومنها الحكومات البرلمانية، لافتا إلى أن مؤسسات الإعلام تلعب دوراً كبيراً في تحفيز المشاركة الشعبية إلى جانب احترام رأي أي فرد أو جهة في قانون الانتخاب، فالمشاركة فكر إصلاحي وهي الطريق لمزيد من الإصلاحات التشريعية.
وقال "لأن الإعلام حالة متأثرة بالتطورات التقنية والسياسية، فإن الإستراتيجية وبرنامجها التنفيذي ستبقى قابلة للمراجعة والتطوير، كما أن الاستمرارية والعمل المؤسسي ضمانة لحسن التنفيذ وتحقيق الأهداف المرجوة"، مؤكدا أهمية أن تحظى بالاهتمام والجدية في متابعة التنفيذ، من خلال بناء مسار آمن ومستمر للعمل والانجاز كما تحتاج إلى دعم مالي منتظم وكاف لتغطية احتياجاتها.
وشدد المعايطة على أن هذا اللقاء والرعاية الملكية السامية هو تأكيد جديد ورسالة جليلة بأن الإعلام محل اهتمام ورعاية من جلالة الملك مشيرا إلى أن الرؤية الملكية الإصلاحية الشاملة تفرض علينا جميعاً العمل بكل جدية بما يضمن حسن التنفيذ وتقديم إيجاز دوري عن مسار العمل، وتعزيز الشراكة مع الجميع ليكون الأداء جامعاً باتجاه تطوير الإعلام الأردني والبناء على انجازاته .
وأكد بهذا الصدد أن الإعلام القوي الفاعل هو الإعلام الحر المهني،" وكل مسار للتطوير والتحديث لا بد أن يكون عنوانه تعزيز حرية الإعلام ومصداقيته التي لم تعد ترفاً بل ضرورة ومبرر وجود" .
وعرض المعايطة خلال الحفل أبرز إنجازات الإستراتيجية والتي تمثلت في الانتهاء من دراسة نظام البث وإعادة البث في ديوان التشريع والرأي وسيعرض على مجلس الوزراء لإقراره قريباً، ووضع تعديلات جديدة على قانون المرئي والمسموع المرسل إلى ديوان التشريع والرأي.
كما تضمنت البدء بوضع تعديلات على قانوني ضمان حق الحصول على المعلومات وحماية أسرار ووثائق الدولة، وإقرار إستراتيجية خاصة بوكالة الأنباء الأردنية، والاستمرار بتحديث للبنية الهندسية لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وبدء البث التجريبي للقناة الرياضية الأردنية التي حصلت على حق بث بطولات اتحاد الكرة الأردني للسنوات الثلاث القادمة، ضمن إطار تطوير الإعلام الرسمي.
وتضمنت أيضا مخاطبة وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي بالاقتراحات التي تضمنتها الإستراتيجية فيما يتعلق بالتعليم الأكاديمي الإعلامي والخطط الدراسية لكليات الإعلام في الجامعات، ومخاطبة وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بالتوصيات الخاصة بمجال الوعظ والإرشاد الذي نصت عليه الإستراتيجية.
أما التدريب والتأهيل - السبيل الأهم لبناء وتعزيز المهنية وإيجاد البنية التحتية للإعلام المؤثر- فقد عملت الحكومة بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية على زيادة مساحة التدريب والتأهيل وتحقيق ما ورد في الإستراتيجية من بناء إطار وطني مرجعي لعملية التدريب من حيث البرامج والخطط والاستفادة من مراكز التدريب في جميع المؤسسات وإعطاء معهد الإعلام الأردني دوراً مركزياً في عملية بناء البرامج والتنسيق.
كما تضمنت إنجاز التصور الأولي لجائزة الملك عبد الله الثاني للتميز الإعلامي التي ستتضمن مجالات تنافس وتحفيز جديدة على صعيد الأبحاث الأكاديمية والإعلام المجتمعي ومبادرات قطاع الشباب والإعلام الالكتروني وتكليف المعهد الإعلام الأردني بإطلاق الجائزة لتتكامل مع الدور الذي تؤديه جائزة الحسين للإبداع التي تقوم عليها نقابة الصحفيين، واعتزام نقابة الصحفيين على مراجعة قانونها وإدخال تعديلات تخدم المهنة وقطاع الإعلام، وسعي الحكومة لتوسيع نطاق الشراكة مع كل الجهات المعنية والتنسيق مع جميع المؤسسات الإعلامية بما يضمن حسن التنفيذ.
وحضر حفل الإطلاق رئيسا مجلسي الأعيان والنواب، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، وعدد من الوزراء والأعيان والنواب والمسؤولين والصحافيين والإعلاميين والأكاديميين.
بترا