كثيرا ما يستغرق " أبو احمد " وقتا طويلا ليفتح باب المنزل ، فما أن يضع أكياس الخضار على الأرض ، يخلع ميدالية مفاتيحه من زنار بنطاله ،ليقوم بتجربة واحد من هذه المفاتيح العشرين إلى أن يجد المفتاح الصحيح ، طبعا في كل مرة وبعد أن ينجح في فتح الباب ، يخرج زفرة طويلة قائلا فيها " حسبي الله على البي 12 " ليبرر قصة معاناته المتكررة في نسيان شكل وحجم مفتاح الدار ، ومأساة " أبو احمد " لا تقف عند فتح الباب ، فإذا أستيقظ " أبو احمد" في منتصف الليل ليقوم بقضاء الحاجة فانه يقوم بالكبس على كافة أزرار الكهرباء الموجودة على لوحة مفاتيح الكهرباء في الصالة ليصل إلى دورة المياه كونه دائما ما ينسى مفاتيح الإنارة المقصودة على الرغم من انه يسكن المنزل منذ عشرات السنين ، وما أن تسأله " أم أحمد " عن سبب إشعاله المفاجئ لكل أزرار الكهرباء تجده يبرر فعلته المزعجة بالقول لها " البي 12 ضارب عندي يا مرة " ، وللأسف الشديد فان " أم احمد " هي من أكثر أفراد الأسرة معاناة في ظاهرة نقصان فيتامين البي 12 عند " أبو احمد " ففي كل مرة يشتري فيها الخضار "لأم احمد" ، كثيرا ما ينسى الملح ، لتسأله بعد أن تقوم بفرز الحاجيات التي طلبتها منه لشرائها " وين الملح يا " أبو احمد" ...عشرين مرة قلتلك جيبنا ملح .." ، طبعا الإجابة أصبحت معروفة " لام احمد " " حسبي الله على البي 12 يا مرة ..والله انه ضارب عندي" ، والأمر لا يقتصر على "أم احمد" في معاناتها هذه فأبنه " أحمد "مثلا عندما يكون جالسا في جانبه كثيرا ما يطلبه أن يحضر له كوبا من الماء ولكن المشكلة بأنه يقوم بمناداته بكل أسماء إخوانه الغير حاضرين معهم .." يا مصطفى ..يا خالد ...يا علي جيبلي كباية مي " إلى أن يصل لأسم احمد ..عندها يرد عليه احمد " الله يعينك يابا على البي 12شكلو من النوع القوي ..." ..!!!!
أجزم أن حالة " أبو احمد " المرضية في نقصان البي 12 يعاني منها أغلب الأردنيين ، ومع أن أصحاب الاختصاص يرجعونها إلى مشاكل في نوعية الغذاء " لست في معرض الحديث عنها هنا "، إلا أنني أرجعها إلى تلك السياسات والبرامج والخطط الاقتصادية والتي شابها القصور في رسمها وأسهمت بشكل فادح إلى ارتفاع كلفة المعيشة والحياة وانعكست على " أبو احمد " وغيره من الأردنيين في ارتفاع الأسعار الأمر الذي ساهم ويساهم في نقصان فيتامين البي 12 والتي وصلت إلى حد أن تجعل منا نتكلم و " نسولف " مع " حالنا عندما نمشي في الأسواق وكان المسئولين المعنيين في رسم تلك السياسات والتي كانت في أغلبها بعيدة عن الواقع والإمكانيات الخاصة في بلدنا كانوا هم أيضا من المعانين من نقصانه عند صياغتها و رسمها وتنفيذها 12، بالنسبة لي أنا لا ألوم أولئك المسئولين بل ألوم كل من جعل الفيتامين " واو " هو من اهم المعايير في اختيارهم ليتبوءوا اتخاذ القرار في مؤسساتنا العامة وهم بعيدين عن الكفاءة المطلوبة التي تحتاجها هذه المؤسسات ، فما أن نصل لمرحلة نقضي فيها على هذا الفيتامين اللعين ستنتهي ظاهرة نقصان فيتامين البي 12 من الأردن ..."وغير هيك سلامتكو والعافية " ....!!!!!