زاد الاردن الاخباري -
يبدأ أبو العبد رحلته اليومية باكرا متنقلا بشاحنته الصغيرة بين الاحياء لشراء او التقاط خردة المعادن المهملة ، التي تلقى رواجا في قطاع الصناعة وتأييدا من نشطاء البيئة.
ويعد ابو العبد (تاجر الخردة) احد الافراد الذين يمارسون هذا العمل الذي يعدونه مهنة لهم ، ويسمونها " مهنة الفقراء" والتي يبلغ حجم تداولاتها بحسب تقديرات متطابقة 55 مليون دينار سنويا يتنافس فيها ما يزيد على 75 الف تاجر ومتعامل.
وطالب مستثمرون وشركات عاملة في الخردة بضرورة التوجه لسن تشريعات وقوانين يمكنها تنظيم عمل الشركات ووضع ضوابط بيئية ومهنية عالية المستوى تحد من فوضى التجميع وتدعم الجهود الرامية إلى تنظيم النشاط.
وتتركز المنافسة في سوق الخردة على توفير اكبر كمية من المعادن المستعملة والتي يتم الاستغناء عنها ببيعها الى حلقة تجارة وسطى تتولى تصنيفها حسب اصنافها المعدنية ثم بيعها إلى مصانع الحديد او لتجار الطبقة العليا الذين يقومون بصهرها او اعادة تصديرها الى الخارج .
وشهدت اسعار خردة الحديد التي يقارب حجم تجارتها 40 مليون دينار ارتفاعا بنسبة 70 بالمئة اذ وصل سعر الطن بداية الشهر الحالي الى 230 دينارا مقابل 150 دينارا في الاشهر السابقة .
وتقوم فلسفة الربح الوفير لهذه التجارة على منطق بسيط، وهو تحويل سلعة معدومة القيمة لدى صاحبها إلى عالية القيمة لدى طرف آخر، اذ ان تحفة قديمة من النحاس ملقاة في القمامة ، تمثل مغنما لدى تاجرالخردة حين يبيعها لتاجر في الحلقة الاخيرة ليقوم بتصديرها الى الخارج.
وتشير بيانات دائرة الاحصاءات العامة الى ان صادرات الاردن من خردة وفضلات النحاس بلغت في العام الماضي 3 الاف طن بقيمة 5 ملايين دينار، فيما بلغت الصادرات من الحديد 103 مليون دينار في العام 2009مقابل 379 مليون دينار للعام 2008 .
ويوضح أنس تاجر خردة في منطقة الرقيم جنوبي عمان ان لهذه التجارة أسرار لا يعرفها إلا لمن عمل فيها، مشيرا الى انه كلما ذكرت كلمة "تاجر خردة" تصور الناس في أذهانهم ذلك الشخص الذي يصبح مليونيرا في مدة وجيزة، ويتمكن من اختراق صفوف الأثرياء .
ويتابع انس غير أن تلك الصورة مبالغ فيها فالواقع أن تلك المهنة شاقة والتراكم المالي يحتاج الى سنوات، مع السعي المستمر بلا كلل.
ويضيف " تاجر الخردة يبدأ حياته من الشارع، حيث يكون صبيًّا يتعلم أسرار العمل، ثم يتدرج حتى يصبح صاحب تجارة بعد أن يجوب الأسواق طولا وعرضا".
ولأنها تجارته التي عشقها منذ الصغر, فهو يفهم تفاصيلها وكل أسرارها, فالخردة كما يقول:"هي عالم واسع وتجارة ليس لها حدود, حيث تضم كل بقايا ورش المنشآت الصغيرة مروراً بمخلفات المنازل مثل الأجهزة الكهربائية وغيرها، وانتهاء بالمسامير الصغيرة مختلفة الأشكال والأحجام التي تدخل في صناعة كل شيء".
وبين ابو العبد ""إن لكل قطعة خردة زبونها ، فقطعة الأثاث يطلبها تجار بيع الأثاث القديم، وقطع غيار الأجهزة الكهربائية يطلبها تاجر تصليح هذه الأدوات، أما خردة السيارات فزبائنها أصحاب السيارات والميكانيكي بالإضافة إلى المصانع التي تشتريها وتعيد صناعتها، مؤكدا ان الإقبال على هذه السلع كبير جدا.
مدير احد مصانع صهر المعادن في مادبا يقول: نحن نحصل على الخردة لاعادة صهرها او تصديرها الى الخارج من خلال ورش الحدادة وتصليح الاليات من قطع الغيار المتساقط واستهلاك الآلات القديمة الموجودة بالاضافة الى التجار المتجولين واصحاب المستودعات عبر عقود التوريد وبالأشكال كافة كالبالات والفلت والثقيلة .
ووصف المدير التنفيذي لشركة حديد الاردن عماد بدران الخردة بانها ثروة وطنية اذ ان إعادة تصنيع الحديد يمثل مكسبا للدولة فعوضا عن استكشاف الحديد وما يمثله من تكاليف باهظة تقوم الشركات بإعادة تصنيع الحديد الخردة وفق آلية لا تفقد من قيمته العضوية في وقت تقل فيه كثيرا التأثيرات على البيئة عكس استخراج الحديد الخام من الأرض.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة أصدرت قرارا يمنع تصدير خردة الحديد اعتبارا من اذار من العام الماضي اذ تمنع اغلب دول العالم تصدير الخردة لاعادة تدويرها والاستفادة منها .
وتخوف بدران من الارتفاع المفاجئ لاسعار الحديد وخصوصا الخردة قائلا : " ارتفعت الاسعار تقريبا 70 بالمئه خلال شهر ونصف الشهر الماضيين واحتمالات هبوطها وارد بدرجه كبيرة " مشيرا الى ان التفاوت الكبير في الاسعار خلال العامين الماضيين.
وبين ان 90 بالمئة من انتاج الحديد في الاردن يتم بوسطة صهر الخردة واعادة تصنيعها، مبينا ان خردة الحديد تشكل ما نسبته 65 بالمئة من حديد البلت المنتج حيث تتم اضافة الكربون والمغنيسيوم ومواد اخرى لتشكيل الحديد وذلك لعدم جودة الخردة المتداولة.
ودعا تاجر الخردة في الرقيم جنوبي عمان عبد الفتاح الخرابشة الجهات الرسمية الى تنظيم تجارة خردة وتصحيح الطرائق العشوائية التي تنتهجها بعض المؤسسات والأفراد اذ يجب ان تكون هناك أنظمة وقوانين تنظم عمل جامعي الخردة بحيث يتم الشراء منهم بعقود بيئية ونظامية وقانونية تضمن مصادر هذه المواد.
بترا