تعاني نساؤنا في ديارنا العربية من ازدواجية موغلة في قسوتها وتأثيرها السلبي على توازن شخصية المرأة لدينا وفقدانها للسيطرة في غالب الاحيان على معطيات الأمور من حولها...فهي تتعرض لانماط متضاربة من اشكال التربية ومن الادوار التي تطلب منها إن كان ذلك على صعيد حياتها الشخصية أم في مجال محيطها الإجتماعي والحياتي فنجدها تنصاع لتربية محافظة ,متشددة وتقليدية من قبل أهلها والمقربين منها ضمن حدود أسرتها بحيث يتعدى هذا التدخل نطاق النواة الاسرية الأولى من أب وأم وأخوة إلى محيط أكثر اتساعا يصل إلى الدائرة الأكبربحيث تشمل المفربين من طرفي الام والأب وإلى أبعد من ذلك احيانا...حيث نجد تنوع الممارسات والتلقينات الأخلاقية وتعدد أشكال التدخلات في حياتها وفي طريقة أدائها اليومي الذي تقوم به سواء كان ذلك في داخل منزلها أو في مدرستها وحتى أثناء دراستها الجامعيةوبعد ذلك قد يصل الأمر للتدخل في حياتها فيما بعد الزواج وخاصة إن تعرضت لطلاق أو ترمل أوغير ذلك...
وفي نفس الوقت وبالتزامن مع تعدد أشكال الحصار الذي يمارس عليها ؟؟تفرض عليها أشكالا أخرى من الضغوط والإملاءات التي لا تتناسب والأشكال الاولى بل تعتبر ضربا من التضاد معها وشكلا عكسيا لما يطلب منها في الشكل الأول... سواء من قبل الاهل والمقربين أو من قبل المجتمع الذي هو بدوره يعاني من إنفصام وازدواجيه وعدم توازن...
فيطلب منها أن تكون على درجة من الجاذبية والحركة الإغرائية لتلفت من خلالها نظر الآخر وأعني به الرجل حتى تتمكن من اصطياد العريس المناسب الذي يطمحون إليه وحتى لا تلحق بركب من فاتهن القطار وبقين ضمن صفوف العوانس البائسات...وهنا يبدأالخلل في توازنهاوأدائها والخلل في تصرفاتها أحيانا فهي نشأت ضمن ظروف متشددة في طريقة تربيتهاوأشبعت بافكار تحرم عليها الكثير من أشكال الحرية التلقائية في التصرف والأداء وفي نفس الوقت يطلب منها أشكالا اخرى من التصرفات التي تتنافى وما تعلمته وما نشأت عليه من تابوهات ومحرمات..
والطامة الكبرى تكمن ليس فقط في فقدان الانثى للتوازن المطلوب في أدائها بل المعايير المزدوجة التي يكال بها من قبل الرجل والمجتمع تجاه هذه الأنثى المشتته...فهي إن تحفظت وأبقت على ما أنشئت عليه من ضوابط تربوية نجدهم ينعتونها بالمعقدة..والغبية...والمتعالية ..والتي لا تصلح لزواج حالم للرجل المغوار ؟؟؟وإن حاولت أن تفتعل بعض الحلحلة في تعاملها وانصياعا لما يطلب منها من مهارات الإصطياد اتهمت بالإنحلال ..والفياعة...والبنت السهلة المنال؟؟؟وبالتالي ينطبق على فتياتنا القول الشعبي (بين حانا ومانا ضيعنا الحالة)كان الله في عون الأنثى العربية....