بكل صراحة بنت استغرب مما يجري في الأردن، فبالرغم أننا نملاء العالم بالحديث عن أخطاء الدول المجاورة، التي عانت نتاج القمع وسلب الحريات إلا إننا نمارس هذا بأثر رجعي في الأردن، فقانون المطبوعات والنشر لا يمكن قبوله، لان من كتبه لا يدرك خصوصيات العالم الافتراضي الالكتروني، فاشتراط التسجيل والمكتب ووضع رئيس تحرير غير مقبول، فاغلب ما يسمى بالمواقع هي بالتعريف المهني مدونات شخصية يضع أصحابها أخبارا ينقلوها أو يكتبوها، ولا يوجد سوى مواقع قليلة جدا ينطبق عليها مصطلح المطبوعة الصحفية، وإذا كانت مدونة فان من حق أي إنسان في هذا العالم أن ينقل ويسجل ما يدور في وطنه،مستغلا عالم الفضاء ما لم يسبب الأذى لغيره عبر نشر معلومات مضللة أو كذابة أو تدعو لانتهاك حقوق الإنسان، بخلاف الصحافة الورقية التي يوجد لها مكتب ومطبعة وتوزع داخل حدود بلد معين.
لقد توجهنا سابقا إلى المدونات والمواقع منذ عام 2006 بعد حصار الإعلام والكتابة منذ عشرات السنوات وسيطرة الأجهزة الأمنية عليها، وبإمكان أي مراقب إعلامي أن يلحظ بتكرار نفس الأسماء منذ عقود بالصحف الورقية وعدم تجديد دمائها ونوعية كتاباتها او ملامستها لواقع ما يحدث في الوطن ، وتسعى الدولة إلى إقرار هذا القرار كي تحصر المواقع وتسيطر عليها، لان نشر أي موقع حسب القانون الجديد سيكلف مبلغا كبيرا، ولما لم توجه الحكومة أولا إلى إعادة هيكلة نقابة الصحافيين أولا، فكيف تكون نقابة اغلب صحفيها لم يدرسوا صحافة وإعلام،كيف تفرض العضوية وهي نفس النقابة لا تمثل واقع المهنة، وهل يعقل أن هذا العدد الموجود بها يمارس حقا مهنة الإعلام و كيف يضع رئيس تحرير مشروط وهو يعمل بقسم العربي والدولي أو الاقتصاد وماهي مؤهلات أصلا رئيس التحرير هل هي عضوية سنتان او خمسة فقط بالنقابة. حتى يفرض القانون إلزامية تعين رئيس تحرير ، وحتى التحكم ان بث الموقع أخبار عن خارج الأردن ..يعني إن أردت تأسيس موقع عن أخبار الوطن العربي هل يجوز ان اخضع لقانون المطبوعات والنشر الأردني ...
صحيح هناك تجاوزات ولكن كنا نتمنى أن يتم عبر تحديث سرعة التقاضي في المحكمة، وليس من حد حرية النشر والحجب، ومع ذلك كل ما يجري ليس من مواجهة لانفلات إعلامي كما يقال بل للتغطية على أخطاء الدولة والحكومات السابقة المتراكمة.وكناشر لموقع الرصيف نت ونشاط بالفيس بوك أود أن أثير مفاجأة ان اغلب المواقع الالكترونية تصل إلى القارئ عبر الفيس بوك حيث جذب هذا الموقع معظم رواد الانترنت في الأردن، لذا برأي أن النشاطين والمدونين بإمكانهم أن ينشروا من هناك، أو التوجه لمواقع تبث من الخارج وحتى إن حجبت عن الأردن فسوف تحد صدى لدى المتابعين لإخبار الأردن، والمراقبين له، فيما هناك قوى معارضة تسعى لتأسيس فضائيات معارضة يتم التواصل معها عبر سكايب وهذا تصل الآراء الحرة التي تريد الدولة والأجهزة الأمنية خنقاها وصناعة حنق يزيد عن الغضب ضد الفساد.
وللأسف يتزامن هذا مع سن قانون الصوت الواحد الذي فرض على اغلب قوى المعارضة مقاطعة الانتخابات، لرفضهم منذ عقود قانون الصوت الواحد لما يجلبه من مساوئ ، بانت في العقدين الآخرين، وأصرت حكومة الخصاونة مدعمة بمجلس نواب قادم من الدوائر الوهمية على إقراره.
اليوم نرجع بالإصلاح إلى الخلف ونقود الوطن إلى تضيق على الحريات السياسية والإعلامية، مخالفين كل الوعود التي أطلقت لتحسين الحياة السياسية، ومغلقين أعيننا عن العالم المنفتح إعلاميا، ولايوجد من يتعظ بما أنتجته سياسيات الخنق في الدول العربية والتي فجرت ثورات شعوبها.