زاد الاردن الاخباري -
سهير بشناق -يقطعون مسافات ترافقهم احلامهم الطفولية البسيطة , وفرحهم بأنهم سيقرأون كتابا ويتعلمون حرفا ويدونون في صفحات دفاترهم كلمات ستنقلهم الى عالم شعاره العلم والمعرفة.
فبالرغم من صعوبة وقسوة اوضاعهم الحياتية الا ان طلاب القرى الذين يعيشون في بيوت شعر وخيم يجدون في العلم والمدارس الطريق الوحيد امامهم لتحسين مستقبلهم.
الاربعاء الماضي واثناء اطلاق جلالة الملكة رانيا العبدالله المرحلة الثالثة من مبادرة مدرستي عبرت طالبات في المرحلة الابتدائية عن معنى المعاناة الحقيقية التي يعيشونها في مدارسهم والتي لا تتوقف عند حدود سوء اوضاع هذه المدارس فحسب بل وصلت الى الصعوبة التي يواجهونها اثناء ذهابهم ورجوعهم من خيمهم الى مدارسهم.
تقول معلمة في مدرسة قريقرة الابتدائية المختطلة «اضافة الى اوضاع المدرسة المتردية فان الطلاب والطالبات يقطعون مسافة تتجاوز ( 4 ) كم مشيا على أقدامهم ,للوصول الى مدارسهم».
واضافت «هؤلاء الطلاب في المرحلة الابتدائية الاولى وهم لا يزالون صغارا يحملون حقائبهم على ظهورهم ويقطعون هذه المسافة ليتعلمون لكنهم يجدون مدرسة لا تلبي احتياجاتهم لان اوضاعها سيئة».
واكدت المعلمة ان هؤلاء الطلاب يعيشون احباطات متتالية كونهم يعيشون حياة قاسية ناتجة عن ظروفهم الاجتماعية ويجدون امامهم مدارس اوضاعها متردية.
وبينت المعلمة ان اوضاع المعلمات في هذه المدرسة ليس بافضل حال من الطلاب فالمدرسة تفتقر الى حضانة لتتمكن المعلمات من الحاق اطفالهن بها ... لا يوجد سوى غرفة المقصف لافراغها لتصبح حضانة الا ان المشكلة التي تواجه المدرسة في حال تخصيص المقصف ليصبح حضانة تتمثل في الغاء المقصف الذي تعتمد عليه الطالبات كثيرا.
جلالة الملكة رانيا العبدالله تمكنت من بث الامل وتغير العديد من المدارس التي شملتها مبادرة مدرستي في المرحلتين الاولى والثانية فاصبح طلاب هذه المدارس ينعمون باجواء مدرسية مناسبة استبدلت احزانهم وهمومهم الصغيرة الى فرح وتفاؤل بمستقبل افضل لكن من يستمع الى قصص طلاب المدارس التي ستشملها المرحلة الثالثة من مبادرة مدرستي وهي مدارس في الطفيلة والعقبة والكرك .. يكتشف ان رغبة هؤلاء الطلاب وتشوقهم للعلم لم تتوقف لحظة واحدة بالرغم من سوء اوضاع مدارسهم فالكثير منهم تمكن من تحقيق انجازات رياضية رغم عدم توفر الادوات والوسائل الرياضية واهمها تردي ساحات مدارسهم التي في كل مرة يلعبون بها تشكل خطرا على حياتهم.
جلالة الملكة رانيا العبدالله في كلمتها التي القتها في اطلاق المرحلة الثالثة من مبادرة مدرستي قالت» ان التعليم لأيّ أردني هو الأساس الذي يطمح إليه ليقيم عليه حياته. وكان وما زال لنا أولوية .. حتى قبل الثورة الإلكترونية، بل وقبل دخول الكهرباء إلى البيوت.. كان التعليم شاغل كل أم أنارت لابنها لمبة الكاز ليحفظ على ضوئها دروسه، وكان أمل كلّ شاب جلس تحت مصابيح الشوارع يذاكر ويقرأ».
