قرأنا وطالعنا النبأ التالي والذي كان واسع النتشار على صفحات التواصل الاجتماعي(سلفيون يهاجمون بالسيوف والهراوات مهرجانا في "بنزرت" حضره سمير القنطار).
هاجم سلفيون مسلحون بالسيوف والهراوات والحجارة "مهرجان الأقصى" في مدينة بنزرت في شمال تونس، واعتدوا على عدد من الحاضرين إصابة بعضهم خطيرة، بحسب مسؤول بمكتب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بنزرت, وتم تهريب ضيف شرف المهرجان سمير القنطار الذي احتج السلفيون على وجوده، من الباب الخلفي خلال هذا الهجوم. ويذكر بأن القنطار كان قد وصل إلى تونس يوم 13اب الحالي بدعوة من الرابطة التونسية للتسامح وهي رابطة غير حكومية التي تنظم يومي 15 و16 من الشهر ذاته الدورة الثانية من "مهرجان الأقصى" في مدينة بنزرت.
وقبل الرد لا بد من التعريف بشخصيتين:
راشد الغنوشي:
سياسي تونسي، وهو الزعيم التاريخي لحزب حركة النهضة الاسلامية، وقد حوكم أكثر من مرة بسبب نشاطه الدعوي والسياسي زمن الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، لكنه عاد بعد نحو عقدين بالمنفى لتقود حركته التحولات السياسية بالبلاد بعد فوزها بانتخابات المجلس التأسيسي التي أعقبت الثورة التونسية عام 2011.
تلقى تعليمه الابتدائي بالقرية، ثم انتقل إلى مدينة قابس, ثم إلى تونس العاصمة حيث أتم تعليمه في جامع الزيتونة. انتقل بعد ذلك إلى مصر لمواصلة دراسته، خصوصا وأنه كان من المعجبين بتجربة عبد الناصر القومية، لكنه لم يستقر بها طويلا, وانتقل إلى دمشق في سوريا حيث درس بالجامعة, وحصل على الإجازة في الفلسفة, وهناك بدأت تتبلور المعالم الأولى لفكره الإسلامي.
سمير القنطار:
ولد سمير القنطار"عميد الأسرى العرب" في المعتقلات الصهيونية, في بلدة عبيه لعائلة درزية عام 1962 وقد اعتقل لأول مرة في يناير 1978 على يد جهاز المخابرات الأردنية عندما حاول تجاوز الحدود الأردنية الصهيونية في مرج بيسان مع عضوين آخرين في جبهة التحرير الفلسطينية وفي نيتهم اختطاف حافلة صهيونية على الطريق الواصلة بين بيسان وطبريا ومطالبة إطلاق سراح سجناء لبنانيين مقابل المسافرين. قضى القنطار 11 شهرا في السجن الأردني، ثم أفرج عنه في أواخر عام 1978 بشرط أنه لن يدخل الأردن ثانية.
في نيسان عام 1979 انطلق القنطار مع رفاق له من أفراد جبهة التحرير الفلسطينية، إلى الكيان الصهيوني عن طريق البحر بزروق مطاطي, وقاموا بعمليتهم"عملية جمال عبد الناصر".
ونتيجة للعملية, استشهد أحد رفاق القنطار وتم اعتقاله هو ورفيق ثالث, وفي عام 1979 حكمت المحكمة الصهيونية على سمير القنطار بخمس مؤبدات مضافا إليها 47 عام (إذ اعتبرته مسؤولا عن موت 5 أشخاص وعن إصابة آخرين), تم إطلاق سراح رفيقه الثالث في عام 1985 في إطار صفقة تبادل الأسرى بين الصهاينة ومنظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة بينما تم الإفراج عن سمير قنطار في 16 تموز2008 في اطار صفقة تبادل الأسرى بين الصهاينة وحزب الله.
وفي الندوة, هكذا إستهل عميد الأسرى سمير القنطار كلمته في يوم القدس العالمي من قصر المؤتمرات بتونس، لن آخذ من وقتكم كثيرا ولن أتكلم كثيرا حكم علي الإحتلال الصهيوني 530 عاما سجن لأني لا أتكلم كثيرا".
