أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
السفارة الألمانية في عمان تحتفل بالعيد الوطني لبلادها الاردن وقطر يبحثان سبل تفعيل أعمال ونشاط مجلس الأعمال المشترك بين الطرفين عمرو : انخفاض الطلب على المواد الغذائية بنسبة 10 بالمئة خبير أردني: جهد استخباري كبير بغزة بحثا عن Big fish الخارجية تدين الاعتداء على سفارة الإمارات في السودان ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 41.615 شهيداً سجناء بالأردن يشاركون بماراثون القراءة ميقاتي: مستعدون لإرسال الجيش إلى جنوب الليطاني 93 قتيلا على الأقل، حصيلة الإعصار هيلين في شرق أمريكا اجتماع طارئ لوزراء خارجية أوروبا اليوم لمناقشة الرد على التصعيد في لبنان غارات إسرائيلية على العباسية وحاروف وبدياس بجنوب لبنان 100 آلف مكلف المسجلين بنظام الفوترة الوطني الالكتروني خرازي: محور المقاومة سيواصل المواجهة بطرق غير تقليدية اندلاع حرائق بشمال إسرائيل إثر سقوط صواريخ أطلقت من لبنان تراجع أسعار الذهب في المعاملات الفورية عالميا نعيم قاسم: نحن جاهزون لكن نحتاج للصبر "القبول الموحد" تبدأ استقبال طلبات الانتقال بين التخصصات والجامعات إسرائيل تتمسك بشرطين لوقف ضرباتها على لبنان تركيب 30 طرفا صناعيا لفلسطينيين في غزة ضمن مبادرة "استعادة الأمل" الجيش اللبناني يتسلم المساعدات الأردنية
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام وعلى الحلبي نَردّ التّحية

وعلى الحلبي نَردّ التّحية

01-10-2012 02:08 PM

مِن شِرعة الإسلامِ لأتباعه أنّ التَّحيةَ سُنّة، وأنّ ردّها واجبٌ، وقد أكرمَنا فضيلةُ شيخنا الحلبيّ بتحيّةٍ غاليةٍ، والْمَسْنُون لِمَن يَرُدُّ التحيةَ أنْ يَرُدَها بأحسنَ منها إيضاحا، وأوفى بيانا، ونبدأ تَحِيَّتَنا مُتسائلين:

ما السِّرُّ يا شَيخنا في عصرنا هذا؟!! أنه كُلَّما قامَ مُصلحٌ رَشِيْدٌ يَدعُو إلى الخَير، ويَزجُرُ عن السّوء، وكان الأمرُ يَتعلَّقُ بالسُّلطةِ والنِّظامِ، ثَارَتْ ثَائرةُ الفَتوى، وظَهرَت العَمائِمُ، ونَهضَ الْمُفتون مِن أسرِّة نومِهم الوَثيرة، واستفاقوا مِن سُباتِهم الدَّعوي؛ لِيَقِفوا في وَجهِهِ صفا واحدا؛ لِيَصُدوّه عن وَاجِبه، ويُعرقلوا مَسيرته، ويُجهِضوا مهمّته!!

ألا تَرى يا فَضيلَتَك، إنِّها لَمُفارقةٌ عجيبةٌ أنْ تكونَ ساعةُ القيامِ بواجبِ الإنكارِ - بفِقهِكم - ساعةَ فتنةٍ، يَجبُ تَجَنُّبُها، بينما لا تَعتبرون سِيادةَ الأوضاعِ الخاطئة، وفُشُوَّ الظلمِ، وغيابَ العدلِ، وعُموم الفساد دهرا طويلا - فتنةً توجب عليكم إنكارها، بل ترون في السُّكُوتَ عَن هذه العَظائِمِ نِعمةً تحفظُ أمناً، وتُقَرِّرُ فضلا، وتَستدعِي مِنّا أنْ نُسبحَ بحمدِ وليِّ الأمر عليه، ونُقَبِّلَ الثرى تحت قدميه.

ألم تَعلمْ يا شيخنا أنّك بفتواك أو لِنَقُلْ بِتَحِيَّتِك ونصيحتك هذه، تُقدِّمُ اتِّهاما صارخاً لفئة مِن خِيرة أبناء الوطنِ بأنّهم يَدْعُون لإثارة الفِتنةِ، وتَستعدِي عليهم النّظامَ وسَحِّيجتَهُ وأجهزتَه، مع أنّ غالبيَّتَهُم العُظمى مِن المثقفين والعلماء الشرعيين المؤهلين المُجازِين في الفتوى، وهم يُخالفونك في فتواك، وتُثْبِتُ التّجربةُ كلّ يوم أنّهم مُنضبطون راشِدون لم يَكسروا زجاجا، أو يَجُرُّوا أذى على أحدٍ مُدّة عشرين شهرا من الاحتجاج السلمي.

