في حضرة الشهيد نكتب عن مشاعل الحرية والكرامة والشجاعة
كتب: النائب محمد راشد البرايسه الدعجه
بالأمس كان يُزين رأسه بالشماغ الأحمر والبوريه والتاج على جبينه.. مزهواً بشبابه وعنفوان ألقه وإقدامه.. فكان له قَدر وهو قَدره.. واليوم زيناه بالأبيض.. وودعناه بزغاريد النشميات ولحن الرجوع الاخير.. وبما تيسر من محكم التنزيل "يس..وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ..إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ..عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ..تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ..لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ.. لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ..سُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ".. صدق الله العظيم.
هي ليست مقالة ولا خاطرة.. إنما مناسبة بوح في حضرة الشهادة.. في حضرة نفس مطمئنة عادت الى ربها راضية مرضية.. "عبدالله رافع فلاح الدعجه".. شأنه شأن نشامى الأمن العام.. الذين نذروا أنفسهم لحماية المنجزات ودرء المخاطر والأخطار في كل وقت وزمان.. وشأنه كذلك شأن كل أبناء عشائر الدعجة حيث قدّر الله جلّ وعلا لنا أن نُقدّم الشهيد تلو الشهيد.. فمنهم مَن قضى نحبه في ساحات الوغى.. ومنهم مَن لبى نداء الواجب.. لتكون الرسالة واضحة وصريحة.. لكل مَن يحاول العبث بأمن الوطن.. لفئة حاقدة متربصة مأجورة.. لأصحاب الاجندات الموبؤة.. وأصحاب النفوس المريضه ومن يسير بركبهم.. وفي وجه كل مَن تسوّل له نفسه العبث بمقدرات الوطن وتهديد أمنه والعبث بالوحدة الوطنية.
استشهاد "عبدالله".. وإن كان المُصاب جَلل.. إلا أنه كان حَدثاً لإطلاق تحذيرنا وهو على مَحَمل الجد.. أبناء الدعجة "أهل الأمانات".. نسور الوطن لا تهجر ترابه الطهور.. تُحملق بالشمس لتصنع وطناً حراً سيداً يحمل التاريخ ويسبق الزمن.. رجالنا باسقة قاماتهم.. مرفوعة عالية هاماتهم.. موسومة ومعروفة صهلة خيلنا.. للعزائم قادة وقيادة.. شبابنا وعدٌ صادق لا يَخلف.. صواعق ومواكب وكواكب ومشاعل حرية وكرامة وشجاعة.. أعناقنا لا تنحني إلا راكعين أو ساجدين لمن تَعنُوا له الرقاب.. ننفر خِفافاً وثقالاً.. نكر ولا نفر.. ولن نسمح بجر الوطن الى المجهول.. فنحن نرتبط مع جميع شرائح المجتمع الأردني بجميع الروابط الإنسانية من جوار ومصاهرة وخؤولة وصداقة.. وهذا الاندماج لم يكن طارئاً.. فلقد رسّخ أجدادنا وآباؤنا في نفوسنا الحسّ بالمسؤولية.. ونحن أبعد الناس عن ضيق الأفق والتعنصر البغيض.. وما هذا إلا إرث جليل من عز أصيل ومجد أثيل.. موغلٌ في الشرف والرفعة والأنفة.. ورغم ألمنا.. إلا أن الحكمة والتعقل والصبر وضبط النفس كانت الأساس للتعامل مع الحدث خاصة عند إدراكنا وإستشعارنا لبوادر الفتنة والخطر.. فكانت القبيلة كعادتها في مقدمة الصفوف بحكمتها وأعرافها وشهامتها وشجاعتها.. لييبقى أردن الأمن والأمان.. وسنفقأ من حوله عيون الضواري.. نصد كل ما يُحاك ضده من مؤامرات.. ونتصدى لكل من يحاول النيل من أمنة واستقراره.. وسنقطع كل يد آثمة تمتد بالتخريب والترهيب.. وسنبقى ظهيراً لجيشنا وأمننا.. وللأردن السراج والسياج.. نتسامر على وقع سنابك خيل الفاتحين.
ولكل واهم وحاقد أو في قلبه مرض.. ولكل مثيري القلاقل.. المتربصين بأمن الوطن وأصحاب المغامرات الرعناء.. نقول: لن نقف على حياد في مدرجات المتفرجين.. جاهزون للتصدي بكل ما لدينا من عزم وبأس وصلابة.. صدورنا عامرة بحب الله والأردن والملك.. سائرون على درب شهيدنا "عبدالله" إنفاذاً لعهد وميثاق قطعناه ومثبت في صدورنا منذ فجر الثورة العربيه الكبرى.. وسنبقى في مقدمة من يتراحمون بالإخاء ويتواسون بالعزاء بعضنا إلى بعضنا.