وفعلاً لم يتكلم طويلاً لكنه أرسل رسائل برقية كانت مثل السهام موجهة لمن إنخرط في سايكس بيكو وإستبدل المقاومة بالبترودولار,وجأت كلمة عميد الأسرى العرب مباشرة بعد كلمة ممثل حماس الذي ووجهت كلمته بالمقاطعة ولاقت إستهجان الحضور الذي طلب من ممثل حماس أن يغادر القاعة ورفعت شعارات معادية لقطر ومن ركب ركبها.
"عملاء الإمبريالية هزوا يديكم على القضية"،" فلسطين عربية لا حلول استسلامية" "مقاومة مقاومة لا صلح ولا مساومة" "الشعب يريد تحرير فلسطين"... كما وقع تمزيق علم الإحتلال الفرنسي لسوريا وطرد الذين رفعه من القاعة. بينما رفعت أعلام تونس ولبنان وفلسطين وسورية وحزب الله وصور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وقد طمأن عميد الأسرى الشعب التونسي على حال المقاومة وكانت رسائله أكثر من رائعة لأنها كانت في شكل تحدي.
- رسالة إلى راشد الغنوشي قال فيها لن نهتف في يوم القدس سوى للقدس و اتحدى راشد الغنوشي أن يخرج في يوم القدس العالمي ليعلن أن تونس رأس حربة في مواجهة الكيان الصهيوني، وقال إن فعل ذلك سنكون جميعا وراءه.
- كما قال أن سوريا ستخرج منتصرة على كل أعدائها في الداخل والخارج.
- ثم وجه سهما قاتلا لممثل حماس حين قال له لا تنسى أن تذكر غزة بأن سلاحها كان من سورية.
- وإختتم كلامه بالقول "أينما إشتممنا رائحة نتنة فإنها رائحة البترودولار وآل سعود".
**لا يوجد-حسب رأيي الشخصي- أي خطأ في كلمته المختصرة حدا ولكنها تحمل معاني كمساحة المحيطات.
أبدأ بما تقوله الحكمة القديمة الشهيرة:لنا صاحب مولع بالخلاف**كثير الخطاء قليل لصواب..ألجّ لجاجا من الخنفساء**وأزهى إذا ما مشى من غراب.تضرب هذه الحكمة في أولئك الذين ليست لديهم القدرة على الاعتراف بالخطأ، كما يصف معنى الحكمة أيضا ذلك الشخص الذي لا يمتلك مهارات عملية ومعرفية ليفيد بها المجتمع، ولذلك كله فإنه بدل من أن ينصت ويقرأ الواقع على نحو صحيح، ينشغل بما هو هامشي في جدل عقيم من أجل بهرجة الترويج. كما تؤكد هذه الحكمة, ان المشغول بالخلاف بسبب نرجسيته، شخص يسير كالغراب زاهيا بنفسه، لكن الغراب كما تحكي الحكاية القديمة حاول أن يقلد الحمامة في مشستها، فنسى مشيته، وفي الوقت نفسه أخفق في تقليد مشيتها, فلا هو يشبه بني قومه ولا هو يشبه الذين غرروا به، وإنما يستعمل من قبلهم وما أن ينتفعوا به حتى يرمونه جيفة هامدة.
كما أن هذه الحكمة تنطبق على واقعنا الحالي, فبرغم الخطأ الفادح الذي ارتكبه هذا الشخص في الحكمة, إلا أنه يلح إلحاحا شديدا على الآخرين بأنه يمشي في الطريق الصحيح، وكل بني جلدته يمشون في الطريق الخطأ، وتشبه الحكمة أيضا هؤلاء الذين يلحون على أخطائهم بالخنفساء، والخنفساء كما هو معروف، تقترب منك فتدفعها عنك، ثم تعود إليك من جديد فتدفعها، ثم تعود مرة ثالثة فتردها، حتى إذا دستها تنبهت واستفاقت.