ألم يعلمْ شيخُنا أنّ احتِجاجَهُ بقولِ ابنِ تيميّة حُجَّةٌ عليه لا له؟!! حين ينقل قوله:(والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء)،وتَفصيلُ ذلك: أنَّ الفتنةَ قائمةٌ فعلا بمُحاصرة الفضلاء العقلاء الأتقياء وعزلهم، وبِتَولِيَةِ الّذين لا حَظَّ لهم مِن دين ولا أمانة شؤونَ الأمةِ العامة بالتّوريثِ والتَّزويرِ، ودَعمِهم وتَبريرِ فُسوقِهم، مِمّا شَجَّعهم، فاستباحوا البلاد، وباعوا المؤسسات، وسرقوا الميزانة، وأمطروا الهباتِ والعطايا على مَنْ وَالاهُم على ظُلْمِهم، ووافَقَهُم على فُجورهم!!

كيفَ تَخافُ علينا يا بَرَكَتنا مِن اندساس المندسين، وأنت تَعلم أنَّ اليدَ الفاسدةَ كانت وراء كلِّ المحاولاتِ العابثة لاستفزازِ الحراك الإصلاحي، وجرّه بعيدا عن جادّة الصواب، وذلك بالتَّعاقُدِ مع أصحابِ الجَهالةِ والأسبقيات، لإخافة النّاس، ودَفعِهم قهرا للسُّكوت عن مَطالبهم، والتزام بيوتهم؟!!ليظلَّ الطريقُ مُعبدا لِزُمرةِ الفساد القابعة في سدَّةِ القرار، والصُّورة والشهود تُثبت ذلك بالوثائق والبيِّنات.

ولا تَخْشَ علينا يا ملِك الفتوى مِن الجبهة المعادية غربيَّ الّنهر، فالحراك الوطنيُّ لم يًَتصّلْ بأولئك الأنجاس، ولم يَسهر معهم في الفنادق، ولم يَتعاقد معهم في وادي عربة، ولم يَتبادل معهم السّفراء، ولم يَتعاون معهم على ضَبط أمنهم وحدودهم، فلا تَبحثْ عن ضالَّتَك عندنا، وإنْ كنت أصْرَرْتَ، فاسمح لنا أن نقول لك: إنك قد ضللتَ الطريق.

ونَراك شيخنا تُناوِرُ وتُداوِرُ وتَبذلُ جُهدك لِتَقول لنا: إنَّ هناك إرادةً سياسيةً عُليا تَقومُ على إصلاحِ الفساد، وتَنقية البلاد، يَقودُها الملك، مع أنَّ الأحداثَ ومُجرياتُها - خاصة مع حكومة الطراونة – تَقولُ أنّ العَكسَ مِن ذلك هو الحاصلُ؛ إذ أُغلِقت مَلفات الفساد، وأُتلِفتْ وثائقه، وتَمَّت تَبرئةُ الفاسدين، فَنِعِموا بالحماية، وأُرخِيَت عليهم أستارُ العِناية، فعربَدوا وَعَلا هَديرُهم، وأصرّوا على بُهتِانِهم ونَهجهم الفاسدِ إصرارا.

وَعَودًا بك شَيخنا إلى ما أوردته عن ابن تيمية بشأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فيما إذا تعارضت المصلحة المرجوحة بمفسدة رَاجِحة، فإنّه يجب تَعطيلُ مَشروع الأمرِ والنّهيِ، ولا يَعود مطلوبا ولا مأموراً به، " بل يَكون العملُ به محرماً، إذا كانت مفسدتُه أكثرَ من مصلحته"، وهذا أيضا من عجائب الفتوى، إذ متى يُمْكِنُ للفاسدِ الفاسقِ - أيًّا كان - أن يُعطيكَ فرصةً لإشاعةِ الخيرِ ومُحاصرةِ الشّر ودواعيه، وهو يَسُنُّ مِن القوانين والأنظمة ما يُعمّقُ فَسادَهُ، ويَضمنُ سَيطرَتَه، وَعُلوَّ كلمتِه على كلمة الحقّ التي مِن مقتضياتِ إيماننا بها أنْ ُنجاهِدَ مِن أجلها، حتَّى تَكون هي العُليا، وكلمة الذين فسدوا هي السفلى؟!
يا شيخَ الفَتوى وفارسها، لو سَارَ مُحمدٌ بن عبدالله صلى الله عليه وسلم على سُنَّتِك، لَطالَ عُمُرُ أبي جهلٍ، ولأَقام أبو لَهبٍ الأفراحَ، وَلَرَقصَ في البيتِ عُقبةُ بن أبي مُعَيطٍ طَرَبًا لدِين هذا شأنه مُهادنةً وخضوعاً، ولكنْ حاشا محمداً صلى الله عليه وسلم أنْ يفعل، وإنما كانت سُنّته امتثالا لأمر ربه:{ فاصدع بما تُؤمر وأعرض عن المشركين}، وظلّ حذِرا مِن استدراجهم له، فأبطلَ كيدهم، ولم يُجِزهم بالرُّخصَةِ، ولم يَمنَحهُم فُرصَةَ:{ ودُّوا لو تدهن فيدهنون}.

