هذه الايام تظهر الكثير من الاشارات السياسية التي تقول أن امريكا ودول الغرب تفضل الحوار مع بشار الأسد بدلا من قتاله والإبقاء على ابواب هذا الحوار مفتوحة بعيدا عن ضغوطات دول الخليج وبعض الدول الأوروبية التي وجدت نفسها تقاتل سوريا اعلاميا وحيدة بعد مرور ثلاث سنوات من معركة سوريا ، وفي تلك الحالة وقعت الكثير من الدول العربية في " حيص بيص " السياسة الأمريكية ووقفت عن طرح أية حلول على كافة الجهات وإكتفت بأن أخذت لنفسها قسطا من الراحة الذهنية بعيدا عن أزمة سوريا .
وهنا تبرز حقيقة سياسية تغفل عنها كل الدول العربية وهي أن السياسة هي عملية وبمفهوم السيرورة وليس عملية بمفهوم العقلية العربية والتي تتطلب النتائج قبل البدء بها ، وهنا أعرج على مفهوم كلمة عملية كما ترجم في كتب السياسية والاعلام بأنها " ظاهرة تتصف أحداثها والعلاقات التي تربطها بصفات الديناميكية والحركية والتغير والاستمرارية ، فلا بداية أو نهاية محددة لها ، واحداثها لاتخضع لتسلسل معين ، وتتفاعل عناصرها مع بعضها البعض بحيث يؤثر كل عنصر منها بالعنصر الأخر ويتأثر به " .
ومن هذا التعريف للعملية بالفكر الغربي نجد أن ما تقوم به امريكا وبعض الدول الغربية هي في لب مفهوم العملية ، وإذا توقعت قيادات المعارضة السورية ومن يركض خلفها من الدول العربية أن مجرد تحقيق نصر هنا أو هناك أو حضور مؤتمر هنا أو هناك يمثل نهاية للصراع السوري فهم واهمون ، وخصوصا أذا ما إطمئنوا للجانب الامريكي أو الغربي وطالبوه بالوقوف الى جانبهم بإعتبار أنهم مفصل رئيسي ومهم من مفاصل الثورة السورية .
وربما الدولة العربية الوحيدة التي لعبت من خلال مفهوم العلمية في الفكر الغربي في الأزمة السورية هي الأردن رغم حجم الضرر الإقتصادي والاجتماعي الذي اصابها للقرب الجغرافي بينها وبين سوريا ، إلا أنها إستطاعت أن ترسخ مفهوم العملية الغربية في تلك العلاقة وتحاول أن ترسخه لدى شعبها كافة وأن تؤكد لهم أن ليس في مصلحة الأردن أن يقف مع أي من أطراف الصراع السوري وفي نفس الوقت لابد من اللعب مع كافة الأطراف ضمن سيرورة الحدث السوري ، واللعب يختلف عن الوقوف لأن اللعب في النهاية يحقق الإنتصار للطرف الذي هو متأكد أنه لايراهن على ربح أو خسارة أرض المعركة واقعة في أرض غير أرضه بل هي أرض الأطراف السورية كافة .
والجانب الأمريكي يراقب اللعب الأردني من بعيد رغم أنه يخشى أن يتطرف الطرف الأخر من اللعبة " الأطراف السورية " في اللعب ويؤدي ذلك إلى خسارة الاعب الأردني ، ودول الخليج العربي تأكد خسارتها للعب مع الأطراف السورية وأصبحت الأن تلملم خسارتها المالية الكبيرة في المعركة السورية لأنها أعتبرت معركة سوريا مشابهة لمعركة ليبيا ومصر واليمن وغاب عن بالها أن سورية هي لعبة لها أكثر من قائد ويتم تبديل الأدوار بها من الهجوم للدفاع بشكل يومي ومستمر وأنها سيرورة سورية وليست عملية خليجية .