وتنطبق هذه الحكمة على" الاخوان الظلاميين", حيث تقوم عقيدتهم الفاسدة على المبدأ نفسه, فهم مولعون بالخلاف وبث الفرقة في المجتمعات, ويتباهون بأخطائهم، ويؤمنون بأنهم على صواب والآخر على خطأ، وذلك لنرجسيتهم.ومن هنا نلاحظ بأن"الاخوان الظلاميين" وأينما تواجدوا فانهم يعملون على تشويه المجتمع الذين بعيشون فيه، وأجهزته بشكل سافر وواضح بلا مبرر، كما يسعون إلى تشويه الأمن الوطني تحديدا عن طريق إطلاق الأحكام الزائفة والإشاعات المغرضة، ويفعلون ذلك لأن هذا الأمن هو الضمانة الوحيدة لحماية مكتسابت المجتمع، وهو أيضا الذي يرصد من يعمل في الظلام ضدنا وضد مجتمعاتنا, فوظيفة الأمن ليست كما يصورها هؤلاء الظلاميون, فمن يعملون في هذا الجهاز هم أهلنا وأخواننا وأبناؤنا.وفدت سجايا الكراهية والعنف والتطرف والكذب والنفاق وتوظيف الدين في مقاصد سياسية ومصالح نفعية، عن طريق افكار وتعاليم وارشادات السلفية وجماعة الاخوان المسلمين.
ولم يعرف الإسلام السياسي لجماعة الاخوان المسلمين والسلفية والفرق الطائفية والمذهبية، الذين تورطوا في العمل السياسي وسخروا الدين لاهدافهم ومصالحهم السياسية والطائفية، صدقية الموقف ونزاهة الكلمة فشأنهم شأن المنافق الذي اذا تحدث كذب واذا وعد أخلف واذا أؤتمن خان.ومن هنا يتبين لنا بأن الاسلام السياسي تهنه مصلحته الذاتية فقط، لأنه يرى ان ذات مصلحته من ذات مصلحة دين الله وشرعه, وهذا افتراء ما بعده افتراء على حقيقة دين الله وشرعه..وسوف لا يثير الغرابة لو سمعنا ان يقوم هؤلاء الظلاميون باصدار فتاويهم بعدم خلط الطماطم مع الخيار لأن الشيطان سيكون ثالثهما ، ففي شريعتهم لا يجوز اختلاط المذكر مع المؤنث.ولكن هيهات فيوم حسابهم من قبل شعبنا لابد وانه قادم ، وماهذه المحنة الا وزائلة وسوف يأتي يوم تكون من الذكريات ، فدوام الحال محال ، وكل ليل وبعده فجر آت.
ولنعرج قليلا على أمراء النفط, فقد تعودوا العيش في عمق التاريخ وفي ظلماته وأي تغيير في تلك البيئة لا يعني لهم إلا الهلاك, فتراهم كخفافيش الليل يتوجهون أسرابا إلى بؤر التغيير مصطحبين معهم كل أعداء التغيير من الخارج والداخل امبرياليين كانوا أم صهاينة..أهم أمراء نفط أم بدو حاقدين على المتحضرين من أبناء هذه الأمة؟, وأنظروا كيف افتعلوا ما يسمى بربيع مصر ومن قبله ربيع كل من ليبيا وتونس, ثم اغتالوا ما افتعلوا واضعين أيديهم بيد الناتو تارة وتارة أخرى بيد أعداء الأمة..هؤلاء الأمراء لا يهمهم من أمور هذه الأمة إلا نهب ثرواتها وتدمير مستقبلها والتحالف مع أعدائها.إن المتابع لما يجري في سوريا سوف يصاب بالهول من تلك الجرائم التي يرتكبها الظلاميون ضد الأبرياء من أبناء الشعب السوري الشقيق وقواه الحية من كوادر علمية وأقليات تعودت العيش باطمئنان وسلام فيما بينها . ونحن لا نبرئ النظام في سوريا من دكتاتوريته وهو لا يختلف عن باقي الأنظمة العربية في هذا الشأن, ولكن وبالقدر ذاته ندين تلك القوة الظلامية التي تريد أن تكون بديلا عن النظام الدكتاتوري بتحالفها مع الصهيونية والامبريالية الغربية وأمراء الجزيرة القطرية وقادة الجهل في المملكة الوهابية السعودية.ولذلك ولكي نفوت الفرصة على الظلاميين وغيرهم, فاننا نطالب كل القوى المتحاربة على السلطة في سوريا إلى التفاوض فيما بينها وبذلك نمنع الظلاميين من تحقيق رغبتهم في إسالة المزيد من الدماء السورية.
