نعلم أن المظلوم ضعيف وهزيل والظالم عملاق وجبار ! ونعلم أن المظلوم مسحوق ومطحون, والظالم قادر على أن يفرض عليه مايريد, ولكننا نعلم ايضا أنه اذا كان اليوم للظالم فإن غدا للمظلوم!
لن يستمر الظلم الى الابد , الشىء الخالد هو الحق, والباطل هو الزائل, وصدق من قال إن الظلم ساعة, والعدل الى قيام الساعة! كل ما هو مطلوب من المظلوم هو أن يثبت على مبادئه, فالثبات على المباديء لا تقل عن الشجاعة والاقدام, وعندما يصمد المظلوم أمام الظالم , يتراجع الظالم وينكمش, ويتقهقر الى الوراء, أما اذا تراجع المظلوم أمام الظالم فهذا يشجع الطاغية في أن يتمادى قي ظلمه, ويضاعف طغيانه واستبداده. فقد رأينا شعوبا ثارت في وجه الظالم وثبتت قي ثورتها رغم كل ماتعرضت له من فقر وقهر وقتل , وكانت النتيجة تراجع الظالم وانكساره وانهزامه أو قتله في نهاية المطاف.
اذا كان الحق معك فالله معك , والله اكبر واعظم من كل قوى البغي والظلم والعدوان, واذا رأيت الباطل ينتفخ ويتضخم , فاعلم أن شبكة دبوس واحدة ممكن أن تحول عملاق ضالاً هباءً منثوراً. فقد رأينا زين العابدين وقد حول تونس الى بلد بوليسي,فامعن في غيه وطغيانه فمنع الآذان , وقنن الصلاة في المساجد, ومنع الحج, ونشر الرذيلة والفساد, وحول تونس الى دوله بوليسة, بكل ماللكلمة من معنى. فماذا جرى له؟
شاب فقير بسيط معدم لايجد قوت يومه رفض هذا الظلم فاحرق نفسه, نتج عن ذلك ثورة الشعب النونسي,بكل اطيافه, أدت هذه الحادثة الى هروب بن على, تاركا تونس لاهلها.
كم من الطغاة الصغار ظنوا أن الدنيا قد دانت لهم, ووجدوا في الظلم متعة , وفي الطغيان والجبروت لذة , وفي افقار الناس وتجويعهم واستعبادهم نشوة, وفي ترويعهم وتخويفهم تسلية..... فاستيقضوا ذات يوم فوجدوا اعناقهم تحت اقدام الذين ظلموهم واذلوهم وخوفوهم واستعبدوهم
من الغباء وضعف العقل والذاكرة, وقلت الفهم , وصفاقة الرأي وتفاهة المنطق أن يتخيل الظالم أنه قويٌ ليس فوقه قوه وينسى قوة القوي العزيز, ويتوهم أنه خالد ويتجاهل أن البقاء لله وحده, ف "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" . ويظن أنه هو وحده المعطي والمانع, المحيي والمميت, وانه هو يرفع ويخفض, يسعد ويشقي, ناسياً وغافلاً عن أن هذه هي صفات الله وحده, وليست صفات البشر!
فالنصر مع الصبر والثبات على المبدأ