زاد الاردن الاخباري -
شارك جلالة الملك عبدالله الثاني في أعمال القمة الإسلامية الاستثنائية الطارئة التي بدأت أعمالها مساء اليوم الثلاثاء في مكة المكرمة، إلى جانب قادة ورؤساء وممثلي 55 دولة عربية وإسلامية، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، تحت عنوان" التضامن الإسلامي".
وقال جلالته في كلمة له أمام قادة الدول المشاركة في القمة "إن عالمنا الإسلامي يمر بتحديات وتحولات تاريخية غير مسبوقة، ولا سبيل إلى مواجهتها إلا من خلال التعاون والتكامل فيما بيننا، وتوحيد مواقفنا ضمن رؤية واحدة وقواعد مستمدة من جوهر الإسلام العظيم".
ونبه جلالته في كلمته إلى ما تواجهه مدينة القدس من إجراءات خطيرة، تتمثل في محاولات فرض واقع جديد في ساحات وجنبات الحرم القدسي الشريف، بالإضافة إلى استمرار عمليات التهويد والتهجير.
ودعا جلالته إلى اتخاذ موقف إسلامي موحد أكثر حزما وفاعلية في مواجهة هذه الإجراءات، ودعم صمود أهل القدس، وضمان حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، والوقوف بحزم ضد محاولات تغيير التركيبة الديموغرافية ووضعها القانوني كمدينة تحت الاحتلال.
وفيما يتصل بالأزمة السورية أكد جلالته إن ما يحدث في سوريا اليوم يشير بوضوح إلى بوادر حرب أهلية طائفية، وهذا يتطلب إيجاد حل سياسي عاجل لهذه الأزمـة، يحقن الدماء، ويحقق تطلعات الشعب السوري، ويحافظ على وحدة سوريا ومقدراتها.
وقال جلالته "بما أننا نحن في الأردن الأقرب إلى سوريا، الشعب والأرض، والأكثر تأثرا بما يجري فيها، فإننا نؤكد على أهمية الحفاظ على استقلال سوريا، ووحدة أراضيها وسلمها الأهلي، وندعو إلى الوقوف إلى جانب شعبها الشقيق".
وتاليا نص كلمة جلالة الملك ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين،
أصحاب الجلالة والسيادة والسمو،
ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
يمر عالمنا الإسلامي بتحديات وتحولات تاريخية غير مسبوقة، ولا سبيل إلى مواجهتها إلا من خلال التعاون والتكامل فيما بيننا، وتوحيد مواقفنا ضمن رؤية واحدة وقواعد مستمدة من جوهر الإسلام العظيم.
وهذه الظروف الاستثنائية تستدعي بلورة رؤية استراتيجية موحدة، وتعزيز إمكانياتنا وطاقاتنا لحماية مصالح أمتنا من خلال مأسسة العمل المشترك، وترجمته إلى واقع ملموس.
إن استمرار الأوضاع المأساوية في سوريا، وغياب الحل العادل للقضية الفلسطينية، وتصاعد نذر مواجهات إقليمية، فضلا عن التحديات التي تواجه بعض الدول العربية التي شهدت تحولات كبيرة خلال العام الماضي وهذا العام لترسيخ الأمن والاستقرار وإعادة البناء، هي كلها قضايا تفرض علينا واقعا جديدا يدعونا إلى العمـل الجاد بإرادة مشتركة لتجاوز هذه التحديات.
إن ما يحدث في سوريا اليوم يشير بوضوح إلى بوادر حرب أهلية طائفية، وهذا يتطلب منا إيجاد حل سياسي عاجل لهذه الأزمـة، يحقن الدماء، ويحقق تطلعات الشعب السوري، ويحافظ على وحدة سوريا ومقدراتها.
