كان يجلس أمام منزله وهو يعبث برأسه مرة ومرة يحك لحيته الخفيفة وشكله يوحي بأنه يفكر بشكل عميق وإذا بجاره "خلف" يقطع عليه حبل أفكاره:
قوك يا حجي.
عوض: قويت... فوت جاي وقد كان "خلف" فات وخلص وجلس أمام "عوض" على نفس الفراش الممدود...
خلف: كأنك شارد.
عوض: لا والله بس بفكر بحال هالبلد والأزمة الإقتصادية ومثل ما إنت عارف إحنا على وجه العيد.
خلف: وإنت شو بدو يطلع بيدك يا حجي.
عوض: طلع وخلص.
خلف مستنكرا ومندهشا: وشو هو إللي طلع "عدم المؤاخذة" ؟!!.
عوض: الوصفات السحرية والحلول العملية لحل كل مشاكلنا الإقتصادية والسياسية والإجتماعية بعيدا عن تغير رئيس الحكومة كل يوم والثاني.
خلف: ول ... كل هاظ طلع معك وإنت بتحك براسك... هات سمعنا لنشوف.
عوض: في أربع وصفات طلعن معي بعتقد إنو فيهن علاج شافي ووافي لأكثر مشاكلنا... إسمع تاقلك:
الأولى: إنه الملك يجمع الفاسدين بعيدا عن أعين هيئة مكافحة الفساد والقضاء وهو بعرفهم كلهم طبعا لأنه هو إلي عينهم ويهددهم بالسجن إذا ما سدوا دين الدولة أو أكثره من المصاري إلي نهبوها.
خلف وقد بدأ يتغير لونه: والوصفة الثانية.
الثانية: إنه الملك يجرب عيشة موظف عادي ومرته مش موظفة وعنده ولدين "بس ولدين" وعايش بشقة بالإيجار... وبعدين يقرر إنه كرامتنا خط أحمر ولا لأ.
خلف وقد بدا خائفا بعض الشيء من جرأة "عوض": والوصفة الثالثة.
الثالثة يا مرحوم البي: إنه يتم ترويح وكحش كل الحرامية والمتنفذين من مناصبهم وعمل منافسه حرة وشريفة بعيدا عن الواسطة والمحسوبية لكل الوظائف العليا بالدولة... وهذا بصير بعد عمل تعديلات دستورية حقيقية تعيد السلطة للشعب فعلا لا قولا... وبعد إقرار قانون إنتخاب عصري أو حتى مغربي بس المهم يلبي طموحات أكثر أطياف المجتمع الأردني الحقيقي مش إلي بتنقيهم الحكومة وبطلعوهم على التلفزيون، ويصير عندنا حكومة حقيقية منتخبة وتتقسم المهام على السلطات الثلاث دون تحرش ولا استقطاب من سلطة على الثانية.
خلف وقد أغمض عينيه وبدأ يهم بالمغادرة: والرابعة يا "عوض" شو هي بسرعة بدي أروح أجدد وضوء قربت صلاة المغرب.
الرابعة يا جاري: إنه الملك يسمع من المواطنين مباشرة وبعيدا عن الزبانية والحاشية ويتابع ما يأمر به أيضا دون واسطات بينه وبين شعبه كلنا ستة مليون مش قد الصين ولا مصر ولا حتى سوريا "الله يفك كربها"... وإذا بده يريح حاله يخفف من هالمعونات والمكرمات والإعفاءات ويخليها كلها تابعة للوزارات المختصة بذلك أحسن ما يكون عنا دولة داخل الدولة.
خلف وهو واقفا يلتفت إلى "عوض" ليودعه فلا يجد "عوض" ... فيهمس قائلا:
معقول راح الزلمه يا جماعة... الزلمه كان يحكي من غيرته على الناس والبلد بس ما كان قصده يطول لسانه أبدا... يا جماعة هاظ "عوض" مش "عوض الله".