كتب: محمد حسن العمري
***
ربما كان هذا المشروع هو الرهان الباقي لانقاذ الحكومة الاردنية من ازماتها، فقد استطاعت الحكومة الحالية ان تلملم ما انفرط مع الحكومة السابقة من ترهل هذا المشروع الرائد والذي يلامس شريحة واسعة من المواطنين وان تجعله بلا منازع (سوبر ستار ) الحكومة القائمة بدون تصويت ، وهو ما لا نختلف عليه جميعا!
قادني الفضول الى فتح الموقع الالكتروني لوزارة الاشغال العامة والاسكان ، للاستزادة فالاشادة في المشروع ، وجدت نحو عشرين خبرا على الموقع الالكتروني منها 18 خبرا فقط عن السيد معالي الوزير (!!!) ،وليس ثمة خبر واحد عن المشروع الا في سياق الحديث عن الوزير نفسه ،هذا المشروع النوعي في تاريخ الاردن الذي لو قدر له الاستمرار بنفس الحماس القائم اليوم ، وقد قارب على نحو 10 الاف شقة ما يعادل 50 الف مواطن اردني بالمتوسط ولو تم المشروع على ما هو عليه فانه سيطال نحو نصف مليون مواطن في غضون خمس سنوات ، وهي 10% من الاردنيين المقيمين على ارض الاردن ، وهو بذلك يكون مشروعا واقعيا وليس بروتوكوليا او اعلاميا ، فهو يحل مشكله حقيقة واقعة لنسبة كبيرة من السكان ، حيث لا تتوفر احصائيات دقيقة عن عدد السكان الذين يعانون ازمة سكن ، لكنها في اسوأ الظروف اقل من نصف عدد السكان ..!
باستثناء العاصمة عمّان والزرقاء ، فان بقية محافظات الاردن يبلغ سكان الضواحي اكثر من سكان المدن نفسها ، فمحافظة اربد يسكن اكثر من نصف سكانها خارج اربد نفسها ، وهو ما ينطبق على نحو عشرة محافظات من اصل اثنى عشر محافظة ، ومشكلة السكن في الواقع هي مشكلة مدن في الاصل ، فنادرا ما تجد من سكان الارياف والبوادي من لا يمتلك مسكنا وان كان متواضعا ، فحتى ذوي الدخل المحدود والمتوسط في الارياف والبوادي بمجرد عملهم يبدأون بالعمل على انشاء مسكن ولو بالحد الادنى من المساحات والاضافات المتوافقة مع الدخل المتواضع ،وهو ما نجده في القرى الملحقة باكثر المحافظات الاردنية ، وتبقى المشكلة قائمة في المدن الرئيسة او لابناء القرى الذين يعملون في المدن الرئيسة ، وفي حدود معرفتنا بامتلاك عدد كبير غير مدرج باحصاء رسمي من ابناء المدن او العاملين في المدن اوالمغتربين شققا وبيوتا داخل عمّان وبقية المدن الاخرى ، يمكن القول ان حل ازمة 10% من السكان هو حل لازمة نحو نصف عدد السكان الذين يعانون مشكلة السكن سواء بالايجار المرتفع غير المتناسب مع الدخل او بالعيش مع ذوييهم في ظروف سكنية صعبة خارج المعقول..!
المشكلة اليوم وانا ابحث عن تفاصيل اكثر في موقع وزارة الاشغال ،وكنت قد استمعت بالامس من معالي الوزير عبر التلفزيون الوطني الى الكثير عن المشروع وما سيتم من خطوات لاحقه في ترويج المشروع عبر وسائل الاعلام المتاحه ، وهو ما لم التمسه اطلاقا عبر موقع الوزارة ، والذي بالفعل كان موقعا خاصا بنشاطات الوزير لا بنشاطات الوزارة حيث يعتبر هذا المشروع الذي جاء بمبادرة ملكية خاصة ، هو اهم نشاطات هذه الوزارة ، ولو تم استثمارها بالوضع الصحيح فهو ليست مجرد نشاط او مشروع عادي لوزارة ، هي في الواقع بيضة قبان ثقيلة في كفة ميزان الحكومة..!
***
من الممكن تسجيل بعض الملاحظات القلية على المشروع دون الانتقاص من شأنه على كل الاحول ، فالمشروع السكني الضخم سيطال شريحة واسعة من الاردنيين ، ولا بد من الاستماع الى اراء المؤهلين للسكن ،خصوصا في ما يتعلق بزيادة المساحات الضيقة للغرف والشقق اجمالا ، ولو بنسبة مقبولة ، تتناسب كذلك مع القسط الشهري المدفوع ، فالمعروف ان دفع قسط يعادل الاجرة الشهرية للفترة الحمدة بالمشروع تعني ان هذه الشقة تعتبر شقة العمر بالنسبة للمستفيد ، ولا يمكنه استبدالها بعد 20 سنة مثلا ، وهذا ما يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار فالعائلة التي يبلغ افردها اليوم نحو اربع افراد ليست هي العائلة بعد 20 سنة ، كذلك لا يجب التركيز الاعلامي على فكرة ان الشقة هي للدخل المحدود وادراج ذلك في قائمة فقراء البلد ، فالحال مختلف جدا ، ثمة اطباء واساتذة جامعات ومهندسون يتقاضون رواتب لا تتعدى 500 مائة دينار مثلا غير قادرين على توفير شقة خارج اطار هذا المشروع ، لذلك يجب تسويق المشروع باعتباره مشروع الاردنيين –كل الاردنيين- ولا يتم حصره بكلمة الدخل المحدود ،فيما بقية المطالب كالخدمات التجارية فيمكن تكفيلها للقطاع الخاص الذي سيتفيد بالطبع من المشروع في وجود كثافة سكانية تحتاج الى اسواق ومدارس و اماكن ترفيه وغيرها..!
مشروع نوعي بالتأكيد ، ويد القائمين عليه لا تصفق لوحدها ، ونرجوها ان لا تصفق لوحدها ،فهذا مشروع ملكي ، اردني ، وطني بكل اطياف الوطن ، مشروع كريم لسكن كريم ، يا كريم!
pharmomari@hotmail.com