وبما أننا نحن في الأردن الأقرب إلى سوريا، الشعب والأرض، والأكثر تأثرا بما يجري فيها، فإننا نؤكد على أهمية الحفاظ على استقلال سوريا، ووحدة أراضيها وسلمها الأهلي، وندعو إلى الوقوف إلى جانب شعبها الشقيق. ومن جانبنا، فإننا نتحمل عن طيب خاطر مسؤولياتنا تجاه أهلنا من أبناء الشعب السوري الشقيق، الذين قصدوا الأردن في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها بلدهم. فقد استقبل الأردن أكثر من 140000 نازح سوري منذ بداية الأحداث الدموية، وبالرغم من الضائقة الاقتصادية والمالية التي نمر بها، فقد سخرنا كل مواردنا وإمكانياتنا للتخفيف من معاناة إخواننا السوريين. وفي حال استمرار تدهور الوضع في سوريا، فإن ذلك سيزيد بشكل كبير من المصاعب والأعباء التي يواجهها الأردن، وهذا يستدعي مساعدته من قبل الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي في مواجهة هذا الواقـع الذي لا طاقة لنا وحدنا به.
أما القضية الفلسطينية، فهي جوهر الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وستبقى المنطقة تعاني من حالة عدم الاستقرار إذا لم يتم التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ودائمة للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على أساس حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وصولا إلى تسوية دائمة وشاملة وعادلة للصراع العربي – الإسرائيلي، وفقا للمرجعيات الدولية، ومبادرة السلام العربية التي طرحها خادم الحرمين الشريفين بحكمته المعهودة وحرصه الكبير على الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، والتي أصبحت تشكل موقفا عربيا وإسلاميا موحدا لتحقيق السلام الشامل والدائم الذي يضمن الأمن والاستقرار الحقيقي في المنطقة.
وانطلاقا من القناعة الكاملة بأن الجمود الذي تعاني منه عملية السلام لا يخدم سوى سياسات التوسع الإسرائيلية وسياسة فرض الوقائع على الأرض، فقد كثف الأردن جهوده الدبلوماسية لإيجاد الأرضية التي تسمح بالعودة إلى المفاوضات المباشرة حول قضايا الوضع النهائي كافة، وفقا للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، من خلال الدعوة إلى لقاءات استكشافية في عمان كجزء من محاولاتنا الدائمة لإسناد الشعب الفلسطيني الشقيق، وتمكينه من إنجاز حل الدولتين.
وفي هذا الإطار، لابد من التركيز على ما تواجهه مدينة القدس بالذات من إجراءات خطيرة، تتمثل في محاولات فرض واقع جديد في ساحات وجنبات الحرم القدسي الشريف، بالإضافة إلى استمرار عمليات التهويد والتهجير. لذلك لا بد من اتخاذ موقف إسلامي موحد أكثر حزما وفاعلية في مواجهة هذه الإجراءات، ودعم صمود أهل القدس، وضمان حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، والوقوف بحزم ضد محاولات تغيير التركيبة الديموغرافية ووضعها القانوني كمدينة تحت الاحتلال.
ونحن في الأردن سنستمر في القيام بدورنا الديني والتاريخي لحماية مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وسنستمر بجهودنا لدعم أهل القدس وفلسطين بكل الوسائل والسبل، وبالتنسيق المستمر مع أشقائنا في السلطة الوطنية الفلسطينية. ونحن بحاجة إلى مساندة أشقائنا المسلمين في دعم جهودنا، وفي حث المجتمع الدولي على تحمل مسؤوليته في وقف كل هذه الانتهاكات التي من شأنها تهديد الأمن والسلم الدوليين.
وفي الختام، أتوجه بعميق الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبد العزيز، والمملكة العربية السعودية الشقيقة، والأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي على استضافة هذا المؤتمر.
وأسأل المولى عز وجل أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير لأمتنا وشعوبنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ويبحث المؤتمر على مدى يومين عددا من القضايا والتحديات التي تهم الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة.
وضم الوفد الأردني إلى القمة الإسلامية رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي رياض أبو كركي، ووزير الخارجية ناصر جودة، وقاضي القضاة إمام الحضرة الهاشمية الدكتور، أحمد هليل، والسفير الأردني لدى السعودية جمال الشمايلة.
بترا