زاد الاردن الاخباري -
بعد أن يقضي أهل القرى المجاورة حاجاتهم بيعاً وشراء, يهدأ المركز التجاري لوسط مدينة اربد وينام مبكرا, كما يهدأ الحراك التجاري في شارع الشهيد وصفي التل المعروف بشارع السينما, في الوقت الذي يستعد فيه شارع شفيق ارشيدات /شارع جامعة اليرموك لخطوات الطلبة البطيئة وخطوات ابناء المدينة وجمع من ابناء الريف المجاور بعد ان تمضي الساعة باتجاه السابعة مساء.. هذه هي الكزدرة كما يحلو للغالبية تسميتها.
وقبل ان ينام وسط المدينة, يكون المركز التجاري لمحافظة اربد قد شهد ابلغ حراك تجاري وبشري ابتداء من الساعة السابعة صباحا وحتى ما بعد اذان المغرب بقليل, وقتها تبدأ المحلات التجارية باغلاق ابوابها استعدادا لمغادرة غالبية اصحابها الذين جاءوا من الارياف والوية المحافظة ومن خارج المدينة, وايضا استعدادا لرحيل زوار المركز التجاري ممن اتوا من القرى المجاورة للالتحاق بآخر باص يقلهم باتجاه البلدة.
ورغم الجهود المتواضعة التي بذلها غير مسؤول في المحافظة معني بتجارة ونشاط المدينة في اوقات المساء غير ان كافة المحاولات باءت بالفشل ولم تتمكن المجالس البلدية المتعاقبة منذ اكثر من 30 عاما ومجالس الغرفة التجارية المتعاقبة من ثني الوسط التجاري عن النوم مبكرا ليمنح المدينة المزيد من وقت المساء لاغراض البيع والشراء وربما "الكزدرة " ايضا في قلب المدينة العتيقة.
مقابل ذلك الهدوء والنوم المبكر, يشهد جنوب المدينة حراكا يمتد الى ما بعد منتصف الليل وقد يمتد الى ساعات الصباح الاولى خاصة في مثل هذا الوقت من السنة /فصل الصيف الذي يشكل احد ابرز عوامل الحراك في الجنوب نظرا لاكتظاظه بمساكن طلبة الجامعات من جنسيات عربية وآسيوية يزيد عددهم على 20 الف طالب وطالبة, ونظرا لكثافة كافة المرافق الخدمية من مطاعم ومقاهي انترنت ومكتبات واشياء لها ارتباط بتفاصيل احتياجات الطلبة وغيرهم.
ويجد الزائر للمدينة وحتى ابناء المحافظة الفوارق العشرة التي تفصل بين المدينة العتيقة وسط اربد, والمدينة الحديثة "جنوب اربد " ويدخل في عملية مقارنة بين الوسط والجنوب للتوصل الى ان اربد الوسط ما زالت تعيش اجواء القرية الكبيرة, فيما يعيش جنوب المدينة ليالي اشبه بمدن اوروبية.
في العشرينيات كانت اربد بمثابة قرية صغيرة, تضاعفت مساحتها الى اكثر من200 مرة خلال 80 سنة, وفق ما يقوله المؤرخ محمود عبيدات الذي يرى ان الفوارق العشرة في المدينة ادت الى احداث تغييرات لم تخطر على بال مثل : تمدد المدينة, اتساع حركة البناء, رواج ثقافة الشقق السكنية التي لم تكن سائدة حتى نهاية الثمانينيات, المطاعم السريعة وبالاخص الامريكية, مقاهي الانترنت, التغير في نمط حياة ابناء المدينة, الصحون اللاقطة, ازدياد عدد المركبات, رواج روح المدينة وتراجع الانماط التقليدية, وازدياد عدد السكان بشكل لافت.
هذه الفوارق وفق المؤرخ عبيدات زادت في احداث التغييرات في المدينة بالاضافة لغزو المدينة بانماط ثقافية جديدة فرضت نفسها بعد احتلال امريكا للعراق وما رافق ذلك من متغيرات ديمغرافية سريعة.
في الاربعينيات كان عدد سكان اربد لا يتجاوز ال¯ 5000 نسمة, الامر الذي ادى الى ان يعرف اهل اربد كل ما يحدث فيها من افراح واتراح ومناسبات صغيرة كدلالة على صغر حجمها وقلة عدد سكانها آنذاك بعكس ما هي عليه الان.
وساهمت ثقافة المقاهي القديمة في الاربعينيات وحتى اواخر السبعينيات في جعل المدينة اكثر قبولا وحضورا, وتمكنت عدة مقاه مثل "المنشية" و "العمال" و"الكمال" و "الاريزونا" و "القيروان" في ان تكون "هايد بارك" المدينة في التعبير والنقد وبحث امور المحافظة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
وفي الأفراح والاتراح, والمناسبات الاخرى تتذكر إربد المدينة أصولها الريفية والعشائرية, ويحضر المنسف في عدة مناسبات ليجمع الاقارب والأباعد على طبق واحد..لكن على نطاق ضيق بعد اتساع المدينة بشكل مذهل.0
العرب اليوم - عدنان نصار