لخص حمزة منصور لقاء رئيس الوزراء عبد الله النسور ، مع قادة حركة الأخوان المسلمين المخولين على أنه " بلا نتائج " رغم عبارات الود المتبادلة بين الطرفين ، واصفاً ما سمعه من الرئيس على أنه " ليس لديه ضوء أخضر ، لمناقشة مطالب الأخوان المسلمين ، بما فيها تعديل قانون الأنتخابات " ، ومبيناً أن د . النسور " لم يقدم أي عرض يمكن أن يغير من المعادلة القائمة " وبذلك وصل حمزة منصور إلى نتيجة القول " إن المواقف على حالها " .
وهو حال رئيس الوزراء ، وموقفه المعلن ، ليس فقط ما أبلغه لقادة الأخوان المسلمين وأحزاب المعارضة اليسارية والقومية يوم الخميس 11/ تشرين أول ، بل سبق وأعلنه يوم الأربعاء 10/ تشرين أول أمام الصحفيين ، مباشرة بعد تكليفه على أن " لا تغيير على قانون الأنتخاب ، فقد مر بمراحله الدستورية ، وأصبح نافذاً ، وهو قرار الأغلبية وعلى الأقلية أن تحترم القرار " .
جلالة الملك عهد إلى الرئيس عبد الله النسور " بتشكيل حكومة جديدة تبني على ما تحقق من إنجازات ، وتنهض بالمهمات والواجبات التي تتطلبها المرحلة " وفق كتاب التكليف ، فالأنجازات التي حققتها حكومة فايز الطراونة سجلت " التقدير والإعتزاز" لدى جلالة الملك ، من خلال الرد على كتاب إستقالة حكومته سواء على الصعيد الأقتصادي أو السياسي ، وأنها نقلت المشهد السياسي الأردني وفق الرسالة الملكية " من حالة الدعوة إلى الأصلاح إلى البدء بالتنفيذ الفعلي للتشريعات الناظمة للإصلاح السياسي ، ضمن الأستحقاقات التي فرضتها التعديلات الدستورية : كتشكيل الهيئة المستقلة للإنتخابات ، وقانون الأحزاب ، وقانون المحكمة الدستورية ، وتشكيلها ، وقانون الأنتخاب ، وقانون المطبوعات والنشر ، بالإضافة إلى الخطط والبرامج والمشاريع الأستثمارية والتنموية التي يقتضيها الأصلاح الأقتصادي " .
إذن ثمة مواصلة على ما تحقق ، على طريقة رياضة التتابع ، وثمة إستقرار سيتواصل وخارطة طريق ستنفذها هذه الحكومة ، وهذا ما يدلل على تصريح الرئيس أن قانون الأنتخاب أصبح نافذاً ، لا مجال لتعديله أو تغييره ، وهو يدعو الجميع للمشاركة في الأنتخابات ، بما فيها حركة الأخوان المسلمين وقوى المعارضة القومية واليسارية ، على قاعدة قانون الصوتين ، صوت للدائرة المحلية وصوت أخر للقائمة الوطنية .
موقف الرئيس النسور لا يقتصر على المشهد السياسي بإجراء الأنتخابات ، بل يشمل أيضاً المشهد الأقتصادي ، حيث أكد رئيس الوزراء أن حكومته " ليس لديها نية لرفع الأسعار أو عدمه ، وأنها ستدرس جميع الملفات وكل الخيارات ، ولن تأخذ أي موقف غير محسوب " ، أي تركت الباب مفتوحاً ، لأنها ملتزمة بما توصلت إليه الحكومة السابقة مع مؤسسات التمويل الدولية .
رئيس الوزراء ، وفق بعض الوزراء درس خطة العمل ووضع الأليات للتنفيذ وفق الأولويات التالية :
أولاً : مواصلة الأتصال والتشاور مع حركة الأخوان المسلمين ، لإزالة أي رواسب من الأحتقان والتوتر معها ، وخلق حالة بديلة من التعامل تقوم على عاملين أولهما الوضوح والصراحة ، وثانيهما الود والأحترام المتبادل ضمن المصلحة العليا للوطن ، تحاشياً للتصعيد أو الصدام غير المقبول و " تبريد الجو " .
