لا شك ان الكاتب الساخر ، يمثل ضمير الشعب خير تمثيل ، فهو ، سواء كان صحفيا او غير ذلك من المبدعين الساخرين ، يستمد مادته الساخرة من احتكاكه اليوميّ والمباشر مع الشارع ، مع الناس على اختلاف انواعهم واشكالهم وانتماءاتهم الأيديولوجية وتصنيفهم الطبقي ... هذا الشارع بكل حراكه وبكل تفاصيل ما يحتوي عليه من مفارقات ومتناقضات ومهازل وغير ذلك ، هو المادة الرئيسية لإبداع المبدع الساخر .... يطالب ( الرفيق ) يوسف غيشان بأن تكون هناك تسمية جديدة للصحفي ، هي ( صحفي وطن ) ، على غرار ( عامل وطن ) ، وأنا أرى أن الصحفي الملتزم بقضايا الوطن ، وبأجندة الوطن ، أحق بهذه التسمية حتى من عامل الوطن ... فعامل النظافة الذي اخترع له ليبراليو المرحلة هذه التسمية الجديدة ( عامل وطن ) ، لا يضيره أن يحتفظ بالتسمية القديمة ( عامل نظافة ) ، فهذه التسمية تبقى أكثر صدقيّة ، وأكثر قربا من الواقع من ( عامل وطن ) ، واضح تماما أنهم ما أطلقوا هذه التسمية الجديدة على ( عامل النظافة ) إلا لاسترضائه ، والضحك عليه ومحاولة إيهامه بأنهم يحترمون فيه عطاءه وتواضعه ، وأنهم يقدّرون له تعبه وكفاحه اليوميّ الشاق من أجل لقمة العيش الشريفة له ولأطفاله ... أما لو أطلقت تسمية ( صحفي وطن ) على ( بعض ) الصحفيين ( وليس كلهم بالتأكيد ) ، فهذا سيكون له من الواقعية أضعاف اطلاق التسمية على عامل النظافة ... عامل النظافة أيها السادة ، ليس في حاجة الى اختراعكم لهذه التسمية المفبركة .... فعامل النظافة ( بدون الحاجة الى اطلاق تسمية عامل وطن عليه ) ، يبقى أشرف من ألف محامي مخادع ، وألف مهندس يغشّ في مواد البناء ، وألف طبيب يبتزّ المرضى ... عامل النظافة ... هذا الإنسان الكادح البسيط والمتواضع ، والذي شاءت له الأقدار أن ينظف قاذوراتنا و ( بلاوينا ) ، أهم من كل المسؤولين الفاسدين والمفسدين من أصحاب الياقات البيضاء المنشّاة ، ممن أثروا على حساب هذا العامل وسواه من كادحي الشعب ... إنه انظف واكثر نقاء ووطنية ممن ( أنعموا عليه ) بهذه التسمية الجديدة ، ظنا منهم انهم بهذا ( يضحكون ) عليه ... أما عن إطلاق التسمية على الصحفي أو على غيره من أصحاب المهن الأخرى ، فهو الأكثر ضرورة وإلحاحا .... نعم ... يجب أن يكون هناك صحفي وطن ومهندس وطن ودكتور وطن ومحامي وطن ومعلم وطن ... الخ ، ذلك أن هؤلآء بخلاف أن يكونوا منسوبين للوطن , سيكونون منسوبين لجهات أخرى أقلّها .... الشيطان ، ... إذ أن كل صاحب مهنة لا يراعي الشعب والوطن في مزاولة مهنته أو وظيفته ، هو عدوذ لهذا الوطن ولهذا الشعب ... ولكن يبقى أن نطلق هذا الوصف على بعض السياسيين ... سياسيّي وطن !!! نعم ، سياسيّ الوطن هو ذلك السياسيّ الذي يدخل حلبة السياسة دون ان يتمكن ان يبتني له فيلا او قصرا في دابوق او عبدون خلال سنة او سنتين او عشرة سنوات ... سياسيّ الوطن ... هو ذلك السياسيّ الذي لا يبيع ولا يشتري ولا يؤجّر الوطن ... هو ذلك السياسيّ الذي يعمل بجد من أجل الإرتقاء بالوطن وجعله في مصاف النجوم والكواكب .... أما خداع ( الطبقة الكادحة ) من قبل الرأسماليين والبرجوازيين وكهنة الكمبرادور وعملاء ووكلاء الشركات الأجنبية والليبراليين الجدد ، بإطلاق تسميات ( يضحكون بها على لحانا ) ، فهذا نوع من التضليل والمكر و ( الضحك على الذقون ) ... عمال النظافة ايها السادة هم الأبناء الحقيقيون لهذا الوطن ... نعم هم الأبناء البررة لهذا الوطن ... هم عمال الوطن ، دون منّة من أحد يطلق عليهم هذه التسمية ل ( تكبير رؤوسهم ) و ( الضحك عليهم ) عبر إيهامهم بأن هؤلاء المتنفذين يحترمونهم ويقدّرون جهودهم في تنظيفنا من قاذوراتنا ... عمال النظافة هؤلاء ، هم وطنيون دون حاجة لتزكية من أحد ... فالعامل الكادح ، لا يمكن له ان يكون إلا ( وطنيا ) ، ... الذين هم في حاجة الى فرز على فرّازة فائقة الدقّة ، هم ( نحن ) ، الآخرون من أصحاب الياقات البيضاء المنشّاة ... أصحاب الألقاب ( سعادة وعطوفة ومعالي ) ... ( طبيب ، مهندس ، محامي .... وصحافي ) يا رفيقنا يوسف غيشان ..... *عاطف الكيلاني رئيس تحرير شبكة الأردن العربي Atef.kelani@yahoo.com