لا يوجد في الأفق ما يستدعي الحديث عن معضلات ومشاكل اقتصادية لأن كل شيء بات معروفاً ، معادلة اقتصادية بسيطة وأركان السياسة المالية والاقتصادية الأردنية باتت قابلة للتنبؤ بها ، في ظل المؤشرات التي تتكرر سنوياً ، ولا مجال لأن تختلف عن سابقتها .
أرى الآن بكل وضوح أن الحكومات تستغفل الشعب في وضعها لخطط مالية واقتصادية غير قابلة للتطبيق ، لعدة أسباب أهمها أنه قبل البدء بوضع أي مشروع يجب أن يتم البحث في مصادر تمويله ، وعلى الصعيد الحكومي يوضع المشروع ومن ثم يتم البحث عن مصادر تمويله، وهذا ما نشاهده في الأردن عبر تأجيل أو إلغاء الكثير من المشاريع التي تتضمنها الموازنات بحجة عدم قدرتها على إضافة قيمة عالية للاقتصاد وقدرتها على التشغيل ، أو لأن أحد المتنفذين قام بسحب موازنة هذا المشروع لحساب مشروع آخر ينفذ في مدينته ، أو لأن المشروع وضع مقابل الحصول على منح مشروطة من الدول المانحة والراعية .
محافظات تعيش في حالة من التخبط والفوضى وسوء في التخطيط ، ومن يقول أن الوضع غير ذلك فهو آثم ، والرسائل التي تنقل للملك من قبل الحاشية خاطئة ومضللة في كثير من الأحيان، فالشعب يعيش حالة احتقان سببها الرئيسي الظروف الاقتصادية الراهنة التي سببتها الحكومات على مر الزمان ، ومن ثم حالة الاحباط التي يعيشها نفر كبير من الشباب العاطل عن العمل بقصد أو بدون قصد .
فهناك محافظات بعينها أو عائلات بعينها تتمتع بنفوذ واسع في البلاد ، وأخرى تعيش على الهامش ، وهذا ما سبب حالة الاحتقان السياسي التي تدعى بالربيع العربي الذي مازال في بدايته في الأردن ولم ينتهي بعد كما يشاع حكومياً من قبل الطراونة نفسه وأتباعه.
موازنات توضع في كل عام من قبل دائرة الموازنة العامة والتي يفترض أن تأخذ بالاعتبار الأبعاد التنموية في جميع محافظات المملكة ، مليارات تصرف على رفاهية المسؤولين دون التفات إلى أدنى الحاجات والضروريات للشعب من نظافة أو صيانة شوارع أو أو ما الخ من هذه الضروريات .
في كل عام وتحديداً خلال الربع الثاني تبدأ الحكومة بإرسال رسلها إلى الدول الشقيقة للحصول على حزم مساعدات ، وهي التي من المفترض أن تخصص لتمويل عملية التنمية الاقتصادية ومشاريع الموازنة ، وفي كل سنة نعيش نفس الظروف ونفس التبعات والتداعيات السياسية والاقتصادية من عجز ورفع للأسعار .
ألم يعد لدينا مسئولين اقتصاديين قادرين على وضع موازنة متوازنة بعيدة عن العجز المتحقق سنوياً .اعتقد أن الجواب كان حاضراً وقد تحقق في عام 2006 على يد أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط ، وبسبب هذه الحالة الإيجابية الفريدة التي وصل إليها وضع المالية العامة ، والتي تحفظ ماء الوجه والتعفف لدولة ولشعب بأكمله ، ظهر باسم البهلوان ليجبر الوزير المعني على تغيير هذه الحالة الإيجابية إلى حالة عجز مزمن لاستمرار الحصول على المساعدات ، بصفته عراب الفساد المالي في الأردن وبحكم منصبه في تلك الفترة .
إذن موضوع العجز المالي في الأردن مسيس بدرجة كبيرة ، وهذا الواقع يستدعي من الدول الخليجية وفي مقدمتها العربية السعودية ، أن تقوم بمراجعة شاملة لما تقدمه ، على أن يكون مشروط بمشاريع منتجة وتحت إشراف مباشر من قبل السفارة السعودية في المملكة .