أين نحن منك يا عيد ؟
فيصل تايه ( الأردن )
ونحن نستقبل حلول عيد الاضحى المبارك .. بالتكبير والتهليل والفرحة صغارا وكبارا .. مع نسمات صباحه الأولى.. مرحبين بقدوم يوم المودة والصلة .. والخير والعتق من قيود النفس الشحيحة ..فمرحبا بك يا سعادة الغني بالبذل والعطاء .. وفرحة الفقير بسد الحاجة وتحقيق الأمنيات..
وإن كانت كلمة عيد تختزل في حروفها ومعانيها ومراميها كل ما هو جميل وخير.. فإنها
تنطلق من مناسبة حيوية مهمة .. حيث نعيش الفرح الكبير فيها .. ويحاول أن يمدّ هذا الفرح من خلال ما يمدّ به المناسبة في الذكرى تارةً .. وفي الممارسة تارة أخرى..
عيد يأتي لعله يجدد محبتنا لأنفسنا التي ذابت في ملفات الهموم وضاعت في زحمة الحياة وتعقيداتها .. وكل تلك الإفرازات السلبية التي تحاصرنا طوال العام.. عيد مبارك على المسلمين عامة.. وعلى كل من يريد أن يستشعر العيد بعيداً عن إحساس التأنيب المستمر .. والجلد الذاتي الذي يمارسه البعض على أنفسهم .
دعونا نحتفل بهذا المبارك بأحاسيس تخص كلا منا.. ولكنها تلتقي في احتفالية التطهر من العمل والسعي.. والحقد.. والحسد.. واستهلاك الأيام دون محاولة لتفتح أبوابها على لحظة حلم أو جمال!
وأنت في إحساسك المشروع .. بأن هذه أيام عيد .. وليست مجادلة تتأسف عليه .. وهو هكذا حاملاً كل هذه الهموم الحياتية التي أنت وغيرك يحملها .. ولكن الفرق بينكما أنك يجب أن تقرر أن تكون في حالة تصالح مع نفسك.. وفي حالة فصل دائم لتفاصيل الحياة المفرحة والمؤلمة
والعيد يعود كل عام.. مرتبطاً بالبهجة والسعادة ..فالعيد أفراح لا مكان للحزن فيه.. فالزمان يمر وله محطات يثير فيها كوامن النفس.. يزعج الخاطر.. يحرك الجوارح .. الساعات تمضي.. والشهور تمضي.. والسنوات تمضي.. تحمل فيها الذكريات الجميلة.. والذكريات الأليمة.. وما تصطنعه نفوسنا وأوهامنا.. فالعجلة تدور.. والفلك يدور.. وكل ما فيه يدور.. وخلال الدوران يقذف بعضنا خارج الدائرة.. ليستقر في حفرة أعدت بطوله وعرضه.. لتكون نزله إلى يوم يبعثون .. يأكله التراب.. حتى لا يبقى منه إلا ما هو مذكور.. والبقية تنتظر دورها في كل دورة.. كالحبوب إذا وضعت في الرحى.. والرحى يدور.. يطحن ما يمر عليه.. فما لم يطحن أولاً.. طحن في الثانية.. أو في الثالثة.. أو في الرابعة..حتى لا يبقى من الحب شيء.. { وما الحياة الدنيا إلا متـــــــاع الغرور}.
فها قد عدت يا عيد بموعدك الحتمي ؟ عدت من جديد بنفحاتك البهية والنورانية .. ونسماتك الإيمانية..عدتَ ولم تخلف الميعاد..لم تخلف الوعد..عدتَ بـموعدك الحتمي رغم كل شي ... تذكرنا بواقعنا الذي هو رغما عنا واقعنا .. ولن يتغير الميدان .. عدت تستنهض همم الرجال التي تؤول إلى ذكريات عبقت بها مخيلاتنا .. إلى تاريخ يعربي مشرف .. عدت والحدود ما برحت تفصل بيننا..عدتَ يا عيد..عدت وما تهيأنا بعدُ لقدومك.....
.. اعذروني أحبتي .. فما قصدت إلا أن أشارك الميعيدين فرحتهم و بهجتهم .. وعسى كل أيامكم أعيادا ..
وكل عام وانتم بخير .. وأردننا بخير
.... ودمتم سالمين ....
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com