ما منا من أحد إلا وضرب على يديه في صغره لأنه تجرأ على قطع الزهرة المزروعة في " قوارة " المنزل ، في حينها كنا صغارا لم نكن نعي معنى الزهرة ولونها ورائحة عطرها الزكية التي تملأ باحاته وممراته ، فالزهرة التي علمونا في صغرنا بان الاقتراب إليها يعني " واوا " فهمنا بعد كبرنا بأنها كانت تأخذ وقتا طويلا وعناية كثيرة من أمهاتنا حتى تنمو وتكبر وتضفي حضورا بهيا يشاركنا فرحنا وسمرنا وبهجتنا وأعراسنا ، منذ ذلك الوقت أنا وكثير منا يحترم الزهرة بل ويقدر كل " بستنجي " يقوم على زرعها وتقليمها في بداية كل ربيع لتصنع منها ألقا يانعا وبديعا في فسحة المكان والزمان ...!!!!
إلا أن الزهرة أو الأزهار لا تقتصر على تلك التي زرعها وقلمها " البستنجي " بل هي تلك الأجيال من الأولاد والبنات التي نقدمها في بداية كل عام دراسي إلى جمع كبير من المعلمين والمعلمات ليقوموا وكل حسب اختصاصه ومجاله في رعايتها وتهذيبها وتقليم كل الشوائب والأشواك التي قد تعلق فيها جراء رياح التغريب والتجهيل الممارس عبر الفضاء الإلكتروني والتلفزيوني وغيرها من الأدوات المختلفة لتصبح زهرات المستقبل عبارة عن أشواك تدمي مسيرتنا وتثنينا عن السير في ركب المتقدمين وتجعل من هذا الجيل سببا مضافا على ما نعانيه أصلا من أزمة وهزيمة بل وأزمة هوية ...!!!!
زهراتنا غدا على موعد عام دراسي جديد ، تستوجب الأمانة فيه من كل معلم ومعلمة أن يتقوا الله فيها وبخاصة إننا الآن نعاني وعلى الصعيد المحلي من أزمات في السياسة والاقتصاد والثقافة بل حتى في تعريف معنى الانتماء للأردن وترابه النقي الطهور ...!!!!
فالأمانة تتطلب من كل معلم أن يغرس في الطالب أن الأردني هو المعطاء بغض النظر عن الاسم الرابع في هوية الأحوال المدنية ، وعن لون بشرته أو بلدته وأن الأردني يكون منتميا عندما يخترع لوطنه آلة أو دواء" أو أي إنجازا ينفع فيه الأردن الوطن والأردنيين ، علموهم يا من استودعناكم أبناءنا أن الاعتداء على ممتلكات الوطن أيا كان نوعها وحجمها هي خيانة للوطن ليكون له في ذلك درسا في قادم مستقبله فيما لو كان وزيرا أو مسئولا ليحفظ الأمانة ولا يسرق الوطن والمواطنين ..!!!
تعاملوا معهم سواسية لا فرق بين فلاح ومدني وأبن وزير وأبن غفير لعل وعسى أن نتناسى كأردنيين المقولة الرائجة والمشهورة " أنت ما بتعرف أبن مين أنا ؟ " ، وليحترم الجميع القانون من احترام الوقوف على الإشارة الضوئية إلى الالتزام بالوقوف في الطابور في دوائرنا الحكومية ...!!!
أرجوكم لا تمروا مرور الكرام وسريعا عندما تدرسوهم تلك الدروس والقصص التي تحكي عن سيرة الأبطال من الصحابة رضوان الله عليهم عندما افتدوا أرواحهم نصرة للأمة والدين وقصص الأبطال من جيشنا العربي الذي سكبوا دماءهم فداء للأردن وفلسطين ...ليدركوا أن أروع البطولة أن نفنى بأرواحنا نصرة للوطن وأمة العرب والمسلمين ...!!!
غدا يا معلمي جيل المستقبل نقدم لكم براعمنا لتنال منكم الرعاية والعناية ليكونوا زهرات الغد للوطن وهم بالنسبة لنا وللوطن " الحيلة " التي ندخرها لغد مشرق قادم في العمل والعطاء والبناء وكذلك هم أيضا " الفتيلة " التي نتطلع لتكون شعلة تنير سراج الوطن ليكون الأردن منارة بين الأمم ، حينها صدقوني أن الوطن سيكون لكم مدينا في ذلك ...بل وسيدعو لكم جميعا بارك الله فيكم وفي غرسكم ...!!!!