أما قولك أن:"الثورات العربية فَاقَمَت مُعدِّلاتِ الجريمةِ ، ومَخاطرَ الإرهاب"، فذلك بفعلِ الفُلول وأذنابِ الهالكين لإفشالِ المشروع النّهضويِّ أو إعاقته، كما فَعلَ مُبارك حين طَلبَ مِن أجهزةِ أمنِه أنْ تَغيبَ، وتَترك دَورها، وفتحَ السُّجون للمجرمين لِيُروّعوا النّاسَ، ويَضَعُوهم بين خَيارين: إمّا العُبودية الْمُغلَّفة بِخدعةِ الأَمنِ، أو الحُرية المَجبولة بالاضطرابِ والخوفِ، فخَيَّبَ الله ظنَّه، ورَدّ كيده في نحره.

وأما نصيحتُكَ لنا بقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-:"السّعيدُ مُن وُعِظَ بغيره" فليتك وَجّهتَها للنظامِ الذي يُوزّع النصائحَ لغيره، ولا ينتصحُ، ولا يَرى العِبرة بعينه وضوحَ النهار.

أما طلبُك تأجيل مسيرة الزحف المقدس لإنقاذ عمان - كما أسميتها - وتوفيرها لاسترداد قدسنا الحبيب، فظنّي يا شَيخَنا أنّ زَمَنَ انتظارِك لمثلِ هذا الزَّحفِ سَيطُولُ في ظلِّ سَيطرةِ قُوى الفساد على مقاليدِ الأمورِ، ومفاصلِ القرار في بلاد العروبة المنكوبة، وأولَى بالعُقلاء والمصلحين أنْ يُنظّفوا بيوتهم مِن الداخل قبل ذلك نزولا عند قوله تعالى:{ (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} فتنظيفُ ساحتنا أولى، وهو مقدمة ضرورة لاستنقاذ مَسرى الحبيب صلى الله عليه وسلم.

وأمّا أعجبُ العجبِ فهو إيرادُك قولَ الذَّهبي:" في تفضيلِ الدولةِ الظالمة مع الأمنِ وحقن الدماء، على الدولةِ العادلةِ التي تُنتَهك دُونَها الْمَحارم"، فهذه مغالطةٌ فاضحةٌ يأباها الله ورسوله وصالح المؤمنين، وفيها تَقويةٌ لجَبهةِ الفاسدين على الصالحين، إذ أنْ سَوْقَ الخَبَرِ بهذا الأسلوبِ مُضلّلٌ للأفهام، وبعيدٌ كلّ البُعدِ عن الصواب، وتعليل ذلك عندي: أن الذهبي أرادَ بقوله هذا: الخروجَ المسلّحَ على الحاكم الفاسق الجائر الباطش، لا مُجرّد الجهر بالحقّ بوجهه، وهذا غير وارد في مَسيرتِنا المباركة؛ لأنها مسيرة سلمِّية تَهدفُ لإنكارِ المنكر باللسان، وتُحاولُ إفهام النظامِ مَطالبها بعد أن تَجاهلها عشرين شهرا، وهذا حقٌّ تُوجِبُهُ الشريعة، وتَكفله الدّساتير إلا إذا بيّتَ النظامُ نفسُه غير هذه النّية.

أَطَلْتُ عليك شَيخَنا بقدرِ إطالَتِكَ علينا، ونُصحِي لك إنْ كنتَ مُضطجعاً أنْ تَقوم مِن مَضجعك، وتُجدّدَ وضوءَك، وتنوي لله ركعتين توبةً نصوحا، تَجديدا لعهد البراء مِن الفساد وأهله، والولاء للحق وأهله، ومُراجعةً لسوء الفهم، وكشفاً لما التَبَسَ عليك مِن الحقّ، فتوبةُ العبدِ مَقبولةٌ ما لم يُغرغرْ.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع