يثبت الهاشميون دائما على مر العصور ؛ أنهم الأحرص على الأماكن المقدسة في القدس. فمنذ عهد الشريف الحسين بن علي ، الذي ضحى من اجل القدس، مرورا بالملك المؤسس عبدالله بن الحسين، الذي استشهد على ابواب الاقصى ، الى ان استلم الراية الملك الحسين بن طلال ، الذي أولى الأماكن المقدسة في القدس العناية والاهتمام باعادة اعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة عام 1954م ، ثم عام 1969 بعد احراقه من قبل الصهاينة . وواصل العمل على اعمار قبة الصخرة المشرفة وتذهيبها في عام 1994م. كذلك اعمار المآذن الاربعة الموجودة حول المسجد الاقصى. واستمر النهج الهاشمي الى عهد الملك عبدالله الثاني الذي لم يأل جهدا في دعم صمود أهل القدس، والعمل على ترميم وصيانة المسجد الاقصى، واعادة بناء منبر صلاح الدين الايوبي الذي اقدم الصهاينة على حرقه عام 1969م. وقد اوعز جلالته بتقديم الدعم المالي للقائمين على المسجد الاقصى من مؤذنين وحرس وقائمين عليه ، للوقوف والثبات والتصدي للاعتداءات الاسرائيلية على المسجد الاقصى. وشاهدنا وسمعنا جميعا من جلالته حين قال \" ان القدس خط احمر لانسمح بتجاوزه وسنواصل دورنا في حماية الاماكن المقدسة فهي امانة حملناها أبـا عن جـد وسنستمر في أدائها بكل امكانياتنا وقدراتنا\".
بعد كل هذه التضحيات تطلع علينا محاولات من بعض من كانوا في القمة العربية في سرت بالالتفاف على الدور الاردني الهاشمي ووضع العصا في الدولاب ، حيث تمخضت القمة ؛ بأن رصدت مبلغ خمسمائة مليون دولار للقدس . وهنا نتساءل جميعنا كيف سيتم ايصال المبلغ المرصود للقدس واهلها ؟ وهل هناك آلية أو لجنة نزيهة تشرف على ذلك؟ وهل ستوافق اسرائيل على ادخال وتوزيع المبلغ؟. ولماذا جاء هذا التبرع السخي متأخرا بعد ان استولت اسرائيل على الاراضي وأقامت المستعمرات؟
ونلاحظ ان حكومة نتنياهو تسرع الخطى نحو تهويد القدس وما تتعرض له المدينة المقدسة من هجمة استيطانية شرسة ، الا البرهان الأكيد على ذلك التهويد. وقد أضحت ساحات المسجد الاقصى تفتقد لجموع المصلين الذين كانوا يملأون الساحات سابقا عن بكرة ابيها ، فأخذت اسرائيل تمنع المصلين من هم تحت سن الخمسين ، للصلاة في المسجد الاقصى وتمارس التهويد المبرمج كعمليات الحفر واعادة بناء كنيس الخراب.
ان ماتتعرض له القدس من هجمة استيطانية شرسة تستهدف مافوق وتحت المسجد الاقصى وقيام اسرائيل بهدم أحياء وحارات عربية وافراغ القدس من مواطنيها العرب من خلال احتلال بيوتهم وترك قطعان المستوطنين يستولون على تلك البيوت لهو دليل على ان العرب والمسلمين يغرقون في صمتهم ومعهم جماعة اوسلو ولايحركون ساكنا سوى التصريحات والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة. ولا ندري ماذا جنت هذه المفاوضات طيلة العقد الماضي؟ بل على العكس فقد أخذت اسرائيل في التمادي بقضم الاراضي واقامة المستعمرات أمام ناظري جماعة اوسلو. ان بعض الدول العربية لاتسمح بمظاهرات شعبية لنصرة القدس ولانسمع غير الخطب والتصريحات الجوفاء التي لم توقف جرافات العدو لتبتلع يوميا قطعة بعد قطعة من القدس العربية ، بالاضافة الى الانقسام الفلسطيني والصمت العربي والاسلامي لفرض وقائع وواقع على الارض.
ان حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة تضرب بعرض الحائط كل القوانين ومعها اتفاقية اوسلو التي أتاحت لاسرائيل ان تستفرد بأراضي الضفة الغربية وتحولها الى اراض متنازع عليها بدلا من اراض محتلة. بالاضافة الى ان هذه الاتفاقية أجلت مناقشة الاستيطان حتى التفاوض على قضايا الوضع النهائي.
وتقوم حكومة نتنياهو باستغلال الانقسام الفلسطيني والضعف العربي فتوعز لقطعان المستوطنين باستباحة المسجد الاقصى وساحاته ومهاجمة المصلين . ونتساءل: ماهو موقف العرب والمسلمين اذا ما انهار المسجد الاقصى (لاسمح الله) نتيجة الحفريات؟ المسجد الاقصى يستغيث قبل وقوع الكارثة.
الكاتب / بسـام العـوران
e-mail: Bassam_Oran@hotmail.com