فكلمات جلالتها هذه هي الواقع الحقيقي الذي تعيشه هذه الاسر وابنائها في هذه المحافظات وهو واقع لا يعلمه طلاب كثيرون ينعمون في مدارس اوضاعها مناسبة للطلاب مما يؤكد ان الرغبة في التعليم والتقدم رغبة تتحدى الظروف الحياتية الصعبة التي ما تزال تعيش بها اسر كثيرة لا تملك سوى لمبة الكاز لتشعلها لابنائها ليتعلمون كلمات تبث في نفوسهم الامل لغد افضل ودعاء امهات يودعون ابنائهم طليعة كل صباح وهم يذهبون لمدارسهم بالرغم من انهن لا يستطعن القراءة والكتابة.
وان كان هناك دورا كبيرا يقع على عاتق الاسر في حث ابنائهم على الاستمرار في التعليم ودور للمجتمع المحلي في دعم مدارس اوضاعها سيئة فان مبادرة مدرستي التي اطلقتها جلالة الملكة رانيا العبدالله قبل عامين انجزت الكثير فهي تمكنت من الوصول الى إلى قلب وعقل 115 ألف أسرة، لها أبناء وبنات في 200 مدرسة، في ست محافظات من محافظات المملكة.
وعملت على خفض معدل تسرب الطلاب في عدد من المدارس بعد شمولها في «مدرستي»، وزيادة نسبة نجاح الطلاب في امتحانات الثانوية بنسبة 10% في 85 مدرسة مشمولة بـ»مدرستي.
ويؤكد اخصائيون في التربية وفي مرحلة الطفولة المبكرة على اهمية مبادرة مدرستي في حياة الاطفال كون اوضاع المدارس تلعب دورا كبيرا في حياة الطالب.
واشاروا الى ان هناك من لا يتفهم معنى ان يجلس الطالب على مقعد مكسور وان ينظر الى لوح مثقوب وان تمتلىء الغرفة الصفية ب ( 46 ) طالبة ... وان لا يجدون اي وسائل ترفيهية في مدارسهم وان يفتقدون وجود هذه الامور في مدارسهم.
واكدوا ان غياب كل هذه الامور ينعكس سلبا على حياة الطلاب الذين بالرغم من ظروفهم التعليمية والحياتية السيئة الا انهم يستمرون في الذهاب الى هذه المدارس التي لا يجدون فرص بديلة توفر لهم ما يحتاجونه. وتبقى مبادرة مدرستي التي اطلقتها جلالة الملكة رانيا العبدالله قبل عامين مبادرة خير ادخلت الفرح لنفوس الطلاب الذين تلمسوا معنى التغير في مدارسهم واصبحوا قادرين على المحافظة على كل ما هو جديد لانهم شعروا بمعنى ان يجدوا في مدارسهم ما يريدونه.
وان كانت مبادرة مدرستي قد اشركت المجتمع المحلي والقطاع الخاص في انجازاتها فان اشراك طلاب في مدارس اوضاعها جيدة وينعمون طلابها ببيئة مدرسية وصفية مناسبة في تحسين اوضاع المدارس السيئة خطوة هامة تسهم في تعريف هؤلاء الطلاب بمعاناة طلاب مدارس لا تقارن بمدارسهم ... علهم يتوقفون عن التذمر المستمر والشكوى التي يكون سببها عدم رضاهم عن بعض النواقص في مدارسهم والتي ان عرضت على طالب يذهب الى مدرسة وضعها سيء من كافة الجوانب سيبادر بطرح سؤال : لو كنت ايه الطالب مكاني وذهبت الى مدرسة تفتقر كل شيء من صفوف مناسبة ومرافق صحية وساحات ومختبرات وانوار وتدفئة ... كيف سيكون وضعك ... والى اين ستتوجه احلامك المستقبلية ؟؟؟
الرأي