هناك مثل خليجي شعبي بدوي يقول: "الهرج واجد والقول عند الأفعال"، بمعني أن الأفعال هي التي يعتد بها، لا الأقوال. تذكرت هذا المثل الشعبي لأبناء الصحراء العربية الذين ينطقون بالفطرة، وأنا أقلب قراءة موجزة في كتاب وضعه الأستاذ راشد الغنوشي أيام "الجهاد الأصغر"، وعنوانه: "الحريات العامة في الدولة الإسلامية".ولهذا الكتاب أهمية قصوى، لأن صاحبه أصبح رئيس أكبر كتلة في الانتخابات التونسية التي جرت مؤخراً، وهو المرشح لأن يكون رئيس وزراء هذه الجمهورية العربية، التي انطلق منها "الربيع العربي", ولكن ليس هذا فحسب، بل إن المؤِلف قد انتقل من "الجهاد الأصغر" أيام وضعه هذا الكتاب عام 1993، ونعني به حياة الاعتقال والتعذيب ثم التشرد والنفي، إلى "الجهاد الأكبر" حيث إغراء الجاه والمال وبريق الأضواء والشهرة، وحيث المجاهدة الحقيقية لتحويل تلك الآراء القيمة وتلك النظرة المستنيرة "للحريات العامة في الدولة الإسلامية"، ووضعها موضع التنفيذ.
ليس موضوعنا اليوم التطرق الى ما جاء في كتابه وعذاباته ونفيه, لكنه يهديه الى الكثيرين من الشخصيات المحلية المرموقة والاقليمية والعالمية وينسى أو يتناسى أن يهديه الى معلميه الدمشقيين أو على الأقل الى البعض منهم, حيث أنه درس في جامعة دمشق, وحصل على الإجازة في الفلسفة, وهناك بدأت تتبلور المعالم الأولى لفكره الإسلامي..يبقى أن ننتظر لنرى كيف يطبق الرجل على أرض الواقع، آراءه تلك التي أودعها دفتي كتابه، دون أن ننسى ذلك المثل البدوي الحصيف الذي بدأنا به حديثنا.
ولرفيقنا القنطار خاصة والى كل الأحرار عامة نقول, ان هؤلاء الظلاميين متواجدون في كل مكان, ولكنهم عابرون في كلام عابر, فلا تأبهوا لهم, وهنا أريد أن أذكركم بما كتبه الظلامي محمد أسعد بيوض التميمي"فلسطيني" ويدعي بأنه علامة ومفكر اسلامي والاسلام منه براء, بعد رحيل القائد الفلسطيني القومي الأممي مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبش"جورج حبش مسيحي ماركسي لينيني عدو لله والعروبة والاسلام", ويتهمه بأنه لم يناضل لأجل فلسطين بل لأجل نشر الدين المسيحي, والجميع يعرف من هو جورج حبش, حكيم الثورة الفلسطينية وضميرها, فهل نأبه لأقوال ظلامي كهذا لم ولا ولن يعف قيمة النضال والمناضلين؟.
تحية اجلال واكبار الى كل أسرى الحرية في المعتقلات الصهيونية, والمجد والخلود لشهداء أمتنا العربية والاسلامية عامة والفلسطينية خاصة, والخزي والعار للمتخلفين الرجعييين وللظلاميين الذين يعيثون في الأرض فسادا, وما بعد الليل الا بزوغ الفجر.