ثانياً : العمل على كسب القوى القومية واليسارية ، وإزالة العقبات التي تحول دون مشاركتها في الإنتخابات ، ونقلها من موقع الأنتظار ، من " قرار عدم المقاطعة وعدم المشاركة " إلى الأنحياز نحو خيار المشاركة في الأنتخابات المقبلة ، فأهمية مشاركة قوى المعارضة اليسارية والقومية في الإنتخابات ، انها تجعل حركة الأخوان المسلمين ومن يتبعها منفردة في مقاطعة الأنتخابات ، وهو موقف ليس بجديد على حركة الأخوان المسلمين ، فقد سبق لها وأن قاطعت الأنتخابات النيابية في دورتي 1997 و2010 ، وبالتالي لن تقدم على إجراء جديد في مقاطعتها هذه للدورة المقبلة ، ولكنها لا تستطيع الأدعاء أنها تمثل المعارضة السياسية إذا إتخذت قوى المعارضة اليسارية والقومية قراراً بالمشاركة ، خاصة وأن هذه القوى لم تشارك الأخوان المسلمين قرارها المسبق بالمقاطعة ، وبقي موقفها معلقاً ، ما بين المشاركة والمقاطعة ولا يزال ، وهذا الموقف يحتاج لجهد حكومي لإزالة الأسباب التي تحول دون مشاركة هذه القوى بالأنتخابات خاصة وأن قواعدها الحزبية مع المشاركة وضد المقاطعة رغم رفضها ونقدها لقانون الأنتخابات ، لأنه لا يعط القائمة الوطنية أكثر من 27 مقعداً ، وهي تطالب بخمسة وسبعين مقعداً ، أي بالمناصفة في عدد المقاعد ما بين الدائرة المحلية والدائرة الوطنية المجسدة بالقائمة الوطنية .
ثمة حوار تم ما بين الحكومة السابقة مع قوى المعارضة اليسارية والقومية ، يحتاج للمواصلة بين الطرفين ، وهذا ما يجب على حكومة عبد الله النسور أن تبادر له وتسعى من أجله ، مع الأحزاب القومية واليسارية .
ثالثاً : فتح الحوار مع قوى الحراك الشبابي والعشائري وتسوية الملفات العالقة معها ، بما يؤمن حالة من ممارسة المعارضة أو النقد على قاعدة إحترام القيم الدستورية والقوانين المرعية ، وعدم تجاوز السقوف المسموحة قانونياً ووطنياً .
رابعاً : تعزيز العلاقات مع الأحزاب الوطنية الوسطية ، بإعتبارها القاعدة الناشطة والمستجدة المساندة للسياسات الرسمية والتي تشكل بديلاً تنظيمياً يمكن الرهان عليه في مواجهة قوى المعارضة ، وتتقاسم مع الأتجهات الرسمية الموالية ، القاعدة الأجتماعية العريضة من الأردنيين ، والتي تحتاج لمزيد من التأطير والتنظيم والدعم المتبادل .
الأستمرارية ، مع النمو والتطور والأستجابة للمطالب الملحة ، سمة حالتنا الأردنية ، فالحكومة يمكن أن تكون صاحبة مبادرات خلاقة عبر بعض وزرائها ، ولكن في إطار كتاب التكليف ، وكتاب التكليف ركز على مواصلة العمل على ما تم إنجازه ، والبناء على قاعدة ما تحقق ، ولذلك نلحظ بوضوح أن مواقف النائب عبد الله النسور ليست هي مواقف الرئيس عبد الله النسور ، فالإلتزام هنا يتم على أساس كتاب التكليف ، فهو المرجعية ، وعلى الحكومة أن تجتهد لوضع خارطة طريق لتنفيذ مضامين كتاب التكليف وأولوياته .
والإستمرارية تتجلى في إعادة أغلبية الوزراء ، الذين أطلعوا على الظروف الحسية لبلادنا ، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً ، وساهموا بوضع الأسس الكفيلة لخروجنا من " المأزق " وفق رؤية " مطبخ صنع القرار " ، ولذلك عودة عبد السلام العبادي وناصر جودة ووجيه عويس ووجيه العزايزة ويحيى الكسبي وغيرهم ، كوزراء عابرون للحكومات ، يدلل على صفة الأستمرارية في مسك الملفات والرهان على معالجتها وفق برنامج وقيم كتاب التكليف وأولوياته .
الأردنيون ، يتمسكوا بالصبر وطول البال ، ولديهم الأمل بدلالة أن الحراك الأحتجاجي طوال العشرين شهراً لم يتحول من حراك حزبي إلى حراك شعبي جاذب ، وما يجري من حولنا من دمار يدفع الأردنيين للتحفظ والتردد رغم تطلعاتهم الجدية نحو المزيد من الأصلاح والأنفتاح ، وكتاب التكليف يعدهم بذلك وينتظرون من الحكومة أن تفعل ذلك .