تنتشر في عمان مخابز صغيرة تختص بإنتاج الكعك والبيض المشوي ، في هذهِ المخابز تأكل دون وعي ، وهل في الدنيا أجمل من رائحة الخبز الطازج المحمّر ، وتقوم هذهِ المخابز بتوزيع الكعك والبيض المشوي على عربات الكعك التي تنتشر وبشكل كبير في شوارع عمان ، ليس هناك مجال للشك في نظافة هذهِ المخابز ، الخبز يخرج من بيت النار أمامك ، والبيض المشوي والموضوع في أطباق الكرتون تفتحه أنت بيدك وتهرسه داخل "الكعكة" بيدك أنت ، حيث يعرف تماما روّاد هذهِ المخابز أن الخدمة ذاتية.
أو لكَ أن تختار جبنة المثلثات بدل البيض ، أو أن تخلطهما معا ، ثم هناك طبقا من الزعتر البري ، لتضفي نكهة مميزة لرائحة هذا السندويشة ، وسخان الشاي يقبع على أحد الرفوف ، لتسكب في كأس من الكرتون ما يعينك على ابتلاع لقماتك التي يتحرك لسانك يمنة ويسرة خلال مضغ الطعام محاولا التغلب على لهيب الخبز في فمك ..!
في هذهِ المخابز .. لا يوجد كاميرات مراقبة ، يعني أنت تأكل وتحاسب بما يمليه عليك ضميرك، لا أحد يعد عليك ما أكلت ولا احد يحصي قشر البيض الذي استهلكته ولن تحلف يمينا على عدد الكعكات التي استهلكتها ، ولن يسأل أحد الولد المرسومة صورته على قشور جبنة المثلثات كم أكل هذا الزبون ..!
تذهب للبائع وتقول له أنا أكلت كذا وكذا وشربت كذا ، يخبرك بالحساب ، تدفع و "صحتين وعافية " ، في هذهِ المخابز تشعر أنك تُعامل كانسان بكل ما تحمل هذهِ الكلمة من معنى ، لا تشعر أنك مراقب ، لا أحد يحصي عليكَ شيئاً ، يعتمدون أمانتك أنت ، فالحال ليس كما في " المولات الضخمة " تدخل إليها بعد عملية تفتيش وكأنك داخل إلى سجن ، وزيارتك مسجلة لديهم بالكاميرات من أولها لآخرها.
عندما تشعر أن حركاتك مسجلة بكاميرا فأنت تحسب حساب كل خطوة تقوم بها ، لن تجرب أن "ترش" القليل من زجاجة العطر التي على الرف ... "بتسمعلك كلمتين بعديها ..!"، ولن تغامر بتجربة طعم حبة العلكة بالنعناع "بتصير حرامي" ..!
انتشرت ظاهرة المراقبة بالكاميرات في الكثير من المحلات التجارية، فلا يمكنك لوم أصحاب المحال التجارية ويعود ذلك لأكثر من سبب ربما أهما كثرة اللصوص وسبب آخر مهم أيضا هو انخفاض سعر هذهِ الكاميرات ...طبعا ليس لأن كل الناس لاسمح الله "خون" ولكن من باب الاحتياط ..!
لا يهم عدد الوزارات التي ستحملها الحكومة القادمة ... ولكن من المهم وضع كاميرا فوق رأس كل وزير "إحتياطاً"...!
ها كيف لعاد ..!